تل أبيب تحتفل بالعلاقات القادمة..

إشادة دولية بالاتفاق الإماراتي الإسرائيلي تهمش المزايدات التركية الإيرانية

الاتفاق يعطي دفعة استراتيجية تعزز مكانة الإمارات في المنطقة والعالم.

ابوظبي

طغت مواقف الترحيب الدولي والإشادة من قبل غالبية دول العالم بالاتفاق الإسرائيلي الإماراتي برعاية الولايات المتحدة، على المزايدات التركية والإيرانية وهروب السلطة الفلسطينية إلى الأمام، في حين تميزت مواقف سلطنة عمان والبحرين في الخليج ومصر في العالم العربي بدعم القرار الإماراتي.

واعتبر مراقبون أن الموقف التركي “تميز بالطرافة” إذ هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بقطع العلاقات مع الإمارات، وهاجمت وسائل الإعلام الرسمية والحكومة التركية القرار الإماراتي، في الوقت الذي تقيم فيه أنقرة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وترتبط معها بعلاقات صناعية وتجارية واسعة، وتقوم إسرائيل بتقديم خبراتها العسكرية والتصنيعية الحربية إلى تركيا.

وكررت إيران كلامها المعتاد عن إسرائيل، مستغلة فرصة إعلان الاتفاق، لمهاجمة الإمارات، في موقف لم يفاجئ دول المنطقة.

وتنظر السعودية والإمارات وإسرائيل إلى إيران باعتبارها التهديد الرئيسي للشرق الأوسط. وغذى التوتر بين طهران والرياض التكهنات بأن المصالح المشتركة قد تدفع السعوديين وإسرائيل إلى العمل معا، وظهرت مؤشرات في السنوات الأخيرة على ذوبان الجليد إلى حد ما بين الطرفين.

ووافقت إسرائيل في إطار الاتفاق مع الإمارات على تعليق خطط لضم أجزاء من الأراضي المحتلة، لكن الفلسطينيين قالوا إن الإعلان أصابهم بالصدمة وأعربوا عن رفضهم له.

وأجمع المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان والسفيرة الإسرائيلية بالوكالة في لندن شارون بارلي، في أحاديث منفصلة لـ”العرب”، على أن الرفض التركي الإيراني للاتفاق يكشف رغبة الدولتين في استمرار الصراع في المنطقة.

وقال جندلمان إن عناد تركيا وإيران يكشف عدم رغبتهما في إنهاء الصراع في المنطقة، وتوقع إقدام دول عربية وإسلامية أخرى على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

وأكد المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على أن المزيد من العرب في المنطقة وليس الحكومات فقط، على عكس الماضي، يريدون رؤية علاقات أفضل مع إسرائيل لأنهم يدركون الفرص التي ستوفّرها بيئة السلام والتعاون الإقليمي.

وأشار جندلمان في إجابة مكتوبة عن أسئلة “العرب” إلى أن قرار الضم الذي اتخذه نتنياهو سيتم تأجيله بناء على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأضاف “لقد حان الوقت لوضع أسس بيئة جديدة وأمل جديد في هذه المنطقة التي عانت كثيرا وما زالت تعاني من الحروب والتطرف والإرهاب. سنتبادل السفراء مع الإمارات، وسنفتح رحلات مباشرة بين بلدينا، وسنتعاون في العديد من المجالات، مثل التجارة والسياحة وحتى في مجال مكافحة فايروس كورونا. ويبدو مستقبل هذه العلاقات مشرقا بالفعل”.

وعبرت السفيرة بارلي عن أسفها للموقف التركي قائلة “بعد أن أمضيت خمس سنوات في سفارتنا في أنقرة، يؤسفني الموقف الذي اتخذته تركيا؛ إذ لا تريد إسرائيل سوى الاستقرار في البحر المتوسط والشرق الأوسط، ويجب على كل من يريد أن يرى ذلك أن يرحب بسلامنا مع الإمارات”.

وأكدت بارلي أن الاتفاق مع الإمارات سيساعد على فتح المزيد من خطوط الاتصال في جميع أنحاء المنطقة، وبالتالي الدفع إلى حل سلمي للصراع.

وأشادت وسائل الإعلام ومواطنون ووافدون في الإمارات باتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل باعتباره نصرا دبلوماسيا يساعد الفلسطينيين فيما خيم الصمت في السعودية، اللاعب الأبرز في السياسة الإقليمية إزاء إسرائيل منذ زمن طويل.

وثمّن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاتفاق واعتبره خطوة “من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط”.

ولم يرحب الأردن بالاتفاق ولم يرفضه، معتبرا أن مستقبله “سيكون مرتبطا بما ستقوم به إسرائيل” من أجل “تحقيق السلام العادل” عبر “إنهاء الاحتلال”.

ورأى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن “قرار تجميد ضم أراض فلسطينية الذي تضمنه الاتفاق يجب أن تتبعه إسرائيل بوقف كل إجراءاتها اللاشرعية التي تقوض فرص السلام”.

ويرى محللون في الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي المفاجئ الذي أُعلن عنه الخميس دفعة إستراتيجية تعزز مكانة الإمارات في المنطقة والعالم، ويمكن أن تضعها في مرتبة متقدمة على السعودية جارتها وحليفتها صاحبة النفوذ، لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات الحاسمة مع واشنطن.

وكان الاتفاق انتصارا نادرا في ساحة الدبلوماسية بالشرق الأوسط للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أن يخوض معركة الانتخابات الرئاسية على أمل إعادة انتخابه في الثالث من نوفمبر القادم.

ولكن في حالة هزيمته أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، قد تكون للإمارات أفضلية على حساب الرياض في العلاقات مع الولايات المتحدة.


وقال نيل كويليام، الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية والمدير الإداري في أزور إستراتيجي، “إن هذه الخطوة تجعل الإمارات في وضع مريح إذا فاز بايدن، لأنها ستساعد على تلطيف الأجواء مع الكونغرس الأميركي، وبهذا تترك السعودية محاصرة وأكثر انكشافا من أي وقت مضى”.

وألمح غاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض إلى أن دولا عربية أخرى ستحذو حذو الإمارات. وأصدرت البحرين، الحليف الوثيق للسعودية، وسلطنة عمان، التي استضافت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 2018، بيانات تأييد للانفتاح الإماراتي على إسرائيل.

ورحبت فرنسا بالاتفاق. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن “القرار المتّخذ في هذا الإطار من جانب السلطات الإسرائيلية هو خطوة إيجابية يجب أن تتحوّل إلى إجراء نهائي”.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولي عهد أبوظبي الذي وصفه بأنه “شريك رائع” برهن على امتلاكه “رؤية وقدرة قيادية”.

وقال ترامب للصحافيين “أتطلّع إلى استضافته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض قريبا لتوقيع الاتفاق رسميا”. وأضاف “سنقوم بذلك على الأرجح في الأسابيع الثلاثة المقبلة حسب تقديري”.

وتشكل إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بما فيهم الدول الخليجية الغنية، هدفا أساسيا لاستراتيجية ترامب الإقليمية لاحتواء إيران العدوة اللدود لواشنطن.

وعبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن أمل بلاده في أن “تكون هذه الخطوة الجريئة الأولى في سلسلة تنهي 72 عاما من العداء في المنطقة”.

من جهته، رحّب المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية جو بايدن بالاتفاق “التاريخي”.

ورحب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق معبرا عن أمله في أن يساهم في التوصّل إلى حلّ للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس مبدأ حلّ الدولتين.