اليمن..

تقرير: الخلافات تضرب الحوثيين والقادة يواصلون التصفية الجسدية

مليشيات الحوثي في اليمن "أرشيفية"

الرياض

يبدو أن دائرة الصراع تتسع شيئًا فشيئًا، داخل جماعة الحوثي، إذ صارت تتطور إلى نحو ملحوظ بين مكوناتها العقائدية والعسكرية والسياسية، حيث وصل الأمر إلى مرحلة «تكسير العظام» فيما بينها، والتركيز على ذوي التوجهات السياسية المعتدلة، والمؤثرة داخلها.

اغتيالات مسلسلة
وجاءت سلسلة الاغتيالات التي استهدفت قيادات تابعة لجماعة الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إشارة واضحة للتصفيات بين أجنحتها، وذلك لأسباب عدة تعود للأصوات المنتقدة والرافضة للممارسات والتجاوزات التي يقوم بها الفصيل المتحكم بالمشهد السياسي، والقابض على شؤون الحكم بصنعاء، وهو المكون «العقائدي الطائفي» الذي ينتهج الأسلوب القمعي لكل من يقف أمامه، ناهيك عن الإقصاء والتهميش الذي يتعمده على باقي المكونات داخل الجماعة الحوثية ذاتها.

تاريخ من التصفية
وليس الأمر بجديد، فتاريخيًّا دأب الأئمة أثناء حكم اليمن على مدى 1200 عام، على تصفية أتباعهم الطائفيين والمذهبيين والسلاليين، تحت مبررات دينية وسياسية واجتماعية وفكرية، وذلك من أجل التشبث بالحكم، حيث كانت الخلافات فيما بينهم تحتدم إلى أن يقضي إمام على الآخر، وهكذا حتى قيام الجمهورية اليمنية عام 1962.


أسباب الصراع
والصراعات داخل الجماعة الحوثية لها عدة أسباب، أهمها تداخل الصلاحيات بين القيادات النافذة، وكذا الموارد المالية والحسابات الخاصة، إضافة إلى الخسائر في جبهات القتال التي أودت بمئات من المجندين، وعشرات القيادات الميدانية، كما يقول الصحفي والمحلل السياسي رماح الجبري، لافتًا إلى أن أهم الخلافات والصراعات داخل الجماعة الحوثية، والتي يمكن أن تؤثر على مسار الجماعة، هي الصراعات الطبقية بين القيادات التي تدعي انتماءها للسلالة الهاشمية من أبناء صنعاء الذين هيأوا للانقلاب من وسط صنعاء، وبين من يدعون انتماءهم للسلالة الهاشمية القادمين من محافظة صعدة شمالاً، باعتبار أن هاشمي صنعاء أعلى طبقية من هاشمي صعدة، فيما يتمتع هاشميو صعدة بالسلطة والنفوذ والارتباط بإيران، ومقتل حسن زيد، أحد أبرز الشواهد على هذا الخلاف.

وحمل محمد علي الحوثي، عضو ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، في تغريدة له على «تويتر»، أمريكا والتحالف العربي مسؤولية مقتل حسن زيد، كون قتله جاء بعد رصد مبلغ مالي.

وبعد يوم وأحد من مقتل زيد، أعلنت وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في بيان لها، أنها تمكنت من العثور على القتلة، وحاولت القبض عليهم، غير أنهم رفضوا تسليم أنفسهم، وقاوموا الحملة الأمنية، وقُتلوا خلال المواجهات معهم.

وتصاعدت حدة الأزمة والخلافات بين «أجنحة» الميليشيات الحوثية في اليمن على رئاسة مجلس النواب لتصل إلى تجميد أعمال المجلس بتوجيهات مباشرة من القيادي الحوثي رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.

جاء ذلك بعد إعادة انتخاب القيادي المؤتمري المقرب من الحوثيين يحيى الراعي، رئيسًا لمجلس النواب الخاضع لسيطرة الحوثيين، وانتخاب 3 آخرين بينهم البرلماني عبده بشر، وزير الصناعة والتجارة السابق في حكومة الانقلاب.

وتتمثل أجنحة الميليشيات الحوثية، بين التيار الحوثي العقائدي، الذي ينتمي إلى محافظة صعده، والتيار الحوثي الآخر، الذي كانت تعمل أغلب قيادته ضمن نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

مطالب بضرورة تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»

مع تزايد العمليات المسلحة التي تنفذها ميليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني في اليمن، طالبت الحكومة اليمنية مجددًا بضرورة تصنيف الجماعة الانقلابية «إرهابية».


ودعا الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني، العميد الركن عبده مجلي، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، الجمعة 6 نوفمبر 2020، إلى تصنيف ميليشيات الحوثي الانقلابية كجماعة إرهابية وإدانة الجرائم والأعمال الإرهابية والانتهاكات التي تمارسها بحق المدنيين، مشددًا على ضرورة إسراع الأمم المتحدة في القيام بما تمليه عليها مسؤولياتها في حماية المدنيين في مختلف المحافظات اليمنية.

وجاء ذلك إثر قيام الميليشيات الحوثية، الجمعة، بإطلاق صاروخ باليستي سقط في أحد الأحياء السكنية بمدينة مأرب.

وقال مجلي، في بيان نشره الموقع الرسمي للجيش اليمني، إن «ميليشيات الحوثي الإرهابية تواصل استهداف الأحياء السكنية بمدينتي مأرب وتعز ومديريات جنوب محافظة الحديدة، بالصواريخ وقذائف المدفعية والدبابات».

وأشار إلى أن الميليشيات الانقلابية أطلقت صاروخًا باليستيًّا على أحد أحياء مدينة مأرب، سقط على أحد المباني متسببًا في أضرار مادية وحالة من الهلع والفزع في أوساط السكان، مضيفا أن استهداف الميليشيات المكثف للمدنيين دليل على إمعانها في الجرائم، وأنها متحدية القوانين والأعراف الدولية، حيث تقصف وتقنص النساء والأطفال وتطلق الصواريخ والطائرات المسيرة والمقذوفات بأنواعها، على التجمعات السكانية والمدارس والمستشفيات في مدينتي مأرب وتعز والمديريات الجنوبية لمحافظة الحديدة.

وأكد الناطق باسم الجيش اليمني أن هذه الاستهدافات المباشرة، والتي كثفت منها الميليشيات الحوثية مؤخرًا، أسفرت عن مقتل عدد من المواطنين، وإصابة وجرح آخرين، بينهم أطفال ونساء وكذلك إحداث أضرار جسيمة بمنازل وممتلكات المواطنين.

وأفاد بأن الميليشيات الحوثية ماضية في إجرامها ومستمرة في استهدافها الأعيان المدنية، في تحدٍّ واضح لكل القرارات الأممية والاتفاقات التي رعتها الأمم المتحدة إذا لم يتم ردعها والتعامل معها، كونها لا تعترف بالقانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، بحسب تعبيره.

يشار إلى أن مجلس النواب اليمني كان قد طالب في منتصف أبريل 2017، الحكومة الشرعية بتقديم مشروع قانون يصنف الجماعة الحوثية منظمة إرهابية.

وفي حال إقدام الإدارة الأمريكية على تسمية الجماعة الحوثية «إرهابية»، فسيؤدي ذلك إلى تجميد الأصول المالية للجماعة وحظر عناصرها من السفر؛ وهو الأمر الذي يجري البحث في شأنه من قبل واشنطن منذ عام 2016.


وفي يونيو2019، أعلن البرلمان العربي تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة «إرهابية»، مطالبًا، في الوقت ذاته، الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بإجراء مماثل نظرًا لـ«تعمدها استهداف المدنيين والمنشآت المدنية».

وطالب البرلمان العربي مجلس الأمن الدولي بموقف حازم وفوري بتصنيف ميليشيا الحوثي الانقلابية جماعة إرهابية لانتهاكها الصارخ القانون الدولي، وتعمدها الاستهداف المتكرر للمنشآت المدنية والحيوية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وملاحقة قادتها ومموليها وداعميها، سواء كانوا دولًا أو جماعات.