فايننشال تايمز..

أسعار النفط تقوّض خطط بوتين لمواجهة تداعيات كورونا

كتب المراسلان هنري فوي وماكس سيدون، في تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن المشاكل الاقتصادية تقوّض تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إبقاء جائحة فيروس كورونا تحت السيطرة.

واشنطن

كتب المراسلان هنري فوي وماكس سيدون، في تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن المشاكل الاقتصادية تقوّض تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إبقاء جائحة فيروس كورونا تحت السيطرة.
 

الإنفاق الحكومي الروسي المباشر قد يكون غير كافٍ لتخفيف معاناة الروس من الانهيار

وعلى الرغم من إصرار بوتين على أن الوضع تحت السيطرة الكاملة، إلا أن واقع المأزق الاقتصادي الروسي بدأ يتكشف بسرعة مع تسجيل مزيد من الإصابات، وتتراجع شعبية بوتين مع تدهور الاقتصاد؛ حيث انخفضت معدلات التأييد له إلى 63% في مارس (آذار) الماضي، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، حسب آخر استطلاعات للرأي أجراها مركز ليفادا المستقل في روسيا.

تداعيات كورونا
وبحسب التقرير تملك روسيا مدخرات بقيمة 165 مليار دولار من ثروة النفط والغاز، ولكن الكرملين كان متردداً في إنفاقها خلال انهيار سوق النفط، وبسبب تردد بوتين باتت روسيا عالقة في فخ الحاجة إلى زيادة إنفاق الدولة للتخفيف من تداعيات الوباء والحفاظ على وعود الميزانية الحالية التي تعد أساسية لخطط الرئيس الروسي من أجل البقاء في السلطة حتى 2036.
وتركز الانتقادات العامة لبوتين على حزمة الدعم الحكومي المحدودة البالغة قيمتها 26 مليار روبل (26 مليار دولار)، وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع الدعم الذي وفرته دول أوروبية أخرى.

ويورد التقرير أن عدد الإصابات بالفيروس كورونا في روسيا وصل اليوم إلى قرابة 60 ألف حالة، إضافة إلى 500 حالة وفاة، وفي الوقت نفسه دفع الإغلاق الوطني الذي بدأ في 28 مارس (آذار) الماضي الشركات الصغيرة إلى حافة الانهيار، وارتفع معدل البطالة في موسكو بنسبة 45% خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

وفي خطاب علني يوم الأحد الماضي بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي، قال بوتين إن "جميع مستويات الحكومة تعمل بطريقة منظمة ومسؤولة، والمجتمع كله موحد أمام تهديد مشترك". ولكن في اليوم التالي، قامت قوات الشرطة بتفريق احتجاج في مدينة فلاديكافكاز بجنوب روسيا ضد فقدان الوظائف، كما طالب المتظاهرون بالمزيد من تعويضات البطالة".

انهيار أسعار النفط
وقال المسؤولون أن حزمة الإنقاذ، التي تعادل 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي، يمكن أن تصل إلى 6,5% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن معظم التحفيز يأتي من الإعفاءات الضريبية وضمانات القروض، إذ ربما يصل ضخ الأموال الفعلي للدولة إلى 340 مليار روبل، أي 0,3% من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم أن العدد المتزايد للإصابات يثير القلق، إلا أن القلق الأكبر، بحسب التقرير، هو انهيار أسعار النفط التي تحولت سلباً لفترة وجيزة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع. وتمثل عائدات النفط والغاز أكثر من 40% من الميزانية الفيدرالية الروسية ونحو نصف إجمالي الإنفاق الحكومي الروسي. ولأن روسيا دولة مصدرة للنفط، فيمكن أن تصل نسبة 50% من الميزانية الموحدة إلى الصفر، ولذلك تلزم الحذر فيما يتعلق بوعود الإنفاق.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 5,5% هذا العام مع تمديد عمليات الإغلاق المحلية وانهيار الطلب العالمي على صادراته من المواد الخام.

وأبرمت روسيا والسعودية وأعضاء آخرين في مجموعة أوبك من الدول المنتجة للنفط صفقة هذا الشهر لخفض إنتاج النفط الخام من أجل دعم الأسعار، ولكن مؤشر برنت الخام هبط بنسبة 40% منذ ذلك الحين مع انهيار الطلب العالمي.

تراجع مدخرات صندوق الثروة
ويلفت تقرير "فايننشال تايمز" إلى تردد روسيا للاستفادة من الأصول السائلة في صندوق الثروة الوطنية الخاص بها التي تبلغ قيمتها 142 مليار دولار التي تجمعت من فائض عائدات النفط والغاز منذ 2017، وعلى الأرجح ستنفق على سد الثغرة الفاصلة في الميزانية، التي احتسبت على سعر 42 دولاراً للبرميل، أي أكثر من ضعف السعر الحالي لبرميل النفط.

ويرى التقرير أن إعلان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن مدخرات صندوق الثروة الوطني تكفي لتغطية عجز الإيرادات النفطية للميزانية الفيدرالية حتى 2024 فقط، أي أقل أربع سنوات مما كان متوقعاً قبل بضعة أسابيع، يعكس مدى توتر الاقتصاد.
  
ويختتم التقرير بأن الإنفاق الحكومي الروسي المباشر قد يكون غير كافٍ لتخفيف معاناة الروس من الانهيار، ويحض العديد من الخبراء الاقتصاديين الكرملين على الاستفادة من صندوق الثروة الوطني في مدفوعات مباشرة للمواطنين ودعم الشركات الصغيرة لدفع الإيجار والرواتب.