أزمة تونس

اتحاد الشغل يسعى للضغط على قيس سعيد من بوابة خارطة الطريق

عكس تكثيف الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في البلاد، لتنسيقه مع أحزاب سياسية كانت تساند مسار الخامس والعشرين من يوليو الذي يقوده الرئيس قيس سعيد ثم تراجعت عن تلك المساندة سعيا من النقابة لتشكيل جبهة تضغط على الرئيس التونسي في خطوة يرى مراقبون أنها جاءت بعد فقدان القوى المذكورة لعنصر المحاصصة في الحكم.

الاتحاد خصم جديد لقيس سعيد

تونس

يقود الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في تونس، جهودا لتشكيل جبهة تتألف من مساندين سابقين لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو للضغط على الرئيس قيس سعيد.

وكثف الاتحاد مؤخرا من تنسيقه مع أحزاب سياسية كانت معروفة بدعمها لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو على غرار حركة الشعب ذات التوجه القومي الناصري التي لطالما تباهت بالدفاع عن قيس سعيد ومشروعه السياسي قبل أن تتراجع وتوجه انتقادات للرئيس التونسي.

والتقى الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي الجمعة بوفد عن حركة الشعب يترأسه الأمين العام للحزب زهير المغزاوي وبحضور القياديين هيكل المكي وسالم لبيض.

وقال بيان نشره الاتحاد على صفحته الرسمية بفيسبوك إن “اللقاء تطرق إلى الوضع العام في البلاد والمشكلات المطروحة والتي تتطلب وضوح الرؤية”.

ويتذرع الاتحاد كما الأحزاب التي دعمت مسار الخامس والعشرين من يوليو قبل التراجع بعدم وضوح الرؤية بسبب عدم إعلان رئيس الجمهورية عن خارطة طريقة واضحة المعالم تضبط الزمن السياسي للبلاد، علاوة على الاحترازات التي يضعها هؤلاء بشأن ما يعتبرونه انفراد الرئيس بجميع السلطات.

وصعد الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي من نبرة خطابه السبت بشكل لافت ضد قيس سعيد حيث دعاه إلى إنهاء المرحلة الاستثنائية التي تعيشها البلاد والإعلان عن إجراءات واضحة تتعلق بتنظيم انتخابات مبكرة وتنقيح القانون الانتخابي لاستعادة ثقة التونسيين وإنهاء الضغط الخارجي على البلاد.

وحذر خلال احتفالية بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد على أيدي قوات الاستعمار الفرنسي ممّا وصفه بشيطنة الخصوم السياسيين بمنأى عن مسار قضائي واضح ما يُشكل خطرا بتقسيم الشعب وجرّه إلى صراعات داخلية وفق قول الطبوبي.

ويرى مراقبون أن الاتحاد يسعى لخوض صراع مع الرئيس قيس سعيد لأسباب مختلفة فيها ما يتعلق بالأزمة الداخلية التي عاشتها المركزية النقابية، وأخرى بسبب تهميشه بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “الطبوبي قد يتقارب حتى مع النهضة والغنوشي تحديدا في محاولته فتح جبهة صراع مع الرئيس قيس سعيد، فهو يسعى إلى إحداث تقارب مع الجميع لضرب الرئيس التونسي”.

وتابع الترجمان في تصريح لـ “العرب” أن “هذه المساعي تعود إلى الحكم القضائي الذي مس قيادة الاتحاد الحالية وأساسا الطبوبي من خلال إلغاء مخرجات المؤتمر الاستثنائي الذي عقده في وقت سابق عندما كانت القيادة الحالية للاتحاد متقاربة مع حكومة هشام المشيشي بحزامها الذي يضم النهضة وحزب قلب تونس وغيرهما من الأحزاب”.

وأوضح أن “قيادة الاتحاد ترى أن هذا القرار صادر من السلطة السياسية في البلاد وهذا غير صحيح، فالقرار صدر عن القضاء وينبغي احترامه، والسؤال الذي يُطرح اليوم هل سيمر الطبوبي إلى التقارب مع النهضة في مواجهته مع قيس سعيد؛ وهل سيلتقي الغنوشي في سياق ذلك؟”.

في المقابل يرى المراقبون أن التبدل التام لموقف أحزاب دعمت في البداية مسار الخامس والعشرين من يوليو مثل حركة الشعب إزاء الرئيس قيس سعيد والمسار السياسي المذكور يعود إلى تعويل تلك الأحزاب على استغلال الحراك السياسي للحصول على مناصب ومكاسب أخرى.

وبدت حركة الشعب مؤخرا أكثر تصميما من أيّ وقت مضى على انتقاد توجهات الرئيس التونسي ومسار الخامس والعشرين من يوليو على لسان قياداتها التي ما انفكت تحذر من “انفراد” قيس سعيد بالسلطة وغياب سقف زمني واضح للإجراءات التي اتخذها.

وقال الترجمان إن “الحركة مثل غيرها أرادت نصيبها من الحكم لكن الرئيس قيس سعيد قطع مع المحاصصة التي كانت سائدة في البلاد قبل الخامس والعشرين من يوليو وهو ما أزعج حركة الشعب التي صعّدت من خطابها تجاهه”.

وكانت حركة الشعب تتحدث باسم الرئيس قيس سعيد حتى أن البعض اعتبرها حزبه، ووقفت بقوة في مقدمة الداعمين لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو وما تلاها قبل أن تغير من موقفها تدريجيا. وراجت تسريبات تفيد بأن مؤسسة الرئاسة قد اتصلت بقياديين في الحركة ودعتهم إلى عدم الحديث باسم الرئيس التونسي واستثمار شعبيته.

وانطلق تغير موقف حركة الشعب من مسار الخامس والعشرين من يوليو من أمين عام الحركة زهير المغزاوي مرورا بالشخصية الثانية في الحركة سالم الأبيض ووصولا إلى هيكل المكي، وهو أكثر من كان يطلق تصريحات داعمة للرئيس قيس سعيد.

وأثار التصريح الأخير للمكي، الذي قال فيه “سنحمي الخامس والعشرين من يوليو ولو من قيس سعيد”، موجة من السخرية على مواقع التواصل خاصة أن الحركة أظهرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية ولاء تاما للرئيس قيس سعيد، ولم يبد منها أيّ نقد ولو بسيط.

وأكّد المكي أن “صوت حركة الشعب سيكون عاليا في وجه أي انحراف بالخامس والعشرين من يوليو”، وعبّر عن “رفضه لما سُمّي بمشروع البناء القاعدي لرئيس الجمهورية” قائلا “نحن متخوفون كبقية الشعب التونسي”.