بقوانين مشددة

النمسا تواجه الإرهاب لبتر أذرع أردوغان

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

وكالات

تجتهد الحكومة النمساوية لمعالجة آثار الهجوم الداعشي الذي ضرب العاصمة فيينا، متخوفة من تبعات التمدد الإرهابي على أرضها في موجة قد تدفعها لتعديل القوانين بما يتكيف مع تحديات الظروف الراهنة التي عادت لتُعقد المشهد الأوروبي مرة أخرى.

 

قوانين معقدة

لطالما ارتبطت دول الاتحاد الأوروبي في مواجهتها لقضايا الإرهاب بقوانين معقدة تُظهر أحيانًا بعض العوار، مثلما يحدث في ارتكاب أحد الجناة لهجوم بعد خروجه من السجن، وينطبق ذلك على «اوكتيم فيزولاي» الشاب النمساوي البالغ من العمر 20 عامًا.

والذي نفذ هجوم داعش في 2 نوفمبر 2020 ضد مناطق متفرقة بالعاصمة، وقتل 4 أشخاص وأصاب العشرات، بعد خروجه من السجن الذي خضع له بعد القبض عليه كمتطرف يريد الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا، كما أخضعته السلطات لبرنامج نفسي واجتماعي لمكافحة التطرف، ومنحته عددًا من الامتيازات ليستطيع الاندماج، ولكنه تحايل على الأمن ونفذ الهجوم بعد تواصل مع قادة داعش.

 

تعديل مطلوب

وللخروج من هذه الإشكالية تحتاج دول أوروبا لاسيما النمسا إلى تعديل بعض إجراءاتها في مكافحة الإرهاب لتحقيق العدالة الحقيقية بإيقاف التهديد المتزايد لحياة المواطنين بالبلاد، فضلًا عن النفوذ المتطرف الذي يستغل تلك الإجراءات للتنقل بحرية بين القارة العجوز. 

 

إجراءات نمساوية

أعلن المستشار النمساوي، سيباستيان كورتس في 11 نوفمبر 2020 عزم بلاده تقديم مقترحات تشريعية للمناقشة من أجل تسهيل إجراءات مواجهة الإرهابيين وأبرزها ملف التعامل مع السجناء، إذ تسمح فيينا بموجب القوانين الجديدة ببقاء المدانين بالسجون بعد انتهاء مدة حبسهم إذا ما وجدت السلطات استمرارهم في اعتناق الأفكار التكفيرية المناهضة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالأخص ممن اتهموا بالانتماء لجماعة متطرفة.

وستمنح التعديلات المقترحة استحداث توصيفات جنائية جديدة للمتطرفين ممن سعوا لخلق بيئة مواتية لنمو الفكر المتطرف ونشره بين المواطنين، كما أن المفرج عنهم بالفعل سيخضعون لمراقبة إلكترونية صارمة لتحديد تحركاتهم والأشخاص الذين يتواصلون معهم.

وشدد كورتس على أن بلاده تستهدف التطرف الفكري المبني على عقائد متشددة وليس الأديان، وتأتي الإجراءات النمساوية في إطار المساعي الأوروبية التي أظهرتها مخرجات القمة المصغرة بين النمسا وهولندا وفرنسا وألمانيا ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، والتي عقدت عبر تقنية الفيديو في 10 نوفمبر 2020.

وتتطلع النمسا لتعاون مشترك مع دول اليورو لمواجهة الإرهاب، وكذلك توحيد بعض الإجراءات للتصدي للتطرف، وحتى لا تكون المنطقة ملاذًا للهاربين، وبالتالي يُفترض أن تناقش أوروبا بشكل موسع قوانين الهجرة، وكذلك التصنيفات الإرهابية للجماعات المدعومة من استخبارات الدول الراعية للتطرف.

 

الذئاب الرمادية والمد التركي

تعد تركيا من أبرز الدول التي تمثل تهديدًا إرهابيًّا للنمسا، فهي تستخدم نفوذها لتحريك الشارع المتوافق معها بما يزعج الحكومة النمساوية، وعلى اعتبار جماعة الذئاب الرمادية أهم وأخطر الأذرع التي يستخدمها رجب طيب أردوغان تطالب وسائل الإعلام بفيينا بحظرها واعتبارها إرهابية أسوة بفرنسا كخطوة ممهدة لتعاون أوروبي واضح ضد التطرف.

إذ حظرت فرنسا جماعة الذئاب الرمادية في 3 نوفمبر 2020، وينتظر أن تقدم النمسا وألمانيا على ذات الفعل، ففي يونيو 2020 أكد وزير الداخلية كارل نيهامر امتلاك الأجهزة لمستندات تدين الاستخبارات التركية التي استعملت الجماعة لخلق صراع تركي كردي على أرضها ما يهدد أمن واستقرار دولته.

ويُعتقد بأن التعديلات المرتقبة بشأن حظر الجماعات ومحاكمة الأفراد ممن مهدوا لخلق بيئة مواتية للإرهاب في البلاد أن تكون الأداة الأكثر نجاعة للتعامل مع أذرع أردوغان بالبلاد، فالذئاب الرمادية ليست الوحيدة في هذا الإطار فالاستخبارات التركية تدير مؤسسات ثقافية أخرى داخل البلاد كمؤسسة وندر، وامتدادات جماعة الإخوان الحاضنة الرئيسية للتطرف بأوروبا.