تواصل التقاعس الدولي مع إجرام المليشيات بحق الشعب اليمني

تقرير أممي يفضح تسليح إيران لمليشيا الحوثي

ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن

وكالات

تعيش مليشيا الحوثي مأزقًا دوليًّا جديدًا؛ بسبب سلوكها الإرهابي المستمر، وسعيها للحصول على ترسانة أسلحة عن طرق تهريب عصابات السلاح والمنظمات الإرهابية الدولية؛ حيث كشف تقرير جديد للخبراء الأمميين، الذي أعلن مطلع فبراير الجاري، عن حصول المليشيا الحوثية في اليمن خلال 2019 على أسلحة جديدة من إيران.

ولأن التقرير الذي قدمته لجنة الخبراء إلى مجلس الأمن الدولي، هو نتاج جهود عام كامل من التحقيق الذي أجراه خبراء الأمم المتحدة المكلفون بمراقبة حظر السلاح المفروض على اليمن منذ 2015؛ فإنه يعد على قدر كبير من الأهمية؛ لكنه يقتصر على رصد مرحلة من إمدادات النظام الإيراني لمليشيا التمرد؛ مغفلًا ما يربو على عقد من الزمان، كانت الأسلحة الإيرانية هي المحرك الأساسي للتمردات الحوثية والانقلابات على الدولة اليمنية، ويذهب التقرير الأممي إلى أنه "بالإضافة إلى أنظمة الأسلحة المعروفة التي كانت بحوزتهم حتى الآن، بات (الحوثيون) يستخدمون نوعًا جديدًا من الطائرات بلا طيار من طراز (دلتا)، ونموذجًا جديدًا من صواريخ كروز البرية".

 

قطع غيار وصواريخ

 

وأشار التقرير إلى نقل قطع غيار متوافرة تجاريًّا في بلدان صناعية، مثل: محركات طائرات بلا طيار، والتي يتم تسليمها إلى الحوثيين عبر مجموعة وسطاء، إضافة إلى استمرار تسليم الحوثيين رشاشات وقنابل وصواريخ مضادة للدبابات ومنظومات من صواريخ كروز أكثر تطورًا.

وفي فقرة خجولة يقول الخبراء: إن "بعض هذه الأسلحة لديه خصائص تقنية مشابهة لأسلحة مصنوعة في إيران"، وكشف عن أن القطع غير العسكرية وتلك العسكرية تصل إلى صنعاء عن طريق التهريب.

الحكومة اليمنية الشرعية اعتبرت التقرير الصادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة، تأكيدًا على الدور التخريبي للنظام الإيراني في اليمن، وشددت على ضرورة ممارسة الضغط على طهران لوقف تأجيج الحرب في اليمن.

 

أدلة بلا حصر

ولأن الأدلة على تزويد النظام الإيراني للحوثيين بنوعية أسلحة لم تكن مستخدمة في اليمن، أصبحت متواترة وموثقة؛ فإن تأكيد التقارير على حصول المليشيا على أسلحة فتاكة لم تكن موجودة في اليمن؛ هو ما أدى إلى توسع دائرة العنف وتفاقم الصراع، وتصاعد أعمال العنف الحوثية.

وفي العام 2017 كشفت السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة "نيكي هايلي" أدلة لا يمكن إنكارها تُثبت انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي (2231) وتؤكد مسؤولية النظام الإيراني في تهريب الأسلحة المتطورة لوكلائها الحوثيين في اليمن.

 

تسليح مستمر وعنف متزايد

غير أن تزويد إيران لأدواتها الحوثية بأسلحة نوعية متطورة لم تكن موجودة في اليمن قِبَل 2015؛ لا يعني براءة النظام الإيراني من دعم العنف الحوثي طوال سنوات سبقت ذلك؛ فالتمرد الحوثي الذي انطلق من جبال مران في 2004 سبقه دعم إيراني عبر تهريب الأسلحة المتوسطة؛ لمواجهة الجيش اليمني في ست حروب على مدار ستة أعوام؛ غير أن مرحلة جديدة بدأت مع تزويد إيران الحوثيين بالأسلحة بشكل لافت خلال 2013، حين أعلنت الحكومة اليمنية توقيف السفينة جيهان 1، وتبعتها السفينة جيهان 2.

 

مسارات الدعم

ويتضح جليًّا أن دعم إيران للمليشيا الحوثية الإرهابية في اليمن اتخذ مسارات عدة، بدأت بالتهريب عن طريق السواحل اليمنية الممتدة، ثم عن طريق الموانئ الخاضعة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين، وكذا عن طريق تجار سلاح يعملون لصالح المليشيا المتمردة.

 

خبراء تسليح

غير أن مسارًا جديدًا انكشف مؤخرًا مع تصنيع مليشيا الانقلاب الحوثية للصواريخ؛ الأمر الذي كشف جليًّا أن إيران لم تتوقف عند دعم أذرعها في اليمن بالسلاح فحسب؛ بل إنها تدعمهم بالخبراء العسكريين والمتخصصين في التصنيع الحربي، وهؤلاء الخبراء دخلوا بطرق مختلفة، ولا يزال بعضهم يشرف على العمليات العسكرية للمليشيا.

ولعل الأمر يصل إلى أبعد من ذلك؛ إذ إن مليشيا الحوثي وبداية تكوينها؛ يأتي في سياق المشروع الإيراني "تصدير الثورة الخمينية" الذي بدأ بعد 1979، الذي اقترن بتصدير السلاح؛ في محاولة لتحقيق طموحاتها التوسعية الخبيثة والوصول إلى تأسيس مشروعها الكهنوتي الذي لا يبدو أنه يستهدف اليمن فقط؛ بل يستهدف الجوار العربي والإقليمي.

 

العويل على "سليماني"

وإذا كان قائد الحرس الثوري الإيراني المشرف على مشاريع العنف الإيرانية خارج الحدود، الصريع قاسم سليماني، هو الراعي الرسمي لمليشيا إيران في بعض الدول العربية؛ فإن مصرعه في شهر يناير 2020 قد كشف ما بقي من الغموض حول تسليح إيران لمليشياتها، ومنها مليشيا الحوثي في اليمن، وقد عكس ذلك حجم الصراخ والعويل الذي بدت عليه قيادات التمرد الحوثية.

وكما تستخدم مليشيا الحوثي صناديق المساعدات الإغاثية لإخفاء السلاح الإيراني؛ فإن دولًا ساعدت على تهريب السلاح الإيراني وإيصاله إلى المليشيا الحوثية في اليمن، كما أوضح ذلك محافظ الحديدة الحسن طاهر في يونيو 2019؛ بينها صواريخ وطيران مسير استخدمتها المليشيا الإرهابية في قصف مدن يمنية، كما طال الإرهاب الحوثي مدنًا سعودية.

 

تورط إيراني.. تقاعس دولي

ورغم أن تحقيقات الخبراء الدوليين جاءت قاطعة لأي لبس، في أن إيران تسلح أدواتها الإرهابية في اليمن وفي غيرها من الدول، وأن صواريخ الحوثي الباليستية التي تقتل المدنيين داخل اليمن إيرانية الصنع، ورغم تأكيد دول عدة منها الولايات المتحدة الأمريكية، تورط نظام الملالي في طهران بتزويد مليشيا الحوثي بأسلحة نوعية ومتطورة؛ رغبة منها في تصاعد حدة العنف وإطالة أمد الحرب في اليمن؛ إلا أن الموقف الدولي لا يزال متقاعسًا إزاء الخروقات الإيرانية للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص؛ الأمر الذي لم يؤدِّ إلى اتخاذ موقف جاد وصارم يوقف الإجرام الإيراني في اليمن.

ومنذ وصول سفن الأسلحة الإيرانية إلى اليمن في 2013، مرورًا بتقارير تهريبها عبر الشواطئ اليمنية، وتفريغ الزوارق الإيرانية فيها، وصولًا إلى اتهامات أطلقها ناشطون يمنيون مرارًا، تتهم منظمات دولية بالتستر والتواطؤ مع المليشيا في تهريب الأسلحة وتسهيل وصولها تحت غطاء إنساني، فلا يزال السلاح الإيراني يتدفق إلى اليمن، ومعه تتصاعد دورات العنف الحوثي، وترتفع أعداد الضحايا من المدنيين؛ فضلًا عن ملايين الألغام التي تهدد حياة ملايين المدنيين اليمنيين، على مدى عقود قادمة.