كنت سفيرا ناجحا وخذلني الصبر
كريم فرمان
ان مهمة السفير جد صعبة وليس كما يتصور البعض انها مجرد وظيفة علاقات عامة وتلبية دعوات وزيارات او حضور...
يعيش شبابنا اليوم متاهة عجيبة, فحين تتأمل حالهم ستصل لنتيجة تصدمك، وتجعلك تخرج عن طورك لكمية الجهالة التي يحملها كثير منهم, حيث ان هؤلاء وعلى مستوى جامعة لا يعرف تاريخ بلده، وكنّا في سبعينات القرن الماضي نحفظ التاريخ عن ظهر قلب.. كثير من هؤلاء الشباب معظمهم لم يعاصروا ديكتاتورية البعث المقيتة، بالنتيجة يعتبرونها من العصور الذهبية للعراق، وهي أبعد ما تكون عن كذلك، وان هذا ناتج عن السمع من أزلام البعث وليس التحقق، كما أن معظم الشباب ليسوا بالمقدار الجيد خاصة اللغة العربية، حيث يكتبون لفظيا وليس كما هو معروف.. ومن يريد التأكد ليذهب لصفحات الفيس بوك ليرى العجب العجاب!
تعمد النظام السابق محاصرة الشباب وخاصة الطلبة منهم, والتعمد في تصعيب الأسئلة الإمتحانية بغرض رسوبهم، ومن هناك يتم سوقهم لأداء الخدمة الإلزامية في الحروب العبثية، التي شنها نظام البعث المقبور ضد الجارة إيران وغيرها, ليس لشيء سوى إرضاء أسياده الذين أتو به للسلطة، ناهيك عن طرحه المغريات من الأموال والسيارات وغيرها، مع إشتغال المؤسسة الإعلامية التي تسوّق الأخبار ومعظمها انتصارات وهمية، ليطول أمد الحرب ثمان سنوات .
كنا في حينها في مقتبل العمر ونصدّق بالإعلام, ونعتبره موثوقا سواء على المستوى المرئي أو السمعي، ونجهل ان أكبر قناتين سمعية كانت في صف النظام المقبور "صوت أمريكا" و "مونت كارلو" الفرنسية، التي تبث من موناكو، وكثيراً ما كانت تتطابق الأخبار مع هاتين المحطتين، وتختلف عنها قليلا محطة "هنا لندن" لكن هذه المحطات لم تذكر يوما كيف بدأت الحرب! وما المسوغ منها، وهل تستحق حجم الضحايا التي خسرها البلدين ؟
لسنا مع الجانب الإيراني ضد بلدنا، لكن النتائج التي حصلت عليها جعلتنا نقف معه إنصافاً للحق، وهذا وجدناه بعد البحث الطويل والمعمق حول عائدية الجزر الثلاث، وما يثير الغرابة أكثر جعلنا نسأل أكثر من سؤال، لماذا العراق يطالب والإمارات صامتة؟ وكان الأجدر أن دولة الإمارات هي الطرف المعني بذلك؟ وكان هذا البداية التي جعلتنا نتشجع ونبحث لتكون النتيجة صادمة، بأن الامارات العبرية قد باعت تلك الجزر للجانب الإيراني، والذي باعها حاكم رأس الخيمة لإيران بمبلغ عشرين مليون درهم وعشرين سيارة فاخرة.. فهل كنتم تعلمون بذلك!
تقول الإمارات إن إيران إحتلت جزرها الثلاث بالقوة في الثلاثين من نوفمبر في سبعينات القرن الماضي، اي قبل إستقلال الإمارات بأيام، علماً بان الإمارات نالت إستقلاها من الحماية البريطانية في الثاني من ديسمبر نفس العام ! المستغرب أن الإمارات لم تتقدم للأمم المتحدة للمطالبة بإستعادة الجزر الإماراتية الثلاث من إيران، فكيف بمن يطالب بها وهو يجهل أو تم دفعه بهذه الذريعة، ليعلن حربا شعواء أكلت شباب البلدين، سيما أن الثورة الايرانية عمرها أيام، وبعد ذلك أتت التصريحات الصدامية بشعار إيقاف المد الشرقي وهذا الشعار لا يشبه الذريعة التي قامت لأجلها الحرب .
اليوم بإمكان أي متعلم البحث عن المعلومات في الشبكة العنكبوتية، ليجد الغث والسمين، ومنه يقارن ويستوضح الحقيقة دون السؤال عن كيف ومتى، وكل ذلك بدقائق معدودة، وليس الإستماع للاحاديث والقصص التي تمجد بمن كان يحكم بالحديد والنار، ومن كان يتكلم عن البعث أو صدام بذلك الوقت بسوء يلقى حتفه ولأتفه الأسباب، وصل بهم الحكم بالإعدام على من يحلم! ويعتبرونه مبيّت النية في النيل من حكم صدام وزبانيته .
الشطر الثاني الذي بدأ صدام حربه فيها، الغاء إتفاقية خط التالوك التي وقعها هو عام 1975 مع الجانب الايراني، بمشاركة الرئيس الجزائري هواري بو مدين باشراف مسؤول أمريكي، معلنا تنازل العراق عن نصف مياه شط العرب، والذي يسمي التشاطيء لتكون حرية الملاحة لكلا البلدين دون المساس بالسيادة لكليهما، وتم تصديقه بالأمم المتحدة لقاء إنهاء دور العصابات، التي يقودها مصطفى البارزاني آنذاك، ويتم إعطاء البرزاني منصب في إيران في محافظته مهاباد، لكنه هرب وترك كل شيء، كل هذه المعلومات متوفرة لكنهم يغالطون أنفسهم والتاريخ، ويمجدون بصدام الذي أذاقنا الويل والثبور .