عرض عليهم مناصب وزارية لتهدئة التظاهرات

علاوي يلتقي نشطاء الاحتجاجات المناهضين للحكومة

رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد علاوي

بغداد

كشفت مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي أنه يعمل على إشراك بعض النشطاء البارزين في ساحات التظاهر ببغداد والمحافظات ضمن الكابينة الجديدة، وتكليف آخرين بمهام رئيسية في بعض الوزارات الخدمية، لامتصاص غضب الشارع.

وذكرت مصادر سياسية عراقية أن علاوي سيحاول استثمار الجدل الذي بدأ فعلا في ساحة الحبوبي، وهي مركز الاحتجاج الرئيسي في مدينة الناصرية جنوب العراق، التي تلعب دورا محوريا في قيادة الحراك الشعبي، بشأن إمكانية منحه فرصة تجريبية، ومراقبة أداء حكومته.

ويغذي مقربون من علاوي هذه الفرضية، عبر مطالبة المتظاهرين بمنح الحكومة الجديدة فرصة، وفي حال فشلها يمكن أن تعود حركة الاحتجاج إلى ممارسة ضغوطها الشعبية.

وباستثناء بعض الأصوات القليلة في ساحات التظاهر، فإن هذه الفرضية لا تحظى بتأييد في ساحات التظاهر، التي جددت يوم الثلاثاء رفضها تكليف علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة.

واعتبر سياسي عراقي تقلد منصبا وزاريا في حكومة عادل عبدالمهدي المستقيلة، أن المشهد السياسي سيبدو مختلفا إلى حد ما من خلال تكليف شخصيات من خارج الطبقة السياسية بإدارة عدد من الوزارات غير السيادية. وهو ما يشكل بالنسبة إلى الأحزاب الحاكمة تنازلا كبيرا غير أنه سيكون ضروريا من أجل استمرار النظام الذي صارت الفرص تضيق أمامه بسبب الشعور بأن الحلول الأمنية ليست كفيلة بإنهاء الاحتجاجات.

ويحجم رئيس الوزراء المكلف عن كشف أي مؤشرات بشأن شكل الكابينة الوزارية التي يعكف على تشكيلها.

وتقول مصادر مطلعة إن الكتلتين الأكبر في البرلمان العراقي، سائرون التي يرعاها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والفتح التي يتزعمها هادي العامري المقرب من إيران، مطمئنتان إلى تعهدات قطعها علاوي على نفسه، قبل تكليفه بتشكيل الحكومة، وتضمن مصالحهما السياسية والاقتصادية في المرحلة المقبلة.

وأكد السياسي في تصريح لـ“العرب” أن الصدر والعامري كانا قد قررا أن يكونا أقل الرابحين خسارة حين وقع اختيارهما على علاوي لقيادة الحكومة في مرحلة ستشهد استبعاد عدد من رموز العملية السياسية الشيعة.

ولم يستبعد أن يكون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في مقدمة مَن ستتم التضحية بهم تمهيدا لإقامة نوع من الصلح من جهة واحدة مع المحتجين، بالرغم من أن ذلك الإجراء سيغضب حزب الله اللبناني المكلف بإدارة الأحزاب الشيعية بعد مقتل زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

ويطرح مراقبون فرضيات عديدة للصيغة التي سيمضي بها رئيس الوزراء المكلف نحو استكمال مهمته، من بينها عزل الأطراف السياسية عن مفاوضاته لاختيار وزراء كابينته، ما دام قد تعهد مسبقا بحماية مصالحها.

وبحسب هذا السيناريو، ربما لن نشاهد شخصيات شيعية سياسية معروفة ضمن حكومة علاوي، تجنبا لاستفزاز الشارع، ومحاولة لإقناع الجمهور المنتفض بأن الكابينة الجديدة ستكون مستقلة تماما، كما تعهد رئيسها بذلك علنا.

وتشير مصادر إلى أن الاتفاق العام بين القوى السياسية الشيعية الرئيسية وبين علاوي يركز على أن رئيس الوزراء هو من سيحمي مصالح اللاعبين السياسيين الكبار، وليس الوزراء الذين يمثلون هذه الكتل في العادة داخل الكابينة.

لكن هذا الحال ربما لن ينطبق على الأطراف السياسية السنية والكردية، التي لا تشعر بضغط جماهيري يبعدها عن المشاركة المباشرة في الحكومة الجديدة.

ويقول فادي الشمري القيادي في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، إن “استقلالية حكومة علاوي يجب ألا تقتصر على القوى الشيعية، بل يجب أن تكون مستقلة أيضا عن القوى السياسية السنية والكردية”.

ويقول مراقبون إن تطلعات الاستقلالية الخاصة بالحكومة العراقية، لا تعدو أن تكون أحلاما يستحيل تحقيقها، بالنظر إلى اعتماد حياة الطبقة السياسية، بجميع مكوناتها، على ما توفره الدولة من أموال ونفوذ، وهما من الامتيازات لا يمكن حمايتها إلا من خلال مراقبة الحكومة عن كثب، ومنعها من تطبيق أي رؤية تتعارض مع رؤية الأحزاب السياسية الكبيرة.

وخرجت تظاهرات رافضة لتكليف علاوي الثلاثاء في بغداد والمحافظات، فيما واصلت جماعة القبعات الزرق، من أنصار مقتدى الصدر، محاولات منع المتظاهرين من الوصول إلى مواقع الاحتجاج والاعتصام.

وتعرض الصدر إلى انتقادات قاسية، لأنه دفع بأنصاره إلى ساحات التظاهر لتفريق المتظاهرين بالتزامن مع إعلان تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة المقبلة، في إشارة واضحة إلى تبنيه الكامل لهذا الترشيح.

وتورط أنصار الصدر، الذين دخل بعضهم الساحات بأسلحة رشاشة وآخرون بالعصي، في اعتداءات علنية ضد متظاهرين ومعتصمين في بغداد والمحافظات، وقتلوا شخصا واحدا في مدينة الحلة، جنوب بغداد.

وتسبب تورط الصدر في خلافات داخل عائلته، إذ يبدو أن قريبه جعفر الصدر، وهو سفير العراق في لندن، انقلب على زعيم التيار الصدري، وأعلن موقفا رافضا لزج جماعة القبعات الزرق في قمع التظاهرات.

وعندما بدا أن ورطة الصدر تتسع وأن أنصاره يتورطون في دماء المتظاهرين، أعلن يوم الثلاثاء أن مهمة القبعات الزرق تتمثل في مساعدة القوات الأمنية على فتح الطرق وإعادة الانتظام وليس الرد على من يهتفون ضده، وذلك بعد اشتباكات عديدة بين أنصار زعيم التيار الصدري ومتظاهرين هتفوا ضده.