الأزمة المالية تهدّد العراق بالغرق في حرب أهلية

وضع قد يتفجر في أي وقت
حذّر تقرير غربي من أنّ ما يشهده العراق في الوقت الحالي من ضائقة مالية شديدة، هو أقرب إلى حالة من الإفلاس إذا تحققت بالفعل، فإنّ تبعاتها لن تتوقّف عند حدود الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بل قد تؤدّي إلى انهيار النظام وشيوع الفوضى وغرق البلد في حرب أهلية طاحنة يكون وقودها العشرات من الميليشيات المنفلتة وما بين أيديها من ترسانة ضخمة من الأسلحة.
وقالت مجلة فورين بوليسي في تقرير عن المشكلات التي سيواجهها الرئيس الأميركي الجديد جو بادين على صعيد خارجي، إنّ العراق شهد على مدى العقدين الماضيين تفشي الفساد وتغلغله في مفاصل الدولة، حيث سمحت الحكومات الضعيفة المتعاقبة منذ سنة 2003 لكل حزب سياسي كبير بإدارة وزارة أو أكثر، مما أدى إلى ظهور شبكات ضخمة من المحسوبية والفساد تمتص عائدات النفط وتمررها إلى أتباعها.
وقد أدّى انتشار الكسب غير المشروع بشكل فعال إلى إلغاء الدور الضئيل أصلا للقطاع الخاص في العراق، ما جعل البدائل لوظائف القطاع العام منعدمة، الأمر الذي دفع المواطنين إلى الاعتماد على الحكومة بشكل كبير في كسب عيشهم، سواء بالوظائف أو المعاشات.
وبحسب الصحيفة، فقد ارتفع عدد العاملين في القطاع العام ثلاثة أضعاف منذ 2004، كما ارتفعت الرواتب التي تدفعها الحكومة بنسبة 400 في المئة، والنتيجة هي أن بغداد أصبحت بحاجة إلى 5 مليارات دولار شهريا لدفع الرواتب والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى ملياري دولار لتغطية تكاليف التشغيل.
ومنذ انهيار أسعار النفط، التي توفر حوالي 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، تراجع الدخل الشهري للعراق بين 2.5 و3.5 مليار دولار، وهذا يعني أن بغداد تعاني من عجز شهري يتراوح بين 3.5 و4.5 مليار دولار.
وبسبب كل هذا بدأت احتياطات العراق من العملة الصعبة في النفاد، ومع صيف العام القادم ستنخفض احتياطات العراق من العملة بشكل خطير، مما يجعل الدولة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها مثل دفع الرواتب.
وأشار التقرير إلى أنه من شبه المؤكد أن تؤدي الأزمة المالية إلى اندلاع مظاهرات واسعة النطاق في الشوارع، حيث سيطالب العراقيون مرة أخرى بتغيير الحكومة وسيكون من الصعب على السلطات الحفاظ على النظام إذا لم يتم دفع الرواتب.
وأضاف أن الجماعات المسلحة ستعمل على ملء الفراغ وانتزاع دور قوات الأمن الأساسية في العراق، مما يؤدي إلى اشتعال القتال بينها في محاولة للسيطرة على موارد الدخل، مثل حقول النفط والموانئ والمعابر الحدودية والشركات الكبيرة والأراضي الزراعية والممتلكات الخاصة، وعند ذلك سيغرق البلد في دورة جديدة من الحرب الأهلية.