الإيرانيون يعتبرون حاملات الطائرات لا تهدد قدرتهم على إبراز القوة لأنهم يعرضونها من خلال أنشطتهم في المناطق الرمادية وعبر تحريك الوكلاء على الأرض..
حاملات الطائرات الأميركية في بحر العرب.. قدرة محدودة على ردع إيران
وسط تصاعد التوتر مع إيران، تقوم البحرية الأميركية بتشغيل حاملتي طائرات في الشرق الأوسط، وهي سياسة يعارضها مسؤولون وخبراء أميركيون ويعتبرون أنها تلهي الولايات المتحدة عن التركيز على المنافسة مع الصين وروسيا.

يدور جدل في أوساط صناعة القرار الأميركي حول قدرة حاملات الطائرات في بحر العرب على ردع إيران. وبينما يشدّد قادة في البحرية الأميركية على أنها جزء من استراتيجية ردع طهران، يحاجج البعض بأن الأنشطة الإيرانية الخبيثة في المنطقة مستمرة على الرغم من وجود حاملات الطائرات.
مرد هذا الجدل، إعلان البحرية الأميركية، في 20 مارس، أن حاملتي الطائرات يو.إس.إس دوايت أيزنهاور ويو.إس.إس هاري ترومان موجودتان مع قاذفات بي - 52 في بحر العرب لإثبات القدرات المشتركة وتنظيم مهام متعددة.
وذكر موقع ديفانس نيوز أن إعلان البحرية الأخير أثار قلق خبراء الدفاع الذين اعتبروا هذا “الانتشار متهورا وغير فعال”، خاصة وأن استراتيجية الأمن الوطني تقتضي التركيز على روسيا والصين. في حين هناك من الخبراء والمسؤولين الأميركيين من يرى أن سياسة الضغط القصوى على إيران تفرض، إلى جانب العقوبات الاقتصادية وتصنيف الشركات والقياديين على قائمة التنظيمات الإرهابية، على الولايات المتحدة أن تبقي على حضورها العسكري في الشرق الأوسط.
يشدد المعارضون لهذه الاستراتيجية، على أهمية مواجهة إيران لكنهم يشككون في جدوى تحقيق ذلك عبر التواجد المستمر لحاملتي الطائرات في بحر العرب. ويقول بريان كلارك، أحد كبار المساعدين السابقين لرئيس العمليات البحرية، وهو الآن زميل أقدم في معهد هدسون “إنها استراتيجية غير متناسقة”. وحسب تفسيره، الإيرانيون يعتبرون حاملات الطائرات وسيلة لجعل الأميركيين ينفقون الكثير من المال، فهي لا تهدد قدرتهم على إبراز القوة لأنهم يعرضونها من خلال أنشطتهم في المناطق الرمادية وعبر تحريك الوكلاء على الأرض. ولا تنفع حاملات الطائرات في التعامل مع هذه الممارسات.
وتؤيده في ذلك كالي توماس، المحللة في مركز الأمن الأميركي الجديد، التي تركز على إيران، لافتة إلى أن تصاعد العنف بين الولايات المتحدة وإيران على الرغم من وجود حاملة الطائرات يو.أس.أس هاري ترومان، التي وصلت إلى المنطقة في وقت متأخر في العام الماضي، يشير إلى القيمة المحدودة لقدرة إستراتجية التواجد البحري على ردع إيران نظرا إلى الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها بعد ذلك.
أدى وجود يو.إس.إس دوايت أيزنهاور ويو.إس.إس هاري ترومان لأكثر من عامين إلى خسائر فادحة، بعد أن حذر قادة البحرية من عدم فعالية القرار على المدى الطويل. وكاد الأمر أن يكسر قدرة البحرية على إبراز قوتها. لكن مع تصاعد التوترات بسبب الهجمات الصاروخية على القواعد الأميركية والتي أسفرت عن مقتل عسكريين، أصبحت البحرية مضطرة إلى استعراض قوتها مرة أخرى.
لذلك، يرى المؤيدون ضرورة إبقاء القوات البحرية الأميركية في بحر العرب في حالة تأهب، ضرورة هذه السياسة الدفاعية باعتبارها مكملا لسياسة الضغط القصوى على إيران، التي تؤكد الإدارة الأميركية على المضيّ قُدما فيها، خاصة عبر فرض العقوبات، كما العمليات العسكرية المفاجئة.
تؤكد على ذلك، شهادة رئيس القيادة المركزية، الجنرال كينيث ماكنزي، الذي أبلغ المشرعين في مجلس النواب، في 10 مارس، أن حاملة الطائرات “لها تأثير رادع عميق يؤثر بشكل أساسي على إيران”، مضيفا “هم يعرفون جيدا ماذا تعني حاملة الطائرات، حتى أنهم يتتبعون وجودها. وأنا أعتبرها جزءا مهما من موقف الردع الفعّال ضد إيران”.
وقال ماكنزي إن “أفضل تقدير لي أننا قد أعدنا إنشاء شكل من أشكال الردع القاسي مع إيران في أعقاب تصفية قاسم سليماني والهجوم على قواعدنا. ويتمثل هذا الشكل من أشكال الردع من خلال إثبات وجودنا وممارسة القوة في المسرح، الذي ظل خاويا في ربيع عام 2019 والذي دفعهم إلى القيام بأعمال العنف التي بلغت ذروتها في يناير الماضي”.