المقاوم الأكبر وأفعاله..

المقاوم والخائن هل هما الشخص نفسه؟

ضحكت إيران على أتباعها بمصطلح المقاومة. لقد أوهمتهم بأن الدفاع عنها هو أشد أنواع المقاومة قداسة.

إيران هي عنوان المقاومة. لذلك فإن أتباعها والسائرين في ركبها مقاومون. سيكون من الصعب أن تتم مناقشة أولئك المقاومين في مسألة العدو الذي يقاومونه وكيفية مقاومته.

بالنسبة لإيران فإن ذلك العدو جاهز. غير أنها تبذل جهدا عظيما في ضبط حركة أتباعها من أجل أن لا يجتازوا الخطوط الحمراء.

الأعداء مطمئنون فهم يقعون وراء تلك الخطوط الحمراء.

إيران لم ترم ذلك العدو الجاهز بقنبلة. وكلاؤها فعلوا ما لم تفعله. غير أنها لم تدفع ثمن هزائمهم. لم يكن في إمكانهم سوى إزعاج إسرائيل ذات مرة فردت عليهم بطريقة جعلتهم يندمون على ما فعلوه ومن يومها فإنهم أداروا بنادقهم إلى الداخل. صارت المقاومة تناضل من أجل الحاق لبنان بإيران باعتباره ولاية.

اما في العراق فقد ارتبط الامر بالتنظيم الارهابي داعش اما حين اختفى داعش فقد بدأت حرب السفارة الأميركية. وما من أحد يسأل عن جدوى ذلك النوع من المقاومة. قنبلة تسقط في محيط السفارة الأميركية فيشعر ترامب بالاحباط.

ذلك ما تفعله المقاومة في بلد لا يحتاج إليها.

تلك نقطة جوهرية.

ما الذي يقاومه المقاومون في العراق؟

يوم كان العراقيون يقاومون المحتل الأميركي وقفت الأحزاب الشيعية الحاكمة ومن حولها الميليشيات التابعة لإيران ضد المقاومة.

كان نوري المالكي وهو رمز المقاومة كما يدعي يلتقط الصور التذكارية مع جنود الاحتلال في القواعد العسكرية الأميركية.

اليوم وبعد أن سحب المحتل قواته عام 2011 نرى أن الدولة التي تديرها أحزاب شيعية تمول ميليشيات ترفع شعار المقاومة.

المفارقة تكمن في أن النظام الطائفي الذي أقامه الأميركان ولا يزال يسلح ميليشيات خارجة على القانون يهدف وجودها إلى مقاومة الوجود المحدود للقوات الأميركية التي لم تبق على الأراضي العراقية إلا بموجب اتفاقية استراتيجية وقعها نوري المالكي الذي يعتبر نفسه كما أسلفت المقاوم الأول في العراق.

لقد تضخم جسد "المقاومة" في الوقت الذي غابت فيه أسباب وجودها.

ذلك ما حدث في لبنان بشكل واضح.

بعد تحرير الجنوب عام 2000 كثرت حاجة حزب الله إلى السلاح بسبب توسع قاعدته المقاتلة. ولأن درس حرب 2006 كان قاسيا فقد طوى حزب الله صفحة مغامراته في اتجاه إسرائيل ليتجه إلى الداخل اللبناني بحثا عن المغانم السياسية. انتقلت جبهة المقاومة ليكون العدو هذه المرة لبنان الذي صار مصيره ومصير شعبه رهينين بيد سيد المقاومة.

ما فعله حزب الله بلبنان لا يفعله إلا عدو.

فبالرغم من الفوضى السياسية التي عاشها لبنان في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية فإن وضعه لم يصل إلى حافة الانهيار إلا بعد أن سيطر حزب الله على مؤسساته المالية وصارت له اليد العليا في الدولة اللبنانية.

بعيدا عن الضجيج الإعلامي فإن للمقاومة وجها لم يعد خفيا. فالسلاح الذي تهدد به عدوها انما يُستعمل لحماية شركات تقوم بعمليات غسيل الأموال ونقلها بحرية إلى إيران كما أن ذلك السلاح قد وضع في خدمة تجارة المخدرات التي شهدت انتعاشا غير مسبوق بعد سيطرة الميليشيات الإيرانية على الدولة في العراق وهيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية.

أفرغ مفهوم المقاومة من محتواه الحقيقي وصار المقاومون مجرد حملة سلاح يعملون في خدمة أنشطة غير قانونية.

ذلك ما قاد إلى إفلاس العراق ولبنان معا. وهو أمر لم يقع بالصدفة في ظل حاجة إيران إلى العملة الصعبة. ما كان يجنيه المقاومون من أنشطتهم غير القانونية كان يحول إلى إيران باعتبارها الدولة التي تقود المقاومة ضد الامبريالية.

يخشى الكثيرون أن يعترفوا أن المقاومة ما هي إلا لعبة إيرانية وأن سلاحها قد استعمل لقتل العراقيين واللبنانيين لأن ذلك قد يكلفهم حياتهم. فالمقاومون قتلة أميون يتساوون في ذلك مع التكفريين.

مقالات الكاتب