أندية اتخذتها جسراً غير شرعي نحو جائزة المليون
الرياضة السعودية تعلن الحرب على ظاهرة الجماهير المزيفة
تشكل خطوة الاستعانة بالعمالة الأجنبية في مدرجات المباريات ظاهرة لافتة ومسيئة لمكانة الدوري السعودي، إن كان على المستوى العالمي أو على مستوى القارة الآسيوية، الأمر الذي دفع بالهيئة العامة للرياضة لإعلان فتح التحقيق الرسمي إزاء تلك المخالفة.
وكان رجاء الله السلمي، وكيل رئيس هيئة الرياضة السعودية، قد أعلن عن فتح تحقيق رسمي في مداخلة هاتفية للقنوات الرياضية السعودية فجر أمس، بعد تداول صور ومقاطع فيديو لعمالة داخل مدرجات ملاعب كرة القدم تم استئجارها في مباراة الشباب والنصر ضمن منافسات الدوري التي جرت الجمعة الماضية.
ونشر حساب القناة «الإخبارية» السعودية صوراً ومقاطع فيديو توضح وجود عمالة بأعداد كبيرة في ملعب الملز (وسط الرياض) تحمل أعلام نادي الشباب.
وتخصص هيئة الرياضة مكافأة مليون ريال للأندية التي تشهد مدرجاتها حضوراً جماهيرياً كثيفاً، وذلك بحسب إعلان هيئة الرياضة لاستراتيجيات الأندية السعودية.
وتنامت ظاهرة توافد العمالة الأجنبية إلى مدرجات الملاعب في الدوري السعودي للمحترفين بشكل مزعج، فيما يلحظ الجميع وجود الحافلات التي تستعين بها إدارات عدد من الأندية لنقل العمالة من بعض الشركات والمجمعات التجارية والأماكن التي تكتظ بالعمال إلى الملاعب، بعد الاتفاق معهم على مبلغ مالي ضئيل ووجبات غذائية مقابل قضاء ساعتين في المدرجات لزيادة العدد الجماهيري لهذه المباراة، بهدف اصطياد جائزة المليون ريال التي خصصتها الهيئة العامة للرياضية السعودية ضمن استراتيجية الدعم الحكومي للأندية الرياضية.
والطريف أن هذه العمالة تحضر المباراة وهي لا تعلم من هما طرفي المنافسة، فيما يقضون وقتهم في رفع أعلام النادي الذي يحضرون إليه دون معرفة به.
وتقدم الهيئة الرياضية مبلغاً بقيمة مليون ريال لكل مباراة يستضيفها النادي على أرضه، في حال زاد الحضور الجماهيري فيها على 50 في المائة من سعة الملعب الذي تتسع مدرجاته لأقل من 10 آلاف مشجع، أو في حال حضور 10 آلاف مشجع كحد أدنى للملاعب التي تتسع مدرجاتها لأكثر من 10 آلاف مشجع. وتكررت في الآونة الأخيرة مشاهد توافد الحافلات المحملة بالجماهير لأندية الاتفاق والوحدة والرائد والفيصلي، وأخيراً الشباب، مما يضعها في دائرة التحايل والشك حول مصداقية العدد الجماهيري.
ولا يختلف اثنان حول شرعية حضور العاملين أو المقيمين في المملكة العربية السعودية للملاعب، ومشاهدة المباريات، حيث يحتل الدوري السعودي مركزاً متقدماً بين الدوريات العالمية من ناحية القيمة السوقية للاعبين، مما يعني وجود نجوم كبار لهم ثقلهم الفني في جميع الأندية المحلية، خصوصاً الأندية الأربعة الكبار التي تضم لاعبين دوليين، إلى جانب الأجهزة الفنية العالمية التي تقود هذه الأندية، وهو ما يعني إغراء المقيمين والعاملين، هم وعائلاتهم، من الشغوفين بكرة القدم بالوجود في المدرجات لمشاهدة المباريات، والاستمتاع بمهارات النجوم العالميين.
إلا أن استغلال حاجة العاملين البسطاء والكادحين في الشركات والمؤسسات الكبيرة التي يمتلكها بعض رجال الأعمال من أعضاء الشرف أو رؤساء الأندية وأعضاء مجلس إداراتها، وإجبار العمالة على الحضور لإيهام الشارع الرياضي بجماهيرية مزيفة، وارتفاع عدد الحضور الجماهيري لأكثر من نصف اتساع الملعب لكسب جائزة المليون ريال، هو ما يضع هذه الأندية تحت دائرة التحايل والشك، بعد المشاهد المتكررة لتوافد حافلات محملة بالعمالة الأجنبية تقف أمام بوابات الملاعب لتوصيلهم للملعب، وإعادتهم من جديد لمقر السكن بعد نهاية المباريات.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي عدداً من الصور والفيديوهات يثبت استعانة إدارات عدد من الأندية بمجموعة كبيرة من العمالة التي تصطف بطوابير طويلة أمام البوابات الإلكترونية قبل بداية المباريات، حيث يتم توزيع التذاكر عليهم في الحافلات قبل نزولهم بشكل منتظم نحو البوابات، ويستقبلهم المشرفون على روابط الجماهير بالأندية، ويوجهون فور دخولهم للمقاعد المحجوزة لهم، كما يتم توزيع الأعلام والشعارات للتفاعل، وهو أحد الشروط الرئيسية للحصول على المبلغ المالي بعد المباراة، ودائماً ما تكون مقاعدهم قريبة من روابط الأندية في منتصف المدرجات.
وتهدم هذه الخطوة المزعجة مصداقية الحضور الجماهيري للأندية على حساب الفوز بجائزة المليون ريال، وتحرم الأندية المتحايلة كما حدث في مباراة الاتفاق والعدالة، بعدما كشفت التحقيقات التي أجرتها إعادة إدخال تذاكر الحضور أكثر من مرة لزيادة عدد الجماهير.
وقالت الهيئة في بيانها: «كشفت التحقيقات التي أجريت وجود مخالفات من الجهة التي أسند لها نادي الاتفاق تسويق تذاكر النادي وتنظيم عملية دخول الجماهير، من خلال إدخال التذاكر بشكل متكرر من أجل الحصول على الدعم المالي المقدر بمليون ريال. وبناء على ذلك، تقرر حرمان الاتفاق من الحصول على المبلغ، وإنذار النادي بعدم تكرار ذلك، والالتزام بالإشراف الكامل على الجهات المتعاقد معها لتسويق التذاكر وتنظيم عملية دخول الجماهير».
ولجأت إدارات أخرى لطرق أكثر نظامية واحترافية في سبيل إيداع مليون ريال في حسابتها البنكية من قبل الهيئة العامة للرياضة، بشراء التذاكر وتوزيعها مجاناً على الجماهير، والإعلان عن تكفل نجوم الفريق بشراء التذاكر وتوزيعها أيضاً في التدريبات وأمام بوابات الملاعب لإغراء الجماهير بالحضور، إلى جانب الفاعليات التي تسبق المباريات للعوائل والأطفال والشباب، والتي تقام بعد الدخول لملعب المباراة، بالإضافة إلى السحب على جوائز مميزة، من أجهزة لوحية وهواتف ذكية وتذاكر سفر، بعد نهاية المباريات، على خلاف الجوائز المقدمة من الهيئة الرياضية.
يذكر أن 7 ملاعب، من بين الملاعب الـ11 التي تحتضن منافسات الدوري المحلي، تتسع لأكثر من 20 ألف مشجع، و4 ملاعب دون ذلك. ويتسع ملعب المجمعة الرياضي لـ7500 مشجع، وملعب مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز بأبها لـ17 ألف مشجع، وملعب الأمير عبد الله بن جلوي بالأحساء لـ18 ألف مشجع، بينما سيكون الحصول على مبلغ المليون ريال سهل المنال على نادي الحزم الذي يتسع ملعبه لـ3 آلاف مشجع، وهو الأقل بين الملاعب السعودية اتساعاً للجماهير.