كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
لا تزال إيران تحتل موقع الصدارة في شريط أخبار المنطقة، وهي وسط كل التحديات التي تعانيها، تبدو متخبطة، تتبنى موقفين متناقضين في لحظة واحدة.
قد يبدو الأمر من باب التشويش، وذرّ الرماد في العيون، لكنه من جهة أخرى يعدّ شاهداً على حجم الضغط الكبير الذي تواجهه، والنتائج الكارثية التي تصل إليها نتيجة سلوكها التخريبي على مدى ثلاثة عقود.
جدّدت دول مجلس التعاون الخليجي، بالتوافق، طلبها من الأمم المتّحدة تمديد فرض الحظر الدولي على تصدير الأسلحة إلى إيران، يحدث هذا على وقع المناورات البحرية الضخمة التي أجرتها إيران في منطقة الخليج ومضيق هرمز، ضمن تدريبات تسمّى “الرسول الأعظم”، قامت خلالها بإطلاق صواريخ باليستية في تصرّف وصفته القيادة المركزية الأميركية بـ”غير المسؤول”.
وسواء نجحت الضغوط التي تجمع عليها دول الخليج مع واشنطن في تمديد مشروع حظر السلاح على إيران أو أخفقت، فإن البحث عن بدائل في حال لم تنجح الضغوط قائم، بدءا من واشنطن التي هددت باستخدام “كل الأدوات المتوفرة لديها” لقطع الطريق على إيران التي قد تبدأ في إنعاش وكلائها إذا لم يتم تمديد الحظر، وانتهاء بدول المنطقة التي تحرص على أمن شعوبها.
ولعل في إعلان وزير الخارجية الأميركي اختيار إليوت أبرامز، بديلا لبريان هوك، كمبعوث خاص لواشنطن بشأن إيران، يعكس موقف الإدارة المتشدد ضد إيران في الأشهر الأخيرة من ولاية ترامب الأولى، وسعيها لإجبار طهران على تغيير ما تصفه واشنطن بـ”السلوك الخبيث” لإيران في الشرق الأوسط.
وسط هذه الأجواء الساخنة التي تخيّم على المنطقة، بعث الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد برسالة إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عرض فيها وساطته لإنهاء الحرب في اليمن. ورأى المحللون في الرسالة مجرد اجتهاد شخصي للبحث عن دور جديد وفق حسابات داخلية، تفسّرها الخلافات باتت معروفة للجميع بينه وبين أقطاب منظومة الحكم الإيراني.
المحاولات غير المفهومة التي يبديها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتخفيف وطأة العقوبات على طهران أو كبح جماح الاندفاع الأميركي لمعاقبتها، أو إعادة تأهيل سلطة حزب الله في لبنان
نجاد ليس محل ثقة لدى دول المنطقة، وهو الذي شهدت إيران خلال فترة حكمه توسعاً بشعاً في تنفيذ مشروعها والاستمرار في سياساتها العدوانية، وقد أغرته حالة الضعف التي نتجت عن ثورات الربيع العربي لقطع مراحل مهمة في مشروع طهران للتمدد في المنطقة.
كما أن النظام الإيراني يتبنى عقيدة صلبة لا يمكن التعامل معها بمنطق الحوار وأعراف التفاهم السياسي، ويثبت سلوكه في كل مرة العداء الصريح والنوايا المبيّتة للإضرار بأمن دول الخليج واستقرار محيط جيرانه.
كان آخرها ما أعلنته وزارة الداخلية البحرينية مؤخرا، عن إحباطها عمليتي تهريب مواد متفجرة من إيران، إلى جانب ضبطها لسيارتين محمّلتين بالمتفجرات.
وقالت الداخلية إن الأشخاص المعتقلين كشفوا خلال التحقيقات عن وقوف ميليشيا حزب الله الإرهابي وراء هذه العمليات.
هذه لحظة تاريخية تعيشها المنطقة، ينكشف خلالها الدور الإيراني السلبي، بعد وقوع الفاجعة في بيروت، والتي يتحمل وزرها الأكبر الوضع العام الذي تسببت فيه السيطرة الكاملة لحزب الله على المشهد في لبنان، وانضوائه تحت راية المرشد الإيراني.
لا يمكن إنقاذ المركب الغارق. المحاولات غير المفهومة التي يبديها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتخفيف وطأة العقوبات على طهران أو كبح جماح الاندفاع الأميركي لمعاقبتها، أو إعادة تأهيل سلطة حزب الله في لبنان بعد أن تهتكت في الأوساط الشعبية، يجب أن تواجه بتوافق عربي قوي لقطع الطريق عليها وحصر إيران في الزاوية الأضيق للتخلي عن مشروعها التخريبي، وتوسيع دائرة الضوء الدولية على نتائج سلوكها السلبي وغير المسؤول في المنطقة.