تتحدث عن موافقة الرياض..

رويترز: ضبابية تحيط بموقف السعودية من هدنة شاملة مع الحوثيين

تتفاوض السعودية مع الحكومة الشرعية "أرشيفية"

رويترز

أثار الخبر الذي نشرته وكالة “رويترز”، قبل أيام، نقلاً عن ثلاثة مصادر دبلوماسية، موافقة السعودية على إعلان هدنة شاملة مع الحوثيين في مقابل الموافقة على إنشاء منطقة عازلة على الحدود اليمنية- السعودية، حالة من الجدل؛ خصوصاً بعد نفي الحوثيين التوصل إلى هذا الاتفاق من خلال المفاوضات غير المباشرة التي أكدتها “رويترز”.

وحسب الوكالة البريطانية، فإن المفاوضات التي جرَت عبر قنواتٍ خلفية وغير مباشرة، أسهمت في الوصول إلى هذه النقطة، وسط تأكيد للخبر من ثلاثة مصادر دبلوماسية مختلفة، بينما تقارير صحفية يمنية تتحدث عن تفاهمات يحاول الوسطاء تحقيقها بين جماعة “أنصار الله” والرياض.

لكن السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، أكد أن بلاده لا تخوض أي مفاوضات مع جماعة الحوثي التي تعتبرها طرفاً غير معترف به، مؤكداً أن المفاوضات تجري بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين من خلال المبعوث الأممي.

وأضاف المعلمي أن المملكة منفتحة على التواصل مع جميع فئات الشعب اليمني من دون استثناء، مشيراً إلى أن الحديث عن منطقة عازلة على الحدود أمر تناقشه المملكة مع الحكومة الشرعية؛ باعتبارها مسألة عسكرية تُبحث بين القيادتَين في البلدَين المعنيَّين.


غياب التأكيد
“لسنا متأكدين من هذه التسريبات حتى اللحظة”، حسب الباحث الإماراتي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إدنبرة مروان البلوشي، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن الهدف منها قد يكون تهيئة ما للرأي العام أو جس نبض، أو مماحكات دبلوماسية -لأهدافٍ قد لا تكون علاقة لها باليمن أصلاً- كالتي تمارس اعتيادياً في ملعب السياسة؛ لكن ما يمكن تأكيده هو النظرة السعودية تجاه اليمن والحوثيين لن تتغير كثيراً.

يلفت البلوشي إلى أن السعودية كانت دوماً تنظر إلى اليمن باعتباره “مصدر صداع”؛ بسبب طبيعة النظام الجمهوري وخلافاته الحدودية العميقة، وحياته السياسية العقائدية الممتزجة بالقبلية، وعدد سكانه الكبير، واحتمالات تحالفه أو تفاهمه مع دولٍ في الإقليم ضد المملكة، وفي أسوأ الحالات تحوَّل الصداع إلى تهديد مغروز في خاصرة المملكة، ولن تختلف هذه النظرة الآن؛ لكن  الظروف تختلف قليلاً عن الماضي.


أنيس الشرفي


الحرب قد تنتهي بالنسبة إلى السعودية؛ لكنها لن تنتهي بالنسبة إلى اليمنيين، حسب المحلل السياسي اليمني أنيس الشرفي، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أنها ستتواصل بين القوى السياسية المتحاربة في الداخل، مشيراً إلى أنه في حال صدق ما جاء بالتسريبات، فإن هذا الأمر سيسهم في توسيع شهية الحوثيين ويفرغهم للانشغال بترتيب أوضاعهم في الداخل وتمديد نفوذهم وإسقاط مزيد من المناطق اليمنية.

دعوات حوثية لإنهاء الحرب

وكان الناطق الرسمي باسم جماعة “أنصار الله” اليمنية؛ محمد عبدالسلام، قد دعا السعودية، قبل شهرين، إلى وقف سريع وشامل لإطلاق النار براً وبحراً وجواً، وكل الأعمال العسكرية، وإنهاء الصراع، مؤكداً عدم وجود مكان للمرتزقة بين أبناء الشعب اليمني.

وتحدثت تقارير صحفية أمريكية عن رغبة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في دعم إنهاء الحرب اليمنية خلال الفترة المقبلة، في وقتٍ لا تزال فيه إدارة الرئيس الأمريكي الجديد منشغلة بالقضايا الداخلية بشكل رئيسي، حتى موعد تسلم السلطة بعد نحو شهرين.


تحوُّل سعودي

يلفت مروان البلوشي إلى أن السعودية تمر بتحول اقتصادي- اجتماعي مصيري، وتواجه عدة قوى إقليمية -إيران وتركيا- في آن واحد، وحليفها الأمريكي يستعد لرئيس جديد لن يمنح الرياض نفس دعم ترامب، مشيراً إلى أن هذا التسريب يبعث بإشاراتٍ إيجابية، للداخل والإقليم والقوى الغربية، بأن الرياض مرنة في مقاربتها ولا تستبعد تغيير توجهها -التكتيكي على الأقل- في اليمن.

وأكد البلوشي أن فريق الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، سيستقبل هذه التسريبات بصدرٍ رحب، وسيخفف مؤقتاً من حدة الأصوات المناكفة للمملكة داخل الحزب الديمقراطي، والأهم من ذلك أنها ستعطي السعوديين مساحة المناورة للحديث من دون ضغوط أمام واشنطن الجديدة والقوى الدولية؛ وهو الأمر الذي كان المحللون المتفهمون لتوجهات المملكة يتخوفون من غيابه في حال مغادرة ترامب البيت الأبيض.


أنصاف الحلول لا تصلح

يؤكد أنيس الشرفي استحالة أن تؤدي أي حلول مجتزأة أو مبتسرة إلى إنهاء الحرب، وضرورة أن يتم التوصل إلى تسوية شاملة تراعي مخاوف وتوجسات ومطالب جميع الأطراف والقوى السياسية، وتتبنى تطلعات الشعب؛ لا سيما في الجنوب الذي عاني كثيراً في السنوات الأخيرة.

وحسب الوثيقة التي نشرها معهد واشنطن، الربيع الماضي، عن مطالب الحوثيين لوقف إطلاق النار، فإنها لم تراعِ مخاوف التحالف من استخدام إنهاء الحصار الجوي والبحري والبري؛ للحصول على أسلحة ودعم من إيران بشكل سهل، وهو ما تم رفض التفاوض بشأنه للوصول إلى حل وسط يرضي الطرفَين برعاية أممية، فضلاً عن شروط أخرى جعلت التقرير الأمريكي يتوقع فشلها.

يؤكد البلوشي أن تحليل النتائج النهائية للحرب السعودية في اليمن سيستغرق زمناً طويلاً، حتى نعرف إن حققت المملكة أهدافها المعلنة بالكامل، أو إن كانت هذه الحرب هي “فيتنام السعودية” -كما تتمنى المحاور المناوئة للرياض- أو إن كان الملف اليمني، وبالذات التعامل مع الحوثيين، سيظل صداعاً مستمراً للسعوديين خلال السنوات القادمة.