الصين شريك تجاري رئيسي ومستورد مهم للنفط الخام

تقرير: كورونا يهدد اقتصادات دول الخليج

بورصة الكويت

دبي

تهدد أزمة فيروس كورونا المستجد التي عصفت بالفعل بأسعار النفط، بتقويض اقتصادات دول الخليج التي تعاني من الركود وتكافح لتقليص اعتمادها التام تقريباً على الطاقة منذ عقود.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية والإمارات، الصين كشريك تجاري رئيسي ومستورد مهم للنفط الخام الذي تنتجه.

وتضاءل الطلب على الطاقة في الصين فيما عزل العديد من المدن لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي تجاوز عدد الوفيات الناتجة عنه 1100 وفق آخر حصيلة الأربعاء.

وانخفضت أسعار النفط إلى أدنى معدل لها منذ عام فيما يعكس الآثار المترتبة على اعتماد الاقتصاد العالمي على السوق الصينية.

ويرى محللون أن الأزمة التي قالت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء إنها تمثل "تهديدا خطيرا جدا" للعالم، سيمس بقطاع النفط ويؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وأكد بيل فارين- بريس من "بتروليم بوليسي انتليجنس” لوكالة فرانس برس إنه "ليس هناك شك أن للفيروس تأثيراً كبيراً على طلب الصين على النفط".

وأضاف "في حال استمرت عمليات الحجر الصحي في الربع الثاني، فإن الأمر سيبدو أكثر خطورة وسيكون له تأثير أعمق على الاقتصاد الفعلي".

وحققت التجارة غير النفطية بين بكين ودول مجلس التعاون الخليجي نموا من مجرد عدة مليارات قبل عقدين من الزمن لتصبح نحو 200 مليار دولار العام الماضي.

وتعرض قطاع السياحة بالفعل لضربة قوية بسبب الفيروس.

إذ زار أكثر من 1,6 مليون سائح صيني دول الخليج في عام 2018، معظمهم توجهوا إلى مدينة دبي التي كانت تأمل بأن يتجاوز عددهم المليون سائح صيني في عام 2020.

ولكن صار من النادر رؤية سياح صينيين حتى في دبي مع إيقاف شركات الطيران الرحلات الجوية، وإغلاق العديد من المدن الصينية.

أزمة مزدوجة

وتأتي هذه الصدمة بعد تحذير صندوق النقد الدولي مؤخرا من أنه يتوجب على دول الخليج التي تعتمد بشدة على عائداتها النفطية القيام بإصلاحات أعمق أو المخاطرة برؤية ثرواتها تتلاشى خلال 15 عاما.

ويشكل النفط أكثر من 70% من الإيرادات العامة في هذه الدول.

ومنذ 30 من يناير، بعد شهر على اكتشاف المرض، هبطت أسعار النفط نحو 20%، ما أدى إلى تفاقم الوضع في الخليج.

منذ عام 2014، تسبب انهيار أسعار النفط بخسارة اقتصادات الخليج مئات المليارات من الدولارات.

ورأت الباحثة الين والد، التي ألفت كتابا عن السعودية أن الدول المنتجة للطاقة، التي قامت بالفعل بتخفيض انتاجها لإنعاش الأسعار، تواجه الآن "أزمة مزدوجة" تتمثل في انخفاض الأسعار بالإضافة إلى الصدمة الاقتصادية.

وأكدت والد في تعليق في بلومبرغ إن "خفض الأسعار في وقت تقلص فيه الانتاج، تهدد بصدمات اقتصادية قد تؤدي في حال استمرارها لفترة طويلة إلى عدم استقرار سياسي وإقليمي تم تجنبه خلال الانخفاض الحاد الأخير".

وحذرت مؤسسة "كابيتال ايكونوميكس" المالية الاستشارية من التأثير طويل الأمد للفيروس الذي قد يؤدي إلى حدوث انكماش اقتصادي كبير.

وقال تقرير صادر عن المؤسسة "المخاوف من تفشي فيروس كورنا المستجد أثرت على أسعار النفط وقلصت التوقعات على المدى القريب لدول الخليج".

وبحسب التقرير، فإن "انخفاض أسعار النفط والخفض الإضافي المحتمل لانتاج النفط سيشكل عقبة كأداء امام النمو في بداية 2020".

آثار سياسية

وأوصت اللجنة الفنية لأوبك وشركائها (أوبك+) خلال اجتماع استثنائي في فيينا، بخفض الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل إضافي يوميا لوقف تراجع الأسعار مع انتشار الوباء، تضاف إلى 1,7 مليون برميل خُفضت بالفعل.

بينما تبدو روسيا مترددة في الموافقة على ذلك، أكد وزير الطاقة الروسي أن بلاده ستعلن موقفها "في الأيام المقبلة".

وكتب محمد الصبان وهو مسؤول سابق رفيع بوزارة الطاقة السعودية في صحيفة "عكاظ" إن الانخفاض "قد يستمر ما لم تكن هنالك خطوات جادة لإيقاف تفشي المرض، و/ أو اتخاذ تحالف أوبك إجراءات تعميق تخفيض إنتاج النفط".

ومن جانبها، أشارت ايلين والد أنه في المرات السابقة التي انخفضت فيها أسعار النفط في 2015 و 2016، فإن ذلك كان نتيجة قيام المنتجين بضخ أكبر قدر ممكن من النفط- وهذا أمر مختلف تماما عن الوضع الحالي.

وترى والد أنه في حال تأكيد المخاوف من فيروس كورونا المستجد، "ستواجه الدول المنتجة مثل السعودية وروسيا والإمارات أسعارا منخفضة إلى جانب انخفاض الانتاج"، ما سيؤثر على الإيرادات والقدرة على تقديم الخدمات.

وحذرت والد من أنه "في حال استمرار الوضع لفترة طويلة، فقد تكون لعدم الاستقرار الاقتصادي آثار سياسية".