تناقض النظام الإيراني..

تناقض النظام الإيراني.. بين الوهم والواقع!

الخليج بوست

يحرص المسٶولون الإيرانيون ولاسيما الولي الفقيه علي خامنئي على التأکيد على قوة وتماسك النظام بوجه التحديات والتهديدات المحدقة به، وهذا ما يظهر ويتجلى دائما في الفترات التي يجد النظام نفسه فيها في موقف وصعب ليس من السهل تجاوزه بسهولة، کما هو الحال مع تفعيل آلية الزناد وإعادة فرض العقوبات الدولية، إذ هناك مسار سعي حثيث من أجل التأکيد بأن هذه العقوبات ستمر کأي حادث عارض ولن يتمکن من النيل منه.

قطعا فإن التقدم العلمي والتقني وتطور مراکز البحوث والدراسات وتوسع مصادر معلوماتها وطرق وأساليب الحصول عليها، تٶثر بصورة وأخرى على الدول التي لأوضاعها علاقة وتأثير على السلام والامن العالميين والتي تحرص على حجب المعلومات أو التعتيم عليها، لکننا نرى رغم ذلك إن هناك تقارير مهمة عن مجريات الحرب الروسية الاوکرانية ونشر معلومات عنها وعن أمور ومسائل تتعلق بالبلدين المتحاربين.

قطعا فإن مقارنة قدرات وإمکانيات روسيا وأوکرانيا مع قدرات النظام الإيراني، فإن هناك فرق شاسع بينهما في غير صالح الاخير، ومن هنا، فإن التصريحات الصادرة من جانب المسٶولين الإيرانيين والتي تقول بأن إعادة فرض العقوبات الدولية ليست بمقدورها أن تحدث تأثيرا على النظام وعلى الاوضاع السائدة في إيران، إذ أن معظم الاوساط السياسية والاعلامية الدولية وکذلك مراکز البحوث والدراسات ترى إن الاوضاع المختلفة للنظام ولاسيما الاقتصادية منها سوف تتأثر سلبيا وبصورة قهرية بتلك العقوبات بل وحتى إنها تجعلها تتفاقم أکثر من أي وقت آخر.

إعادة فرض العقوبات والتي ستفتح الابواب في ستة مجالات من أجل التأثير سلبا على النظام الإيراني وبشکل خاص في مجال تصدير النفط، إذ أن التقارير تشير الى إن التشديد ليس يشمل تصدير النفط الإيراني من الناحية القانونية بل وحتى في مجال تهريبه، وإن هناك طرق وأساليب يتم من خلالها کشف المجالات والطرق والمنافذ التي يقوم النظام بإستخدامها بهذا الصدد، وبطبيعة الحال، فإن المعروف إن إيران تعتمد على إيرادات عوائد النفط بالطرق القانونية وکذلك عن طريق التهريب، وإن تضييق الخناق عليها والسعي من أجل تصفيرها کما تسعى البلدان الغربية من شأنها أن تفاقم الازمة الاقتصادية المستفحلة في إيران وحتى أن تشل الاقتصاد الإيراني، وهو أمر يفرض نفسه کأمر واقع ولا يمکن أبدا أن ينفيه مزاعم من قبل مسٶولين إيرانيين بخلاف ذلك.

مع إننا لم نشأ أن نشير الى معلومات من داخل إيران بشأن ما تذکره وسائل الاعلام الإيرانية عن التأثير السلبي لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، لکن من المفيد هنا التنويه عن إن السلطات الإيرانية في الفترة المحصورة بين قبل وأثناء وبعد إعادة فرض العقوبات، أقدمت على زيادة ملفتة للنظر في تنفيذ أحکام الاعدامات ووفقا للتقارير الوارد من داخل إيران، فإنه حتى يوم الثلاثاء ال30 من سبتمبر2025، أعدم النظام 31 سجينا في يومي الأحد والإثنين 28 و 29 سبتمبر 2025 وحدهما، ليبلغ إجمالي عدد الإعدامات 51 شخصا في الأسبوع الأول من هذا الشهر.

کما إنه وفي سياق متصل، فإنه قد  أصدر القضاء الإيراني تهديدا مروعا لجميع وسائل الإعلام. وفي بيان له، حذر مكتب المدعي العام في طهران وسائل الإعلام من ضرورة "توخي الحذر الكافي واللازم في نشر الأخبار" وعدم السماح بأن تصبح منابرها "مكانا لزعزعة الأمن النفسي للمجتمع"، متوعدا بأن أي انتهاك سيقابل "برد مناسب". وإن توقيت هذه "الفترة الزمنية الحساسة"، كما يسميها النظام، ليس من قبيل الصدفة، فهو يتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد، وهي فترة يخشى فيها من تعبئة الشباب في المدارس والجامعات.

هذا بالاضافة يتم في هذه الفترة تحديدا فرض  هذا التضييق من خلال حصار رقمي متعمد. فوفقا لتقرير صادر عن "سبيد تست" في أغسطس 2025، تحتل إيران الآن المرتبة الكارثية 139 عالميًا في سرعة الإنترنت، وهو مؤشر واضح على سياسة الدولة لخنق المعلومات ومنع انتشار المعارضة.

* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

مقالات الكاتب