الازمة الليبية
وفد ليبي يكرس انفتاح القاهرة على طرابلس

القاهرة منفتحة على جميع أطراف الصراع الليبي
بدأ وفد ليبي الأربعاء محادثات مع مسؤولين رفيعي المستوى في القاهرة لبحث تطورات الأزمة الليبية، وتسهيل عملية إنهاء الانقسام بين أعضاء البرلمان في كل من طبرق وطرابلس، وإيجاد جسم سياسي موحد يستطيع التعامل مع المستجدات.
وأكدت مصادر مصرية لصحيفة ”العرب” أن “وفدا ليبيا مختلطا، وصل مساء الثلاثاء، وضم خمسة أعضاء في برلمان طرابلس، وهم: محمد الرعيض وأبوبكر سعيد وأيمن سيف النصر وعبدالله اللافي وفهيم بن رمضان، وثلاثة أعضاء في المجلس الأعلى للدولة، هم: سعد بن شاردة وبالقاسم قزيط وعبدالله جوان وحسن شابة من قيادات مصراتة”.
ونفت المصادر ذاتها حضور تاج الدين الرازقي المستشار الأمني لرئيس المجلس الرئاسي رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، حيث تداولت البعض من وسائل الإعلام الليبية وجوده ضمن الوفد الذي توجه للقاهرة، وأوحت بأنه حضر كممثل عن السراج لإجراء حوارات سياسية مع المسؤولين في مصر.
ودرجت بعض الدوائر الليبية على حصر دور القاهرة في الشرق، من خلال الحديث عن دعمها المعلن لكل من رئيس مجلس النواب في طبرق المستشار عقيلة صالح، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، وهو ما تدحضه زيارة الوفد الليبي.
وأشار المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الذي يرأسه الإخواني خالد المشري، إلى عدم توجه أي وفد من المجلس للقاهرة، وقال “في الوقت الذي يرحب فيه المجلس الأعلى بأي دعوة توجه له لزيارة الأشقاء في مصر، للتباحث في ما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، ينفي توجه أي وفد منه في الوقت الحالي لمصر”.وبعث السراج والمشري برسائل متباينة الأيام الماضية، أفادت بالرغبة في التواصل الإيجابي مع القاهرة، وتثمين دورها في حل الأزمة، وجاء ذلك عكس إشارات سابقة رفضت تدخلها، بل وجهت إليها اتهامات بالوقوف خلف الجيش الليبي، والرغبة في التدخل العسكري لدعم معسكر حفتر.
وكشفت المصادر المصرية لـ”العرب”، أن “أعضاء الوفد يمثلون عدة مناطق من إقليم الغرب الليبي، وتمت دعوتهم بهذه الصفة، ولا يعبرون عن الجهات السياسية التي ينتمون إليها، والهدف من ذلك التأكيد أن القاهرة منفتحة على الجميع، في الشرق والغرب والجنوب، وهذه من الثوابت التي تحكم مقارباتها في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها”.
ولفتت إلى أن “التحركات المصرية تبذل جهودا كبيرة لتوحيد المؤسسة العسكرية وللحد من انتشار المرتزقة الذين بعثت بهم تركيا إلى ليبيا، وتوفير منظومة أمنية قوية قادرة على إنهاء احتكار الميليشيات للأمن في طرابلس، وتوحيد البرلمان ووقف تشتته، كجسم دستوري وحيد في البلاد”.
وعلمت “العرب” أن “القاهرة تتمسك بانفتاحها السياسي، وتمكنت من الاحتفاظ لنفسها بخطوط اتصال مباشرة وغير مباشرة مع غالبية القوى الراغبة في حل الأزمة، ولم تصد أبوابها أمام الجبهات المعارضة لها في أحلك الأوقات، طالما أنها حريصة على وحدة واستقرار ليبيا، وترفض التدخلات التركية في الأزمة، وتدين نشاط المرتزقة والعصابات المسلحة”.
وفرضت تعقيدات الأزمة وسرعة حركتها فوق بحر من الرمال عدم لجوء مصر لمواقف جدية مع القوى الوطنية، والاحتفاظ بأوراق تمكنها من الرجوع إليها عند اللزوم.
وتحدث الزيارة العلنية لثلاثة من أعضاء مجلس الدولة، حتى لو حضروا بصفتهم المناطقية، شرخا في جدار الممانعة المصرية الرافضة للحوار مع قوى إسلاموية.
وباتت مصر من أهم الدول التي تقصدها قوى إقليمية ودولية للتشاور، وتثمن الأدوار التي تقوم بها دول مثل المغرب وتونس والجزائر لتثبيت وقف إطلاق النار، والبحث عن حلول مناسبة.
وأوضح الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أحمد عليبة، أن “زيارة الوفد الليبي تستهدف الإعداد لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، حيث قطعت القاهرة شوطا كبيرا لمنع خرقه، وتحظى خطتها للحل السياسي بدعم دولي، ما يمهد لمزيد من الزيارات التي يمكن أن تقوم بها أطراف ليبية أخرى الأيام القادمة”.
وتابع عليبة في تصريح لـ”العرب” أن “الزيارة تبرهن على أن هناك تقاربا في وجهات النظر بين القاهرة وبين الغرب الليبي، ولا توجد ممانعات رافضة قطعيا لحكومة الوفاق والقريبين منها، وتحرص على التعامل مع كل الأطراف لحلحلة الأزمة”.
وتزامنت زيارة الوفد الليبي للقاهرة مع محادثات بدأها وفد يمثل برلمان طبرق، مع آخر يمثل المجلس الأعلى للدولة في المغرب، وانتهت الثلاثاء إلى تفاهمات حول الخطوط العريضة للتسوية السياسية للأزمة الليبية، ومرجح أن تستأنف الخميس.
ولفت متابعون إلى أن “لقاء ممثلي مجلس النواب بنظرائهم في المجلس الأعلى للدولة في المغرب، هو اعتراف رسمي بالمجلس الذي لم يسبغ عليه برلمان طبرق اعترافا رسميا منذ تشكيله”.
وفتح عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، قنوات متوازية مع كثير من القوى السياسية في طرابلس مؤخرا، في محاولة لتسهيل أدوات الحل السياسي، وتشبيك أدوات الاتصال مع القوى الفاعلة أملا في توحيد البرلمان، المتوقع أن يلعب دورا مهما الفترة المقبلة، وبدأ رئيسه يتقدم المشهد السياسي في كثير من المناسبات.
وعلى صعيد آخر، التقى ممثلون لقوى ليبية من تيارات سياسية مختلفة أخيرا، في جنيف، تحت مظلة منظمة الحوار الإنساني، المعروف أن لها علاقات وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، ويتم تسخيرها بذريعة الحوار لعقد صفقات وتفاهمات سياسية.
ويمهد لقاء منظمة الحوار للتفاهم حول بعض العناوين الرئيسية لعقد اجتماع قريبا تحت مظلة الأمم المتحدة، لتحريك العملية السياسية وفقا لمسارات مؤتمر برلين، حيث تقوم المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، بترتيب الطاولة لاستئناف مفاوضات 5+5 العسكرية، ومفاوضات الخبراء الاقتصاديين.