جهود للتخلص من تركة القائد السابق للجيش..

تهمة الخيانة العظمى تلاحق مقربين من الجنرال الراحل قايد صالح

عدد من الضباط السامين بالجزائر يقبعون في السجن وآخرون في حالة فرار يواجهون تهما تتعلق بالخيانة العظمى المفضية إلى عقوبات قاسية.

صابر بليدي

وجه القضاء العسكري الجزائري تهمة الخيانة العظمى لضباط عسكريين كانوا يمثلون الحلقة المقربة من قائد الجيش السابق الجنرال الراحل قايد صالح، في خطوة جديدة تنطوي على تهاوي الجناح العسكري الذي تصدر المشهد طيلة أشهر الفراغ المؤسساتي عقب تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة مطلع شهر أفريل العام 2019.

وقررت المحكمة العسكرية بالبليدة إحالة ضابط الصف قرميط بونويرة على السجن المؤقت، ليلتحق بذلك بالرائد هشام درويش، فضلا عن إصدار مذكرة توقيف دولية في حق الجنرال الفار الغالي بلقصير، بعدما وجهت لهم تهمة الخيانة العظمى المفضية إلى عقوبات قاسية.

ويعد الضباط الثلاثة من الحلقة المقربة من قائد الجيش السابق الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، حيث شغل الأول منصب السكرتير الخاص في قيادة المؤسسة، بينما كان الثاني مرافقا شخصيا، وشغل الثالث منصب قائد جهاز الدرك الوطني (فصيل أمني عسكري يقع تحت وصاية وزارة الدفاع).

تصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون رسائل صريحة عن تحرك ما أسماه بـ"الثورة المضادة " من أجل إثارة الاضطرابات السياسية والاجتماعية في البلاد والعودة إلى نظام الحكم السابق

وظل المساعد الأول قرميط بونويرة يمثل نواة العلبة السوداء في قيادة الأركان، منذ اعتلاء الجنرال الراحل قايد صالح منصب القائد الأول، حيث مكنه منصبه من الاطلاع على أسرار المنظومة العسكرية، وتحول إلى صاحب الحل والعقد لكبار ضباط المؤسسة رغم رتبته المتواضعة، إلا أن منصبه كان يمكنه من حسم مختلف المسائل المهنية والاجتماعية.

وجاء القرار القضائي بسجن الضابطين وإصدار مذكرة توقيف دولية في حق الثالث صادما، قياسا بثقل التهمة التي وجهت لهم، ودلالاتها على مسار المؤسسة خلال الحقبة الماضية، التي استغلت الاحتجاجات السياسية في الشارع الجزائري من أجل إعادة ترتيب الأوراق داخل المؤسسة العسكرية بشكل يتلاءم مع توجهات القائد السابق للعسكر.

إلا أن الموت الذي باغت الجنرال قايد صالح نهاية العام الماضي خلط الأوراق مجددا وجعل الحلقات المحيطة به محل سحب البساط وحتى الدفع بهم إلى متاعب قضائية وسجون، على غرار مدير الاستخبارات الداخلية السابق الجنرال واسيني بوعزة، وتنحية قائد الدرك عبدالرحمن عرعار، وقائد القوات الجوية اللواء بومعيزة، فضلا على سجن ضباط آخرين، الأمر الذي يطرح تساؤلات على خلفيات الوتيرة المتسارعة للتخلص من تركة القائد السابق للجيش، خاصة وأن البعض منهم وجهت لهم تهم ثقيلة كالخيانة العظمى.

وكانت السلطات الجزائرية قد استعادت في وقت سابق ضابط الصف قرميط بونويرة من تركيا بعد اتصالات بين القيادة السياسية في الجزائر وإسطنبول، بعد فراره إليها في شهر مارس 2019، وفي حقيبته ملفات وصفت بـ”الحساسة والخطيرة”، يكون قد شرع في تسريب بعضها لناشطين سياسيين معارضين يقيمون في الخارج.

ويقبع عدد من الضباط السامين في السجن وآخرون في حالة فرار، كان آخرهم الجنرال الغالي بلقصير، الذي يعد أحد المقربين من أحمد قايد صالح، وأحد الفاعلين في المشهد الجزائري الذي ساد حقبة عنفوان الحراك الشعبي، علاوة عن بروز قيادة العسكر كمسير لمرحلة الفراغ التي خلفتها استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

 مصالح الأمن فككت شبكة تشتغل على التحريض الداخلي والتنسيق مع ناشطين سياسيين معارضين في الخارج

وكشفت مصالح الأمن في بحر هذا الأسبوع عن تفكيك ما أسمته بـ”شبكة تشتغل على التحريض الداخلي والتنسيق مع ناشطين سياسيين معارضين في الخارج، ويقودها لاعب كرة سابق، وتتضمن مسؤولين إداريين وسياسيين وأمنيين”، مما يترجم توجه السلطة الجديد لتشديد الرقابة على حركة ونشاط من تصفهم بـ”شبكات ضرب الاستقرار الوطني”. وإذا كانت حملة التغييرات المفتوحة في صفوف المؤسسة منذ ما قبل العام 2018، بعد تفجر فضيحة شحنة الكوكايين وإدراجها في خانة الفساد والتربح غير المشروع واستغلال النفوذ في الغالب، فإن الحملة ارتدت خلال الأسابيع الأخيرة طابع التآمر والتلاعب بمقدسات العقيدة العسكرية لضرب استقرار البلاد.

وحملت تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون رسائل صريحة عن تحرك ما أسماه بـ”الثورة المضادة “، من أجل إثارة الاضطرابات السياسية والاجتماعية في البلاد والعودة إلى نظام الحكم السابق، من خلال الإيعاز لخلايا موالية له من أجل تأليب الشارع على السلطات العمومية، من خلال إثارة غضب السكان على السلطة.

وهو ما ألمح إليه من خلال وجود روابط بين الخلايا المذكورة وشبكات منظمة كثفت من نشاطها خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يتم الكشف باستمرار عن مخططات ينفذها أفراد من مختلف الفئات، بما فيها ضباط عسكريون ومسؤولون، أمنيون وإداريون، وحتى رجال أعمال مسجونون.