النفوذ الإيراني
إيران تواجه مأزقها في العراق بتوليد فصائل جديدة

حان وقت تصفية الحساب
يعتقد إسماعيل قاني، قائد ميليشيا فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني أنه سيكون بمستوى سلفه، الجنرال قاسم سليماني، في إدارة ملف الميليشيات في العراق ومحاولة إبعاد زعامات الفصائل الشيعية الموالية لها عن الضغوط العراقية الشعبية والأميركية المتزايدة، كما محاولات رأب التصدعات التي بدأت تظهر داخل شبكة الجهات التابعة لها.
ويأتي تحذير وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بغداد من أن بلاده سترد “كما يجب” على أيّ استهداف جديد للأميركيين، كاختبار أوّليّ لخليفة سليماني، والتشكيل الجديد الذي أشرف على تأسيسه، وحمل اسم “عصبة الثائرين”.
كان هذا التشكيل قد أعلن مسؤوليته الهجمات الصاروخية التي استهدفت “معسكر التاجي” (45 كلم شمال بغداد). وذكر في بيان أن الهجوم جاء في سياق الرد على تصفية واشنطن نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، والجنرال قاسم سليماني، فيما يذهب مراقبون إلى التأكيد على أنه يهدف بشكل أكبر للتخفيف عن كتائب حزب الله بعد أن وجهت ضده الولايات المتحدة سلسلة ضربات.
واشنطن عازمة على تحقيق هدف تصفية الميليشيات الإيرانية في إطار تجديد سياستها في العراق والمنطقة
وقال قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي إن الضربات دمرت 5 مواقع تابعة لميليشيا كتائب حزب الله. وحذر إيران ووكلاءها من أن واشنطن سترد بقوة على أيّ استهداف لقواتها، في تأكيد على تصريحات وزير الدفاع مارك إسبر بأنه “لا يمكن أن تهاجموا أفرادا من الجيش الأميركي وتفلتون… سنحاسبهم”. وسبق هذه الضربات قرار الإدارة الأميركية بتسليط عقوبات على حركة النجباء وكتائب حزب الله باعتبارهما فصائل إرهابية.
وتعتبر كتائب حزب الله من أخطر الفصائل الميليشياوية. ولها سجل إرهابي ضد العراقيين حين استولت على مدينة جرف الصخر بعد تحريرها مبكرا عام 2014 من تنظيم داعش وأعلنتها منطقة خارج سيطرة الحكومة وتحويلها إلى قلعة حصينة فيها أنفاق تحت الأرض لمختلف أنواع الأسلحة الإيرانية، ولا يسمح القائمون على هذا المعسكر إلا لقادة الحشد الشعبي بالدخول إليه.
تضم خارطة الميليشيات الإيرانية في العراق عناوين أخرى لا تقلّ خطورة عن حزب الله والنجباء أو عصبة الثائرين، من بينها ميليشيا جيش المختار، التي يتزعمها واثق البطاط الذي يقول إن تشكيله هو امتداد لحزب الله اللبناني ويدّعي أنه المسؤول عن مقتل العشرات من منتسبي حزب البعث في العراق إضافة إلى من يصفهم في بياناته بـ”النواصب والوهابيين”، مشددا على أنه سيقاتل إلى جانب إيران إذا ما دخلت الحرب.
أما لواء أبوالفضل العباس، الذي يقوده علاء الكعبي، فقد عرف بتواجده على الحدود العراقية السورية للدفاع عن المصالح اللوجستية الإيرانية هناك. إلى جانب هذه الميليشيات، تتواجد على الساحة أيضا الميليشيات التقليدية منها منظمة بدر وعصائب أهل الحق.
تعتبر كتائب حزب الله من أخطر الفصائل الميليشياوية. ولها سجل إرهابي ضد العراقيين حين استولت على مدينة جرف الصخر بعد تحريرها مبكرا عام 2014 من تنظيم داعش
لا شكّ في أن التصعيد الحالي في المعركة بين واشنطن وطهران على الساحة العراقية وموت سليماني والمهندس يعقّد معالم المشهد الميليشياوي ويصّعد من تنافس فرقائها. ويبدو أن محاولات طهران تتركز الآن على رأب التصدّعات داخل شبكتها في العراق.
وهناك سيناريوهات متعددة متوقعة في الأيام المقبلة يشير إليها الباحثون في شؤون الجماعات المسلحة في العراق، حيث يتوقع الباحث العراقي بالجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن هناك ثلاثة سيناريوهات: أولها العمل على تأسيس مجموعات جديدة تشبه “فرق الموت الجوالة” التي ظهرت في العراق بعد عام 2010 بهدف شن هجمات ضد الولايات المتحدة لتشكل ورقة ضغط لإحراج الحكومة العراقية ودفعها لتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية من البلاد. والسيناريو الثاني هو بقاء الحال على ما هو عليه، فمتى بدأت واشنطن نصب منظومة دفاع الباتريوت أو في حال قررت إسرائيل استهداف طريق طهران – بيروت في سوريا، سيأتي الرد من قبل الميليشيات الموالية لإيران. أما السيناريو الثالث فهو إذا ما أرادت إيران تصعيد المعركة مع الولايات المتحدة على الساحة العراقية فعندها ستنشط فعليا المجموعات الجديدة.
بينما يصعّد المسؤولون الأميركيون من لهجتهم ضد إيران وأذرعها في العراق، هناك اعتقاد سائد لدى بعض المتابعين يشكّك في جدية واشنطن بتصفية الميليشيات الإيرانية في العراق ويعيد البعض للذاكرة دعم واشنطن لتلك الميليشيات التي انتظمت داخل الحشد الشعبي في الحرب على داعش؛ فيما يرى البعض الآخر أن واشنطن عازمة على تحقيق هدف تصفية الميليشيات في إطار تجديد سياستها في العراق والمنطقة.