كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
لا أريد أن أسبق نتائج التحقيق الدولي في شأن الكارثة التي شهدتها بيروت. ولكن أية إدانة لحزب الله لا تكفي.
ما حدث أكبر من الإدانة. وليس التلويح بعقوبات دولية جديدة على حزب الله إلا نوعا من السخرية من الضحايا فهو لا يعيد إليهم جزءا صغيرا من حقهم.
الكارثة التي عصفت ببيروت هي يوم قيامة مصغر يذكر بما حدث لبومبي المدينة الرومانية التي غمرها بركان فيزوف عام 70 ميلادي بصخوره النارية. ولكن الفرق أن البركان كان هذه المرة من صناعة بشر لا يضعون لحياة سواهم من البشر أي أعتبار. إنهم كائنات عقائدية هي أشبه بالآلات المبرمجة التي تعمل في سياق ما يملى عليها.
تلك الكائنات التي تنفذ برنامجا صُنع في إيران لا يهمها أن تسحق كل ما يقف في طريقها من أجل أن يستظل لبنان كله براية الولي الفقيه وهو ما يعني تحوله إلى ولاية إيرانية. ولقد كان واضحا أن حزب الله يعمل من خلال نظام الطوائف لنسف جميع الطوائف الأخرى فتكون مشاركتها في الحكم عبارة عن واجهات تزيينية. فأنت ترى في مجلس النواب أو في مجلس الوزراء مسيحيين أو سنة أو دروزا ولكنهم في حقيقتهم شيعة متنكرون فهم يوالون حزب الله كما لا يفعل الكثير من الشيعة.
لقد دمر حزب الله سياسيا التركيبة الطائفية للبنان.
رئيس الجمهورية المسيحي يوالي حزب الله لأنه مَن وضعه على كرسي الرئاسة. رئيس الحكومة السني هو الآخر صناعة حزب الله وحكومته التي لم يستقل أحد من أعضائها إثر الكارثة تتحمل المسؤولية عن الجريمة ذلك لأنها حكومة حزب الله صاحب الهدية المسمومة التي انفجرت ببيروت.
المجتمع الدولي لا يثق بلبنان. ذلك لأن لبنان الحقيقي لم يعد موجودا. لقد تم اختطافه. الفضيحة أكبر من أن يتم التستر عليها.
سيكون التعامل مع الوضع الإنساني شيئا فيما النظر إلى الوضع السياسي هو شيء آخر. لبنان في حاجة إلى حماية دولية.
المطلوب رد دولي يضع حدا للمأساة اللبنانية. هنالك شعب وقع ضحية فساد وخداع وكذب ولصوصية وخبث ودناءة وانحطاط سياسييه. ولقد حاول هذا الشعب أن يزيح تلك الطبقة السياسية الفاسدة ويغير النظام السياسي الفاشل بالطرق السلمية غير أن محاولته باءت بالفشل.
وها هو اليوم يتعرض بسبب فساد تلك الطبقة إلى كارثة ابادة لم يعد بعدها سكوت المجتمع الدولي مقبولا. بات التدخل الدولي هو العلاج الوحيد لإزاحة تلك الطبقة الفاسدة واقتلاع ظاهرة السلاح غير الشرعي الذي تستقوي به على الشعب.
كان الثمن باهظا.
غير أن عزل لبنان عن المجتمع الدولي وهو الاجراء الذي كان قد اتبعته معظم دول العالم ومنها دول عربية ذات مكانة لم يكن هو الفعل المناسب لإنقاذ شعب لبنان من الهلاك الذي يتهدده. ذلك ما أثبتته الأحداث.
لقد امتنعت الحكومة اللبنانية عن القيام بالإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي لا لشيء إلا لأن من شأن تلك الإصلاحات أن تفضح الممارسات التي كان حزب الله يقوم بها في المجال المصرفي والتي أدت بالنتيجة إلى إفلاس المصارف وعدم قدرتها على تلبية حاجة المودعين.
لقد سرقت المصارف أموال المودعين وهو ما يعني أن حزب الله هو الذي سرق الجزء الأكبر من تلك الأموال.
لذلك رفضت الحكومة التعامل مع عروض وشروط صندوق النقد الدولي وكان ذلك الرفض متوقعا من حكومة صنعها حزب الله.
اليوم لم يعد لبنان وحيدا في محنته.
غير أن مشاركة الدول الكبرى في إعمار بيروت ينبغي أن لا تكون غطاء للجريمة. إن كل المساعدات الإنسانية المتاحة ضرورية غير أن المساعدة الأكثر نبلا تكمن في أن يقوم المجتمع الدولي في انقاذ شعب لبنان من الطبقة السياسية الفاسدة بعد أن تتم إدانتها بحرق بيروت ومحاولة إبادة سكانها.
حينها يكون للحق والعدل والديمقراطية معنى.