كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
"من المخجل جدّا جدّا" بهذه الجملة غرّد السيّد مقتدى الصدر مهاجمّا رئيس الجمهورية العراقيّة برهم صالح، بعد ساعات من ترشيح الأتّحاد الوطني الكوردستاني له في إجتماع قوى التيّار التنسيقي التي منح الصدر أصوات ناخبيه لأحزابه الشيعيّة من أجل تشكيل الحكومة القادمة. وجاءت تغريدة الصدر في وقت لم يصادق فيه رئيس الجمهوريّة لليوم على قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني" الذي صوّت عليه البرلمان العراقي بالإجماع، خلال فترة الخمسة عشر يوما التي حددّها الدستور للمصادقة على قرارات البرلمان من قبل رئيس الجمهورية، لتكون نافذة بحكم القانون مثلما يقول الصدر الذي ردّ الناطق برئاسة الجمهوريّة عليه في بيان قال فيه أنّ "رئيس الجمهورية برهم صالح كان قد وجّه بالتعامل مع هذا القانون بالصيغة المرسلة من قبل مجلس النواب دون أي ملاحظة، ونشر في جريدة الوقائع العراقية بتاريخ 20 حزيران 2022 ليدخل حيّز التنفيذ". وبغضّ النظر عن توقيت التغريدة وموقف شعبنا من مسألة التطبيع وإصطفاف غالبية شرائحه الى جانب القضيّة الفلسطينية العادلة، وبغضّ النظر كذلك عن نشر القانون في الجريدة الرسمية من عدمه، فأنّ استخدام الصدر لأسلوب عدم الاحترام في مخاطبته لرأس الدولة كقوله "ما يسمّى برئيس جمهورية العراق"، تُحسب ضدّه. فالخطابات الرسميّة بين المسؤولين السياسيين وتصريحاتهم، عليها أن تكون على درجة من اللياّقة وآداب المخاطبة، هذه التي تجاوزها السيّد مقتدى الصدر، وكأنّه يتحدث الى جمهوره الذي يتركه أثناء خطبه فيهم واصفا إيّاهم بـ "جهلة.. جهلة.. جهلة" أو حين يزعل عليهم ليتركهم في حيرة من أمرهم وأمرنا!
في تغريدته وصف الصدر برهم صالح بغير الوطني، فما هي الوطنيّة بمفهوم الصدر وكيف يعرّفّها؟ علما أن لا السيّد برهم صالح ولا السيّد الصدر ولا جميع ساسة المحاصصّة منذ بداية الاحتلال لليوم يحملون صفة الوطنيّة، فالوطنيّة تعني الاخلاص للوطن والتضحية من أجله والدفاع والسهر والعمل على أسعاد أبنائه. فهل تتوفر مثل هذه الصفات عند ساسة المحاصصة ورجال دين العراق ومنهم السيّد مقتدى الصدر والسيّد برهم صالح، الذي جعله الصدر في مرمى سهامه؟
هنا أستعير الجملة التي غرّد بها السيّد الصدر لأقول:
من المخجل جدّا جدّا على السيّد مقتدى الصدر بيع أصوات ناخبيه لأركان البيت الشيعي.
من المخجل جدّا جدّا على مقتدى الصدر وهو يعلن محاربته للميليشيات وحلّها، أن تكون "سرايا السلام" أداته الضاربة في قتل المعارضين لسلطة المحاصصّة، كما جرائمها أثناء انتفاضة تشرين وبعدها وقبلها.
من المخجل جدّا جدّا على الصدر، بل ومن الصبيانيّة وهو يُعلن لأكثر من مرّة لليوم تركه العمليّة السياسيّة ثم العودة إليها وتركها والعودة إليها وهكذا.
من المخجل جدّا جدّا على مقتدى الصدر وجميع المتصدّين للشأن السياسي فقر شعبنا وجوعه، بعد أن دخلت ميزانيّة البلاد أكثر من الف مليار دولار. السيّد مقتدى الصدر، أين ذهب هذا المبلغ الضخم، وألم يكن كافيا لو تمّ إستغلاله من قبل حكومات وطنية من تلك التي كنت جزءا منها لرفاه شعبنا وبناء وطننا؟ هل لك أن تعرّف لنا مفهوم الوطنيّة!؟ وهل تستطيع أن تعدّد لنا أعداد وأسماء أصحاب الملايين من أعضاء تيّارك وغيرهم من أعضاء أحزاب المحاصصة، وما هي مصدر ملياراتهم. أسألك بالله أيّها السيّد الصدر أن لا تقول أنّهم ورثوها عن آبائهم؟
من المخجل جدّا جدّا على مقتدى الصدر أن تكون مدينة الثورة التي باعتها جماهيرها الذين أنصفتهم ثورة تمّوز وآبائهم، لتطلق عليها إسم مدينة الصدر وقبلها مدينة صدّام كونهم ينعقون مع كلّ ناعق، تعيش حياة مزريّة لقلّة الخدمات والصدريون على رأس كل الوزارات الخدميّة دوما. مع رجاء عدم تحميل بؤس المدينة وفقرها واهمالها وخرابها، لرفض إسرائيل تعميرها وبناءها، لأنّ هذا الكلام يُضحك الثكلى أيّها السيّد الصدر.
من المخجل جدّا جدّا على مقتدى الصدر أن يرى عطش أنهار العراق ولا يقود تيّاره في تظاهرات عارمة أمام سفارتي تركيا وإيران، وأمام البرلمان والحكومة لرفع قضّية المياه الى المحافل الدولية، لحصول بلدنا على حصصه المائيّة وفق القوانين الدوليّة باعتباره دولة مصب. علما أنّ إيران التي عليها تشكيل الحكومات العراقية باعتبارها الأب الروحي لشيعة العراق لم تقطع المياه فقط، بل غيّرت مجرى العديد من الأنهار الى داخلها الجغرافي. فهل تعاقب إيران هنا شعبنا بقتله وأرضه عطشا، متّهمة شيعة العراق وبقيّة ابناءه بقتل الأمام الحسين عطشا في كربلاء!؟
السيّد مقتدى الصدر، هل تعاني من شحّة المياه في بيتك، وهل تعاني من انقطاع التيّار الكهربائي، وهل تتم معالجتك في مستشفيات فاقدة لكلّ شيء كما مستشفيات فقراء شعبنا، هل يعمل أولادك وأولاد خاصّتك في جمع القمامة كما أطفال شعبنا ومنهم أطفال مريديك؟
السيّد مقتدى الصدر الوطنيّة فعل وليست قولا، فكن وطنيّا فعلا وليس قولا. فشعبنا بحاجة الى شخصيّة وطنيّة حقيقيّة قادرة على محاربة الفساد والجريمة المنظمّة، وبناء نظام جديد على أنقاض نظامكم المحاصصاتي الميليشياوي. ومن خلال سياساتكم وسياسات زملائكم ربابنة سفينة الفساد، أرى أنّ صفة الوطنيّة كبيرة عليكم، ولا حاجة لكم في رمي بيوت زملائكم في السفينة بالأحجار فالسفينة التي تركبونها سويّة مصنوعة من زجاج.
يقول الإمام علي بن أبي طالب "الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم"، فأين أنتم ودهاقنة الشيعة من فقراء ومساكين وأرامل وأيتام طائفتكم، ولا أقول فقراء ومساكين وأرامل وأيتام العراقيين جميعا.