كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
حين تعبر إيران عن رغبتها في تسوية خلافاتها مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لا أعتقد أنها ستكون قادرة على كشف خبايا وأسرار عدائها لشعبي ونظامي الدولتين اللتين لم يُعرف عنهما أنهما قد ناصبتا إيران العداء في الماضي.
وإذا ما كانت الدولتان قد تعاملتا مع السلوك الإيراني بكثير من الحكمة والصبر فإنهما كانتا في الوقت نفسه حازمتين دائما إذا ما تعلق الأمر بسيادة دول الخليج وشؤونها الداخلية وهو ما لم تكن إيران قادرة على تفهمه لا بسبب عنجهية حكامها وهو مرض قديم حسب بل وأيضا بسبب انفصال نظامها عن العصر.
فمنذ أربعين سنة، وهو عمر الجمهورية الإسلامية، لا تكف إيران عن استعمال لغة طائفية، هي ليست واحدة من لغات العصر بل هي من بقايا عصور غابرة في التعامل مع دول المنطقة باعتبارها اللغة الوحيدة الممكنة التي تجيد استعمالها. وهي عن طريق تلك اللغة تسعى إلى التدخل في شؤون مجتمعات لا تفهمها ولا تمت لها بأي صلة.
كانت تلك اللغة تجسيدا لروح الوصاية التي اعتقد النظام الإيراني أنها جزء من بنيته المصيرية وأن وجوده لا معنى له من غيرها. فهي من وجهة نظره تكليف مطلق ليس على الآخرين سوى الخضوع له.
ذلك ما يعني أن أي دولة ترغب في الحوار مع نظام الملالي ما عليها سوى أن تهيء نفسها للقبول بلغة مجانين تقع خارج أصول العقل والمنطق وليست لها علاقة بتقنيات السياسة الممكنة أو المحتملة.
لذلك فشلت كل المحاولات السابقة لدفع النظام الإيراني إلى تفهم المحيط الإقليمي وشروط العلاقة بين الدول. لا لأنه لا يعترف بالدول في سياق وضعها السياسي الحديث بل لأنه لا يتصرف انطلاقا من كون إيران دولة يجب عليها احترام القانون الذي يخضع له الجميع.
إيران التي رفعت شعار تصدير ثورتها هي في حقيقتها ليست دولة مسالمة. إنها دولة حرب. وهي في سياق ذلك تعرف ماذا تريد؟ دولة لا تحيا من غير حرب. ولكن النظام الإيراني لا يمكنه أن يعترف بحقيقة ما يريد. ذلك اعتراف فائض عن الحاجة. يكفي أن نلقي نظرة سريعة على المناطق التي نجح النظام الإيراني في الهيمنة عليها حتى نرى ونلمس حقيقة ما تفكر فيه إيران على مستوى مستقبل المنطقة.
لقد أفلس لبنان ودخل العراق في نفق متاهة مظلمة يبدو الخروج منها أشبه بالمعجزة. كل ذلك حدث بعد أن وقع البلدان تحت الوصاية الإيرانية.
لذلك يمكن القول إن خلاف إيران مع السعودية والإمارات يكمن في أن الدولتين لم تسمحا لها بالتدخل في شؤونهما واتخذتا مواقف حازمة لحماية شعبيهما في مواجهة سموم الدعاية الإيرانية.
إيران التي تزعم اليوم بأنها تسعى إلى تحسين علاقاتها مع السعودية والإمارات لا يمكنها في أي حال أن تضع أسباب خلافها على الطاولة. فهي أصلا لا ترغب في مفاوضات تقوم على أساس عقلاني يستند إلى لغة القانون الدولي. في كل ما تقوله إيران هناك نوع من السخرية من الحقيقة. فلو استحضرنا مواقف إيران في مواجهة حدث جلل مثل إسقاط الطائرة الأوكرانية سنكون على بينة من طريقة التفكير الإيرانية القائمة على مبدأ المناورة والرهانات المتعددة التي تنطوي على الكثير من الكذب.
لقد كذب محمد جواد ظريف، وزير خارجية النظام كثيرا أثناء المفاوضات التي سبقت الاتفاق النووي. كان يكذب في كل اتجاه من أجل أن يُخفي الحقيقة.
ولأن الظاهرة الإيرانية فريدة من نوعها في عصرنا من جهة ما تنطوي عليه من عدوانية مغلفة بطابع ديني فإن التعامل مع مزاعم النظام الإيراني بإيجابية لن يؤدي إلى نتائج يمكن أن تعود بالنفع على السلم والأمن العالميين.