كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
هناك عنف منظم تتم ممارسته من أجل إجهاض الاحتجاجات في العراق. ليس من الصعب الاهتداء إلى الجهة التي تشرف على تنظيم ذلك العنف وهي إيران، الطرف الوحيد المستفيد من استمرار الأوضاع السياسية الرثة في العراق على ما هي عليه.
لقد وظفت إيران كل أذرعها من أجل كسر إرادة الشعب العراقي وتعميم حالة اليأس بين صفوف الشعب العراقي كما لو أن أي شيء لن يتغير إلا عن طريق تسوية أميركية – إيرانية ستكون معلقة هذه المرة، وهو ما يرفضه المحتجون في الساحات.
ولأن الولايات المتحدة تُبدي امتناعا لافتا عن التدخل في ما يُسمى مجازا الشأن العراقي، فإن إيران هي الجهة الوحيدة التي لا تزال تملك القدرة على الحركة على الساحة العراقية من غير أن تشعر أن هناك أي نوع من المساءلة سيكون عليها أن تواجهها في ما ترتكبه من جرائم بحق الشعب العراقي الذي أعلن وبشكل واضح عن رفضه لهيمنتها.
سيكون من الصعب القبول بنظرية أن الولايات المتحدة قد تخلّت عن مصالحها في العراق، وهي في طريقها إلى أن تستسلم كليا لإيران في العراق
العنف الذي تمارسه إيران في العراق يبدو كما لو أنه مقبول من قبل الولايات المتحدة. ذلك ما يلقي ظلالا من الشك على مصداقية العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران. فهل كانت تلك العقوبات لتدجين إيران من غير الإضرار بمشروعها التوسعي، أم أنها تمثل مسعى جادا لتحجيمها واحتوائها وإنهاء هيمنتها على المنطقة؟
الخطأ الذي ترتكبه الولايات المتحدة يكمن في أنها لا تثق بالمحتجين ومن خلالهم بالشعب العراقي الذي تدين له بالاعتذار. الولايات المتحدة لا تثق بالعراقيين لأنها لا تريد أن تكون موضع لوم. تلك علاقة لا تؤسس لمستقبل حسن. فالولايات المتحدة بعد أن دمرت العراق لا ترغب في استرضاء شعبه. ذلك ما يمنح إيران فرصة مريحة لملء الفراغ السياسي وإن جرى ذلك عن طريق العنف. فهل يمكن القول إن الولايات المتحدة غير راغبة في وقوع التغيير في العراق لأنها لا تثق بالشارع العراقي؟
شيء من هذا القبيل قد يؤدي إلى نتائج إيجابية على مستوى استقلالية الاحتجاجات وحرية المحتجين في تكريس مطالبهم بعيدا عن الإملاءات الخارجية، غير أنه في الوقت نفسه يجعلهم من غير سند عالمي واضح، وهو ما يعرّضهم لخطر العنف الإيراني بشكل مباشر.
سيكون من الصعب القبول بنظرية أن الولايات المتحدة قد تخلّت عن مصالحها في العراق، وهي في طريقها إلى أن تستسلم كليا لإيران في العراق من خلال قيامها بإخراج قواتها من البلد الذي لم تبق فيه حجرا على حجر.
لأن الولايات المتحدة تُبدي امتناعا لافتا عن التدخل في ما يُسمى مجازا الشأن العراقي، فإن إيران هي الجهة الوحيدة التي لا تزال تملك القدرة على الحركة على الساحة العراقية
هزيمة من ذلك النوع لا يمكن توقع حدوثها في ظل اهتزاز الهيمنة الإيرانية على العراق بسبب الاحتجاجات الشعبية، غير أن ما هو متوقع أن تستمر الولايات المتحدة في عدم اكتراثها لمصير الشعب العراقي. ذلك السلوك العبثي سيضر بمصالح الولايات المتحدة لاحقا.
فإذا كان المحتجون غير راغبين في المرحلة الحالية في رفع شعارات معادية لإيران وأميركا في الوقت نفسه، فليس مستبعدا أن يتم تحميل الولايات المتحدة مسؤولية تفاقم القمع والعنف الإيرانيين ضد المحتجين. وهو ما قد يؤدي إلى انتشار حالة من النقمة على الولايات المتحدة بين صفوف الشعب العراقي. وذلك ما تسعى إليه إيران.
ترتكب الولايات المتحدة خطأ بشعا في حق العراقيين من خلال صمتها على ما يلحق بهم من أذى، مصدره مسعى إيران إلى تثبيت الأمر الواقع على حساب الحقيقة التي يناضل العراقيون من أجلها. حقيقة البلد الذي تصر الولايات المتحدة على تسليمه للضياع من خلال إلحاقه بنظام الملالي الذي تعلن على الملأ أنها تسعى إلى احتوائه وتهذيب سلوكه.
الولايات المتحدة في حاجة إلى أن تراجع سياستها في العراق. من غير ذلك فإنها ستفقد العراق إلى الأبد.