200 قتيل وجريح ودعوة مجلس الأمن إلى التدخل
ميليشيات الصدر تجر العراق إلى اقتتال داخلي
في تحول خطير للنزاع السياسي في العراق فقد أقدم أنصار الصدر على ارتكاب مجزرة ضد متظاهري النجف سقط فيها حوالى 200 منهم بين قتل وجريح، بينما شكر الصدر الله على هذا "النصر"، واستنجد علاوي بعبد المهدي لوقف الاعتداءات، وسط مخاوف شعبية من تفجر اقتتال داخلي، مع استعدادات للصدريين للهجوم في مختلف المحافظات على المحتجين، الذين دعوا مجلس الأمن إلى حمايتهم.
فقد هاجم اصحاب القبعات الزرق من انصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال الليلة الماضية المتظاهرين في ساحة الصدريين في وسط مدينة النجف وأحرقوا خيامهم واطلقوا الرصاص الحي ضدهم، ما ادى الى مقتل 13 شخصا واصابة حوالى 180 اخرين بجروح في مجزرة من الواضح انها جرت بتواطؤ مع القوات الامنية التي غابت عن المشهد رغم نداءات اطلقها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي باقتراب اصحاب القبعات الزرقاء من ساحة التظاهر، حاملين الاسلحة النارية والبيضاء.
وبعد ارتكاب مجزرتهم فقد حاصر انصار الصدر مستشفيات المدينة في محاولة لاقتحامها والإجهاز على الجرحى الذين لجأوا اليها للعلاج.
وقد وصل وزير الداخلية ياسين الياسري الى النجف في وقت متأخر الليلة الماضية بعدما انتهى انصار الصدر من ارتكاب جريمتهم، وذلك "بهدف الإطلاع على الوضع الأمني في المدينة" كما قال مصدر في الوزارة.
محمد علاوي يستنجد بعبد المهدي
إثر ذلك استنجد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بحكومة تصريف الاعمال الحالية برئاسة عادل عبد المهدي من اجل "حماية المتظاهرين".
قال علاوي في تغريدة على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" وإطلعت عليها "إيلاف" إن "ما يجري الآن من أحداث مؤلمة يدفعني إلى الطلب من الأخوة في الحكومة الحالية القيام بمهامهم المتمثلة في حماية المتظاهرين، وذلك إلى حين تشكيل حكومة تلبّي تطلعات كل العراقيين، وتستمد قوتها من الشعب، وتنفذ مطالبه المشروعة والحقّة".
الصدر يشكر الله
من جانبه، شكر محمد صالح العراقي الناطق بلسان الصدر الله على "النصر" على من أسماهم بالمخرّبين، في اشارة الى المتظاهرين السلميين.
اكد العراقي في تغريدة له أهمية انقاذ النجف الأشرف سلميًا من ايدي المندسين والمخرّبين على حد قوله.. واضاف "لا بد ان يكون لطلبة العلم الكرام وللعشائر النجفية العزيزة دور لإنقاذ النجف الاشرف من ايدي المندسين والمخربين بصورة سلمية".
قال "عليهم جميعًا إنهاء الأيادي الخفية الخبيثة التي تريد النيل من قدسيتها.. اللهم أنصرنا بسلام على القوم المخربين بحق محمد وآل محمد". وفي تغريدة ثانية قال الناطق باسم الصدر " شكرًا لله إذ خلصنا من المندسين وأكرمنا بالوطنيين".
المتظاهرون يدعون مجلس الامن الى التدخل
اما "اللجنة المنظمة لتظاهرات ثورة تشرين" فقد اعتبرت "مجزرة النجف إرهابًا متعمدًا بدعم حكومي .. وحملت في بيان على نصه "مقتدى الصدر وميليشيا القبعات الزرقاء المتكون من سرايا السلام والعصائب وحزب الله وسرايا الخراساني مسؤولية هذه المجزرة الوحشية".
ودعت عشائر النجف الى وقفة جادة ضد قاتلي ابنائها والعمل على حماية مدينتها، وناشدت اهالي النجف للخروج بتظاهرات حاشدة ضد القتلة والمجرمين وانقاذ الجرحى والسيطرة على المدينة.
وحملت اللجنة الحكومة مسؤولية الدفع الى عسكرة المظاهرات لمصلحة ايران.. وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الامن بالتدخل الفاعل لايقاف هذه المجازر.. مشددة على ان الدماء التي سالت لن توقف ثورة تشرين، بل ستزيد من زخم المظاهرات لتتخذ خطوات فاعلة في الاستمرار حتى تحقيق المطالب.
محافظ النجف يطلب تدخلًا حكوميًا: المحافظة تخرج عن السيطرة
من جانبه، اطلق محافظ النجف تحذيرا الى الحكومة بأن المحافظة تخرج عن السيطرة وتحتاج تدخلا حكوميا عاجلا.
وقال لؤي الياسري في بيان الليلة الماضية اطلعت على نصه "إيلاف" إن على رئيس الوزراء ان يعلم بأن المحافظة تخرج عن السيطرة وتحتاج تدخلا حكوميا.. مشيرا الى ان الذين تبنوا حماية المتظاهرين وطرد المندسين (في اشارة الى اصحاب القبعات الزرق) قد اشتبكوا مع المتظاهرين بالأسلحة، مما ولد سقوط أكثر من 117 بين شهيد وجريح". ودعا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى الحضور شخصياً إلى محافظة النجف.. منوها بأن "ما حدث لغاية الآن شيء مؤسف بسفك الدماء وحمل السلاح وعمليات الحرق والخطف".
وحذر من ان المحافظة تخرج عن السيطرة، وتحتاج تدخلا حكوميا عاجلا.. فيما قال ناشطون ان انصار الصدر لم يكتفوا بقتل واصابة العشرات من المتظاهرين، وانما قاموا باعتقال عدد منهم.
سياسيون وإعلاميون ورجال دين: إنها إبادة جماعية
من جانبه، اعتبر زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي مهاجمة المتظاهرين وخيامهم بأنها إرهاب متجذر.
وقال علاوي في تغريدة على "تويتر" إن "احراق الخيام إرهابٌ متجذر في ثقافة بعض العصابات الخارجة عن القانون ، واستمرار اعتداءاتها على المتظاهرين السلميين يعكس ارادةً خبيثةً للقمع. صمّت الحكومة واجهزتها الامنية عما يجري بحق المتظاهرين، وعدم تحركها لإيقافه يؤكدان ضلوعها أو تواطؤها وموافقتها، ولن يعفيها من المساءلة القانونية".
اما المرجع الشيعي السيد حسن الموسوي فقال في تغريدة له مخاطبًا محمد علاوي " داءٌ أخيرٌ إلى مُحَمَّد توفيق علاَّوي: إنَّ أبناءَنا يُقتلونَ بِسَبَبِكَ. إتَّقِ الله وابْتَعِدْ عَنْ هذا الكُرسيِّ الملعونِ واحقِنْ دِماءَ العِراقيين، قَبْلَ أنْ يذهبَ العِراقُ نحوَ المجهول.. إتَّقِ اللهَ إتَّقِ اللهَ إتَّقِ اللهَ".
وفي تغريدة مماثلة قال الإعلامي فلاح المشعل ان "الاعتداءات تتكرر يوميًا على المتظاهرين في بغداد والنجف والناصرية والكوت وبابل وغيرها.. اعتداءات وحرق خيام وسقوط جرحى وشهداء أمام انظار السياسيين ورجال الأمن والحكومة وشيوخ العشائر ومرجعية النجف الأشرف.. اعتداءات تتحملها اجساد المتظاهرين والجميع صامت.. لماذا؟؟
أما الصحافي مشرق عباس فكتب في تغريدة له قائلاً "الاحتجاج لن يتوقف.. افهموا هذه المعادلة.. ليس حلماً، بل نتاج وحصيلة دراسات اجتماعية وتاريخية ونفسية وسياسية.. محاولات انهاء التظاهرات بالقوة عبث بمقدرات العراق.. الاحتجاج الحالي هو آخر محاولة شعبية لضمان العراق كما تمنيناه.. كل انجازات القبعات.. انها حوّلت نضالنا ضد قاتلي الشباب والقناصين وخاطفي النساء واتباع الاجنبي من منتهكي سيادة العراق والساعين الى تفتيته.. الى جدل حول من يحق له تسيد الساحة! كم هي مزحة ان تحوّل قنوات الميليشيات موجتها من شيطنتنا الى التقرب منا لنناقش جدل الساحات ! إستراتيجية عظيمة!.
من جهته قال النائب فائق الشيخ علي "9 شهداء و90 جريحاً حتى الآن في معركة النجف الأشرف في ساحة الصدرين بقذائف الهاون والـRBG والـBKC والرشاشات تستخدمها الميليشيات ذات القبعات الزرقاء.. وهي تنادي وتصيح من السماعات في سيارات البيكب: أين جماعة فائق الشيخ علي؟ وينكم؟ إطلعوا؟ إنها الإبادة الجماعية على يد نجل الشهيد المقدس!".
وكان الصدر قد أيّد الاحتجاجات مع انطلاقها في اكتوبر الماضي، لكنه كان متقلّب المواقف حيالها مراراً، ويختلف الآن مع المتظاهرين حول تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة.
فقد أعلن الصدر دعمه تكليف علاوي، فيما رفضه المتظاهرون، باعتباره قريباً جداً من النخبة الحاكمة التي يتظاهرون ضدها. وتصاعدت الاحتجاجات خلال اليومين الماضيين بين متظاهرين شباب غاضبين من ترشيح علاوي وأنصار الصدر.