تناقضات فاضحة في الخطاب النووي الإيراني وسط تصعيد المواقف الأميركية
تناقضات فاضحة في الخطاب النووي الإيراني وسط تصعيد المواقف الأميركية

في تصريح حازم ومباشر، أكّد جيمز بلر، نائب رئيس ديوان البيت الأبيض، يوم الأحد 12 مايو 2025، أن الإدارة الأميركية لن تقبل بأقل من نزعٍ كامل لأي بُعد تسليحي في برنامج إيران النووي، مشدّدًا على أن الغاية هي ضمان عدم تمكّن طهران من امتلاك سلاح نووي على الإطلاق.

تناقضات فاضحة في الخطاب النووي الإيراني وسط تصعيد المواقف الأميركية
بين الدعوات إلى الحوار ورفض التنازلات… النظام الإيراني يغرق في التخبط السياسي
أميركا ترسم خطوطًا حمراء صارمة: لا تسامح مع أي بُعد عسكري في البرنامج النووي الإيراني
في تصريح حازم ومباشر، أكّد جيمز بلر، نائب رئيس ديوان البيت الأبيض، يوم الأحد 12 مايو 2025، أن الإدارة الأميركية لن تقبل بأقل من نزعٍ كامل لأي بُعد تسليحي في برنامج إيران النووي، مشدّدًا على أن الغاية هي ضمان عدم تمكّن طهران من امتلاك سلاح نووي على الإطلاق.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، قال بلر: “أولويتنا واضحة كما رسمها ترامب: النظام الإيراني يجب ألا يمتلك سلاحًا نوويًا. لن نقبل بأي شيء أقل من نزع السلاح الكامل فيما يتعلّق باستخدامات التخصيب ذات الأبعاد العسكرية، أو المنشآت المرتبطة بها. إذا كانوا يريدون برنامجًا نوويًا سلميًا، فهذا موضوع يمكن التفاوض بشأنه كما أشار إليه السفير ويتكوف.”
وأضاف: “هدفنا من المفاوضات هو تحديد الخطوات القادمة بشكل أكثر تفصيلًا، ولكن بوضوح، لا مجال لتجاهل التهديد الحقيقي الكامن في نوايا النظام الإيراني.”
وبالتوازي، شدّد السيناتور تِد كروز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، على أن الهدف الوحيد المقبول يجب أن يكون تفكيكًا كاملًا وشاملاً للبرنامج النووي الإيراني، وصولًا إلى تدمير أجهزة الطرد المركزي.
وقال كروز في تصريحاته لفوكس نيوز:”هناك فرق واضح بين موقف الرئيس ترامب الحازم، والسياسات الضعيفة التي انتهجها بايدن سابقًا. الآن وقد عاد ترامب، فالمطلوب واضح: تفكيك البرنامج النووي تمامًا، وإزالة أجهزة الطرد المركزي بالكامل.”
وأضاف:”لا يمكن الوثوق بهذا النظام الذي لا يزال يخطط لاغتيال الرئيس ترامب، ومايك بومبيو، وجون بولتون. هذا نظام كاذب، وعدواني، ويجب مواجهته. كما قال الرئيس ترامب: يمكن تنفيذ هذا التفكيك إما سلميًا، إذا وافق النظام، أو بالقوة إذا رفض.”
المفاوضات في عُمان: لا نتائج حقيقية، لكن النية للاستمرار قائمة
رغم التصريحات الصارمة من الجانب الأميركي، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي عقدت في عُمان، انتهت دون أي تقدم ملموس حول القضايا الرئيسية، خصوصًا التخصيب النووي.
وقالت الوكالة إن الجانبين أكّدا استمرار المحادثات، ووصفت إيران الجلسة بأنها “صعبة لكنها مفيدة”، في حين قال مسؤول أميركي إن بلاده “تشعر ببعض التفاؤل”.
الجانب الإيراني: خطاب متناقض ومواقف مرتَبكة بين “الحوار” و”رفض التراجع”
بزشكيان: نتحاور من أجل السلام… لكن لا نُسلّم ما حقّقناه بدماء أبنائنا
رئيس النظام الإيراني، مسعود بزشكيان، أطلّ عبر تلفزيون النظام بتاريخ 12 مایو، ليدلي بتصريحات متناقضة تعكس ارتباكًا واضحًا في الموقف الرسمي. إذ قال:
“الجمهورية الإسلامية لا تسعى لامتلاك سلاح نووي… لكن من غير المقبول أن يُطلب منا التخلّي عن إنجازاتنا. هناك من يتخيّل أننا في موقع ضعف… هذا وهم. نحن نتحاور لأننا نريد السلام، ولكننا لا نساوم على ما تم تحقيقه.”
ورغم إشارته إلى الاستعداد للحوار، كرّر رفضه لأي تنازل، معتبرًا أن المكتسبات النووية ليست موضوعًا قابلًا للمساومة.
عراقجي: لا تفاوض على التخصيب – رفع العقوبات شرط أساسي
وفي المقابل، أكّد عباس عراقجي في مقابلة منفصلة أن التخصيب النووي غير قابل للتفاوض على الإطلاق، وقال: “الغني بالنسبة لنا خط أحمر. قد نقبل بتقييده لأغراض مرحلية، لكن المبدأ لا يُمس. وكذلك موضوع رفع العقوبات… هذا أساس التفاوض من جهتنا.”
وفي الوقت نفسه، عبّر عراقجي في مقال نشرته مجلة لو بوان الفرنسية عن استيائه من الموقف الأوروبي، متهمًا الدول الأوروبية بأنها تخلّت عن التزاماتها في الاتفاق النووي، وانحازت لمواقف أميركا عبر تفعيل آلية الضغط القصوى (المعروفة سناب بک).
وذكر أن إيران “قدّمت مبادرات جدية للحوار”، ولكن لم تتلقَّ ردًا من الجانب الأوروبي أو الأميركي، معبّرًا عن استيائه من مضاعفة العقوبات على بلاده حتى أكثر من بعض الكيانات الإرهابية المصنّفة من مجلس الأمن.
ارتباك داخلي إيراني بين خطاب المواجهة ومناورة الحوار
بين تصريحات بزشكيان الداعية للحوار والرافضة للتنازل، ومواقف عراقجي التي تعتبر التخصيب غير قابل للتفاوض، وبين مفاوضات مستمرة دون نتائج، تظهر ازدواجية خطيرة في موقف النظام الإيراني.
وفي المقابل، تصدر من واشنطن مواقف واضحة لا تحتمل التأويل، تُركّز على تفكيك البرنامج النووي بالكامل، وتربط أي تفاوض بمبدأ “عدم الثقة الكاملة” بالنظام الإيراني، مع تهديدات باستخدام القوة إذا تطلّب الأمر.
هذا التباين الحاد يكشف عمق المأزق السياسي للنظام الإيراني، الذي يجد نفسه محاصرًا بين ضغط دولي لا يُساوم، وواقع داخلي يمنعه من تقديم تنازلات حقيقية، ما يجعله يُراكم التصريحات المتناقضة كوسيلة لتأخير الانهيار السياسي المحتوم.