باقري كني اقترح على الأوروبيين تقديم مسودة للمناقشات

محادثات فيينا لجولة ثامنة وقلق غربي من تصلّب طهران

الاجتماع النهائي للجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي في نهاية الجولة السابعة في فيينا أمس

برلين

أوقفت الدول الغربية الجولة السابعة من المفاوضات مع إيران، قبل أن تبدأ حتى المفاوضات على نص الاتفاق. وبعد 5 أيام من الشد والجذب تخللها تقديم الوفد الإيراني مسودتين للتفاوض، أعرب دبلوماسيون أوروبيون عن استيائهم من {تصلب} الحكومة الإيرانية الجديدة ومطالبها لإجراء تعديات جذرية على تسويات سابقة بشأن برنامجها النووي، وهو ما دفع واشنطن أمس، إلى التلويح بالبحث {عن خيارات أخرى} في حال بقيت طهران مصرة على عدم التفاوض بشكل بناء في فيينا.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، قبل أن يغادر الوفد الأميركي برئاسة روب مالي فيينا، إن {الحكومة الإيرانية الجديدة لم تأتِ إلى فيينا بمقترحات بناءة}، وإن {مقاربتها هذا الأسبوع لم تكن لحل ما تبقى من قضايا عالقة}. ولفت المتحدث إلى تصعيد إيران تخصيب اليورانيوم بموازاة العودة إلى طاولة التفاوض، كما أظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل يومين.
وجدد المتحدث في بيان للصحافيين تأكيد بلاده على التزامها العودة للاتفاق النووي، وقال إنه {إذا أظهرت إيران التزاماً مشابهاً فإن الحل في متناول اليد، وإلا لن يكون لدينا خيار غير البحث عن خيارات أخرى}.
ورداً على سؤال لـ{الشرق الأوسط} عما انتهت إليه محادثات فيينا غير المباشرة بين الجانبين الأميركي والإيراني، حذر المتحدث من أن استمرار {التوسع الدراماتيكي وغير المسبوق} لبرنامجها النووي {يؤدي حتماً إلى أزمة}. وألقى باللوم على انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي في 2018. وجدد الحديث عن {بديل أفضل}، مشيراً إلى أن الرئيس جو بايدن {ملتزم إعادة الولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق النووي والبقاء في حالة امتثال طالما أن إيران تفعل الشيء نفسه. هو يعني ذلك}. وأكد أنه {إذا كانت إيران ملتزمة بالقدر نفسه، فالحل في المتناول. وإذا لم يكونوا كذلك، فلن يكون أمامنا خيار سوى السعي وراء خيارات أخرى}. وأضاف: {نحن أقل قلقاً في شأن موعد استئناف المحادثات من استئنافها بشكل بناء عندما يحصل ذلك، مع سعي كل الأطراف إلى التوصل والتنفيذ لعودة متبادلة سريعة إلى الامتثال الكامل}.
- إحباط أوروبي
ورغم أن أنريكي مورا منسق المحادثات الأوروبي بدا أكثر إيجابية في إيجازه للصحافيين نهاية المحادثات، فإن الدول الأوروبية الثلاث - بريطانيا وفرنسا وألمانيا - لم تحاول حتى {تلطيف} الكلام. وقال مورا إن هناك حاجة الآن للعودة إلى العواصم للتشاور وانتظار {التوصيات السياسية} بعد أن حددت الأيام الخمسة الماضية، {التحديات} التي تواجه المحادثات. وعند سؤاله عن التقدم الذي تم إحرازه في هذه الأيام، قال مورا إن الدول المتبقية في الاتفاق {تعرفت على الوفد الجديد}، واستمتعت إلى مطالبه.
وفور انتهاء مورا من حديثه مع الصحافيين، أصدر دبلوماسيون أوروبيون بياناً وصفوا فيه الأيام الخمسة الماضية بأنها {محبطة ومقلقة}. وقالوا إن هذا الاستنتاج جاء نتيجة {التحليل الدقيق للمقترحات الإيرانية والتعديلات التي يطلبون إدخالها على النص الذي تم التشاور به في الجولات الست الماضية}. وأضافوا أن {طهران تدير ظهرها لمعظم التسويات التي تم التوصل إليها في الأشهر الماضية بشق الأنفس}، وأن الوفد برئاسة علي باقري كني {يطلب إدخال تعديلات جذرية} على هذا النص، وقالوا إنها {خطوة إلى الوراء}. وأضافوا: {ليس من الواضح كيف سيكون ممكناً سد هذه الفجوة في إطار زمني واقعي على أساس المشروع الإيراني}.
واتهم الدبلوماسيون إيران بعرقلة المحادثات لخمسة أشهر، وأنه منذ ذلك الحين {سرعت إيران في برنامجها النووي، لتصل إلى هذا الأسبوع وتتراجع عن جهود دبلوماسية تم تحقيقها}.
- تصلب إيراني

ورداً على الموقف الأوروبي، قال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري، إن الأطراف الأوروبية يمكن أن تقترح مسودات خاصة بها للمناقشة، {لكن يجب أن تستند إلى مبادئ وافق عليها الجانبان}، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
وكان الوفد الإيراني قد قدم مقترحات جديدة للتفاوض ليل الخميس، مع الأطراف الأوروبية، تضمنت بحسب ما علمت {الشرق الأوسط} بأجزاء كبيرة منها مقاطع عن العقوبات الأميركية، فيما جزء أصغر خصصته لالتزاماتها النووية.
وكان باقري كني قد ناقض مورا الذي أعلن في اليوم الأول لاستئناف المحادثات أن الوفد الإيراني وافق على استئناف المحادثات من حيث توقفت، ولكن باقري كني عاد بعد بضع ساعات ليقول إن {كل ما تم الاتفاق عليه هو مسودة خاضعة للتفاوض}.
وتطالب طهران، واشنطن وحلفاءها الغربيين، بتقديم ضمانات بعدم فرض عقوبات جديدة عليها في المستقبل. وكان دبلوماسيون أوروبيون وروس قالوا في السابق إن من 70 إلى 80 في المائة من الاتفاق تم إنجازه في الدورات السابقة، وإنه لم يتبقَّ إلا القليل. ويصر الأوروبيون والأميركيون على أن تبدأ المفاوضات من حيث توقفت قبل أكثر من خمسة أشهر مع الوفد السابق برئاسة عباس عراقجي. وقد كرر مورا ذلك مراراً للحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي خلال زيارته لطهران لحضور حفل تنصيبه.
ورغم أن مورا قال إن الوفود ستعود إلى فيينا لإكمال المفاوضات منتصف الأسبوع المقبل تقريباً، فإن البعض يشكك بذلك، خصوصاً إذا رفضت الحكومات الغربية التفاوض مع إيران انطلاقاً من الورقة التي قدمتها. ويزداد الشعور لدى الغربيين بضرورة التعجل للتوصل إلى اتفاق بسبب التقدم الكبير في برنامج إيران النووي ووقفها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكد مديرها العام أنها ستكون غير قادرة على ضمان استمرار سلمية برنامج إيران النووي في حال لم يعد التعاون فوراً بين الطرفين.
وعبر الدبلوماسيون الأوروبيون عن ذلك بالقول إنه {من غير الواضح كيف يمكن إغلاق الفجوات الجديدة في إطار زمني واقعي بناء على المسودات التي تقدم بها الوفد الإيراني}. وشدد الدبلوماسيون على ضرورة استمرار {تمسك حكوماتهم بالحل الدبلوماسي}، ولكن أضافوا أن {الوقت يمر} وأن هناك حاجة لـ{تقييم الوضع} في العواصم قبل العودة مجدداً الأسبوع المقبل، {لنرى ما إذا كان بإمكاننا إغلاق الفجوات أم لا}.
وقبل ذلك بساعات، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الجولة الحالية من المحادثات النووية مع إيران في فيينا لم تكن ناجحة على ما يبدو، وأشار إلى أنه سيكون هناك تأخير قبل عقد الجولة المقبلة.
وقال ماكرون: {الجميع يعي أن غياب المباحثات والإحجام عن إيجاد إطار يتناول الملف النووي، ولكن أيضاً الملفات الإقليمية، من شأن كل ذلك أن يكون عاملاً يفاقم التوترات}. وأضاف: {إنه من الصعب التوصل إلى اتفاق إذا لم تكن دول الخليج وإسرائيل وكل المعنيين بالملف الأمني جزءاً منه}. وتابع أن اتفاق 2015 {بحاجة إلى أن تنضم إليه دول المنطقة أو على الأقل أن تؤخذ مصالحهم بعين الاعتبار وأن يتم التشاور معهم}.
- سيناريوهات
تخللت الأيام الثلالثة الأولى للمحادثات اجتماعات طويلة جمعت بين باقري كني والدول الأوروبية التي كانت تحاول تحديد موقف الوفد الجديد من المحادثات. واشتكى دبلوماسيون أوروبيون من أن إيران لم تقدم أي مقترحات ملموسة للتفاوض حولها، ومنحوا الوفد يومين لتقديم مقترحات {تبرز جدية} التزامه بالمفاوضات. فعادت إيران وتقدمت بمسودتين عكستا الموقف المتشدد الذي تتمسك به من المحادثات.
وفي حال رفض الأوروبيون التفاوض على أساس ما قدمت به إيران، فقد يذهبون إلى خيارات أخرى لوحت بها واشنطن مساء أمس. وقارن المسؤول الأميركي بين هذه الجولة والجولات السابقة التي قال إنها حققت {تقدماً كبيراً ووجدت خلالها تسويات وحلولاً لقضايا كانت من الأصعب بالنسبة للطرفين}، داعياً الحكومة الإيرانية الحالية للتصرف بشكل مماثل.
وإذا عادت أطراف التفاوض الأسبوع المقبل وبقيت إيران مصرة على عدم تقديم تنازلات، فقد تلجأ الدول الغربية للتصعيد أولاً ضدها في مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال الدعوة لاجتماع طارئ لبحث خروقات إيران وطرح مشروع قرار ضدها. وكانت الدول الغربية قد تفادت طرح هكذا قرار في الجلسات الثلاث الماضية لمجلس المحافظين خوفاً من التعكير على المحادثات، وذلك رغم قلقها المتزايد من برنامج إيران النووي وتقليصها تعاونها مع الوكالة الدولية للحد الأدنى.