مؤتمر حقوق الإنسان في برلين بألمانيا

لن يتوقف النظام الإيراني عن التآمر ضد المنطقة والعالم!

الخليج بوست

بعد آثار وتداعيات ما قد قام به النظام الإيراني من إثارة حروب وأزمات من جراء تدخلاته المشبوهة في بلدان المنطقة، فإن بلدان المنطقة بصورة خاصة والعالم بصورة عامة، يقفون أمام منعطف مهم وحساس، ولاسيما عند التذکر بأن المنطقة قد تجاوزت الى حين واحدا من أخطر التهديدات عندما أراد النظام الإيراني ومن أجل مصلحته الخاصة دفع المنطقة الى آتون حرب ضارية تشمل المنطقة برمتها ولا يعلم سوى الله بنتائجها.

المحاولات المحتدمة للنظام الإيراني من أجل تغيير مسار هجمة 7 تشرين الأول (أکتوبر) 2023، بإتجاه آخر يخدم مصالحه ومآربه الخاصة وذلك بتوسيع رقعة المواجهة وجعلها تشمل المنطقة کلها وتدفع بتلك المواجهة الى منعطف يصعب السيطرة عليه بسهولة ولاسيما وإن حربا شاملة"کما کان النظام الإيراني يريدها"، کان من شأنها أن تختلف دمارا هائلا وقبل ذلك يسفر عنها خسائر کبيرة جدا في الارواح، لکن الحيلولة دون ذلك والى حين کما أسلفنا، فإن ذلك لا يعني بأن تهديد ذلك قد إنتهى ولم يعد محدقا بالمنطقة وإنه سيسبب أيضا إضرارا کبيرا بالمصالح الدولية فيها، إذ أن ليس هناك ما يضمن تخلي النظام عن نهجه المثير للحروب والازمات وغير المعترف بالحدود.

مرحلة الخمود الحالية للنظام والتي يلمسها المراقبون السياسيون، هي مرحلة لم يجد مناصا من تقبله ذلك إنه فقد الکثير من قواه ولم يعد بإستطاعته أن يستمر کما کان قبل حرب الايام ال12 بشکل خاص، ويمکننا وصف وضعه الحالي بأنه سبات إضطراري بحکم خسارته للمواجهة على معظم الاصعدة وخرج يجر أذيال الخيبة والهزيمة، لکن من المفيد هنا التنويه عن إنه يقوم بکل ما من شأنه إستعادة قواه والعودة الى الساحة مجددا.

لماذا يجب التصور بعدم تخلي النظام الإيراني عن إثارة الحروب والازمات في المنطقة ولماذا يصر المتابعون للشأن الإيراني على ذلك؟ إن الامر مرتبط بنهجه المستند على نظرية ولاية الفقيه التي تأسس النظام على أساس من مبادئها والتي يرفض النظام ليس بعدم التخلي عنها فقط بل وحتى إجراء مجرد تغييرات أو تحويرات فيها.

السياسة الحالية التي يحرص النظام الإيراني على إتباعها هي في خطها العام السعي من أجل إمساك العصا من الوسط، بما يشبه حالة اللاسلم واللاحرب، ذلك إنه وطبقا لنهجه لا يريد سلما وأمنا مستتبا في المنطقة لأن ذلك سيٶثر عليه سلبا ويوفر أجواءا لا يجد فيها أوکسجينا ليتنفسه بما يضمن بقائه في الحياة مثلما إنه لا يريد حاليا حربا بإمکانها أن تشله أکثر وتضعه على حافة الهاوية، بل إنه يريد أن يصبر حتى إستعادة قواه وهو الامر الذي يجب على العالم ليس فقط أن يحذر منه  وإنما حتى لا يسمح به لأنه سيعود الى إشغال المنطقة بالحروب والازمات مجددا ويحاول دفع مسار الامور الى المنعطف الذي يخافه الجميع.

 كدليل على هذا الادعاء وتحليل من قبل المعارضة الرئيسية للنظام، يمكن الإشارة إلى كلمة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المُنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في مؤتمر برلين لحقوق الإنسان بتاريخ ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥، والتي ألقتها عبر الإنترنت أمام شخصيات ألمانية بارزة. فقد أكدت في شرحها للأركان الأساسية لبقاء النظام على الترابط الوثيق بين الأزمات الداخلية والخارجية، حيث قالت:

"إن الاستبداد الديني لن يتخلى عن أسسه الثلاثة الرئيسية حتى يوم سقوطه. هذه الأسس هي: الإعدام والتعذيب والقمع داخل إيران، وإثارة الحروب والإرهاب في الخارج، ومشروع صنع القنبلة النووية. وقد أثبتت التطورات خلال أكثر من عام مضى أن وقف هذه السياسات ممكن فقط من خلال إسقاط هذا النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. وعلى هذا الأساس، فإن الاعتراف بنضال الشعب الإيراني لإسقاط دكتاتورية الملالي يمثل ضرورة ملحة..."

هذا المنظور يُصنّف صراحةً سياسات النظام الرئيسية في خانة الأركان الثلاثة غير القابلة للتجزئة لاستمرار حكمه، وهي القمع الداخلي، وإثارة الحروب الإقليمية، والسعي لامتلاك السلاح النووي.

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

مقالات الكاتب