وسائل الإعلام الحكومية في إيران تكشف إخفاقات إدارة بزشکیان

موسى أفشار

سلطت وسائل الإعلام الإيرانية الحكومية، التي تعتبر عادة أداة ترويج للنظام، الضوء بشكل غير متوقع على الإخفاقات الكبيرة لإدارة بزشکیان في أول 100 يوم لها.

الخليج بست

سلطت وسائل الإعلام الإيرانية الحكومية، التي تعتبر عادة أداة ترويج للنظام، الضوء بشكل غير متوقع على الإخفاقات الكبيرة لإدارة بزشکیان في أول 100 يوم لها. وجاءت هذه الاعترافات، التي تمت صياغتها بحذر ضمن إطار النقد، لتظهر صورة قاتمة من الركود وسوء الإدارة والوعود غير المنفذة، كاشفة عن حكومة تبدو أكثر اهتمامًا بالحفاظ على قبضة النظام على السلطة من معالجة الأزمات المتزايدة.

وكانت سوء الإدارة الاقتصادية على رأس الانتقادات الموجهة. ووفقًا لتقرير موقع همشهري أونلاين (14 نوفمبر)، شهدت إدارة بزشکیان أسرع تراجع لقيمة الريال في الأيام الأولى لأي إدارة منذ الثورة. وأفاد الموقع بأن “سعر الدولار في السوق الحرة ارتفع من 59,100 إلى 69,500 ريال، بانخفاض حاد بنسبة 17%.”

كما أشار الخبراء إلى غياب الإجراءات الجوهرية من قبل الحكومة. وصرّح الخبير الاقتصادي كامران ندري في صحيفة هم‌میهن: “باستثناء مناقشات الميزانية ومحاولات رفع سعر صرف نظام نیما (نظام عملة عبر الإنترنت) ليقترب من سعر السوق الحرة، لم يتم اتخاذ أي إجراءات ملموسة. ولا يزال سعر الدولار في السوق الحرة يرتفع، محافظًا على الفجوة، بينما لم تُقدم الميزانية بعد للبرلمان بشكل نهائي.”

وبالمثل، تناول موقع تابناك(13 نوفمبر) فشل الحكومة في معالجة القضايا الجوهرية، حيث قال: “على الرغم من اتخاذ الحكومة خطوات صغيرة ولكنها ذات دلالة في مجالات مثل الدبلوماسية والعدالة الاجتماعية، فإن هذه الخطوات لا تتماشى مع وعودها. لا تزال العديد من القضايا العميقة والهامة في الاقتصاد ومعيشة الناس دون حل.”

وفيما يتعلق بملف الرقابة على الإنترنت، انتقد تابناك الحكومة لتقاعسها عن الوفاء بوعودها برفع الحجب. وأشار الموقع إلى أنه “لم يتم اتخاذ أي إجراء، وبقيت الوعود مبهمة، مع دعوات للصبر فقط.”

وبدورها، أثارت صحيفة شرق تساؤلات حول دعوات بزشکیان لـ”الوحدة الوطنية”، مشيرة إلى غياب النتائج الملموسة لهذا الخطاب. وأضافت الصحيفة أن تعيين محافظين سبق لهم معارضة الرئيس “يثير الشكوك حول ما إذا كانت هذه وحدة حقيقية أم مجرد استعراض سياسي.”

كما واجهت الإدارة انتقادات بسبب تبنيها لقانون “الحجاب والعفة” في أكتوبر، الذي زاد من التوترات بدلاً من تخفيفها. وذكرت صحيفة شرق أن القانون “قوّض مزاعم الحكومة بالتعددية”، مما زاد من استياء الجمهور.

وأعربت صحيفة مشرق نيوزعن قلقها بشأن فعالية الإدارة خلال أول 100 يوم، مشيرة إلى عدم قدرتها على معالجة “المشاكل الرئيسية للشعب”، خاصة في مواجهة التحديات الاقتصادية. وانتقدت الصحيفة اعتماد الحكومة على خطوات رمزية بدلاً من إصلاحات حقيقية.

وعبرت  وکالة جهان نيوز عن موقف مشابه، مشيرة إلى أن المبادرات الصغيرة، مثل زيادة أجور الممرضين، تعد “حلولًا مؤقتة للمشاكل الهيكلية التي لا تزال تتفاقم.”

وحذرت هم‌میهن من تزايد السخط الشعبي، مشددة على أن غياب استراتيجية واضحة لمعالجة التضخم والبطالة والاستياء العام “يهدد بتآكل الشرعية الهشة للإدارة.”

أما صحيفة جام جم فقد اعتبرت أن الإدارة منشغلة أكثر بالمحافظة على استقرار النظام بدلاً من تنفيذ إصلاحات جذرية. ووصفت نهجها بأنه استراتيجية “لشراء الوقت” مع قرارات “محسوبة لتجنب المواجهة بدلاً من حل الأزمات.”

تظهر عواقب تقاعس إدارة بزشکیان بوضوح متزايد، مع تصاعد معدلات التضخم والبطالة وتفاقم التفاوت الاجتماعي، مما يغذي إحباطًا عميقًا بين الشعب الإيراني. وقد كشفت الأيام المئة الأولى لهذه الحكومة عن فشلها في معالجة الأزمات الأكثر إلحاحًا في البلاد، مما يجعل النظام أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

ومع الذكرى الخامسة لانتفاضة 2019، يجد النظام نفسه في وضع أكثر خطورة، مع موارد أقل لقمع الاحتجاجات وشعب يزداد سخطًا. وفي ظل تضاعف معاناة الإيرانيين وانخفاض الثقة العامة إلى أدنى مستوياتها، باتت الأسباب التي دفعت إلى احتجاجات 2019 أكثر إلحاحًا. ويبدو أن الشعب الإيراني لديه اليوم أسبابًا إضافية للنهوض مرة أخرى، مما يشكل تحديًا وجوديًا لنظام يركز جهوده على بقائه بدلًا من حل أزماته العميقة.