رسائل سرية..
زيارة لطوكيو ودعوة للتقارب مع السعودية .. هل تستعد طهران للتفاوض مع واشنطن؟
حين التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لندن، قال ترامب -ردًا على سؤال صحفي حول دعمه للمظاهرات في إيران- "لا أود التعليق على ذلك، لكن الجواب لا".
وهو ما يظهر رغبة "ترامب" في عدم إزعاج طهران، بما يدمر خططه للتفاوض معها. ولذلك عاد "ترامب"، وقال -على صفحته في "تويتر"- "الولايات المتحدة تدعم الشعب الإيراني الشجاع الذي يحتج من أجل حريته. نحن في إدارة ترامب، وسنفعل ذلك دائمًا". وهو تلاعب الهدف منه الضغط على طهران.
رسائل سرية
كشف الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الثلاثاء، لأول مرة، عن رسائل ومطالب للحوار بشكل سري من أمريكا على خلاف الشعارات التي تطلقها في العلن، مؤكدا أن الأوروبيين الوسطاء يعلمون ذلك.
والهدف من هذا الإعلان هو التمهيد لاحتمالية تفاوض طهران مع واشنطن. وكذلك محاولة من الرئيس الإيراني لكسب ثقة الشعب الإيراني بأن أمريكا بقوتها وحصارها فشلت في سياسة الصبر الاستراتيجي على طهران. ولذلك قال روحاني: إن أمريكا دولة إرهابية خططت لتركيع إيران حتى مارس المقبل من خلال الضغوط الاقتصادية، لكن إيران تجاوزت الظروف الصعبة وانتصرت".
شرط العودة
وقد تجدد الحديث عن إمكانية العودة للتفاوض مع واشنطن روحاني -في كلمته بمنتدى مدينة طهران الذكية، اليوم الأربعاء- حينما قال روحاني: إن إيران أعلنت للعالم أجمع بانها ليست لديها أي مشكلة لإجراء مفاوضات مع الجانب الأمريكي ذلك شريطة أن يتم رفع الحظر كله. وأن الشعب الإيراني بكافة أطيافه بذل جهودا من أجل استقلال بلاده منوها إلى أن إيران لا زالت ملتزمة بالاتفاق النووي.
وأضاف روحاني: "إن بلاده لن تسمح لواشنطن في خداعها عبر عرض لقاء قبل رفع العقوبات.. إيران لا تسعى لخداع وتضليل أحد، ولا نريد سوى تطبيق حقنا في الاتفاق النووي، والآن هناك أصدقاء ودول تسعى للوساطة، وطهران لم تغلق باب التفاوض مع أمريكا ومستعدة للقاء قادة الدول 5 1 في حال رفع العقوبات".
الوسيط الياباني
كانت اليابان قد لعبت دورًا في الوساطة بين واشنطن وطهران، حول إمكانية الحوار بين الطرفين، أو من أجل تخفيف العقوبات الأميركية التي عصفت بقطاع النفط الإيراني. وقام رئيس الوزراء الياباني "شينزوا آبي"، في يونيو حزيران الماضي، بزيارة وصفت بـ"التاريخية" إلى إيران، حيث التقي بالمرشد الأعلى، علي خامنئي والرئيس حسن روحاني.
وأمس الثلاثاء، التقى مساعد وزير الخارجية الإيراني، ومبعوث الرئيس الايراني الخاص "عباس عراقتشي"، في طوكيو، برئيس الوزراء الياباني وسلمه رسالة خطية من الرئيس الايراني حسن روحاني. والهدف من هذه الزيارة يتعلق بالإتفاق النووي وإمكانية إنقاذ هذا الاتفاق، ونقل الرغبة الإيرانية إلى الجانب الأمريكي.
حيث قال عراقتشي، إنه في حال إلغاء الحظر المفروض على إيران فان طهران أیضا مستعدة لتنفيذ كامل الاتفاق النووي.
وهناك هدف آخر للزيارة، يتعلق بإعلان صحيفة "آساهي شيمبون" اليابانية، أن اليابان تعتزم إرسال مدمرة إلى الشرق الأوسط؛ لمساعدة الولايات المتحدة التي تصفها اليابان بأنها الحليف الرئيسي. وتتعرض اليابان لضغوط للانضمام إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لحماية ممرات الشحن في مضيق هرمز، الممر البحري الاستراتيجي الذي يمر به نحو خمس نفط العالم، لكنها مترددة في فعل ذلك، لأنه قد يضر بعلاقات طوكيو الودية مع طهران.
ولذلك، أشار عراقتشي خلال زيارته إلى مبادرة "هرمز للسلام" التي أطلقتها إيران لوضع ميثاق للأمن والسلام بين جيرانها في منطقة الخليج.
وفي مقابلة تلفزيونية، أعلن عراقتشي تنتظر قرارًا نهائيًا من جانب اليابان، لكنها لا تعتقد أن أي وجود للقوات الأجنبية في المنطقة سيسهم في الاستقرار أو الأمن أو السلام بالمنطقة.
وقد زار عراقتشي بكين وطوكيو لإجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين واليابانيين قبل اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي المقرر يوم الجمعة 6 ديسمبر على مستوى نواب وزراء الخارجية في فيينا.
الوسيط العماني
تلعب سلطنة عمان دورا في الوساطة بين طهران وواشنطن. وكذلك في التقريب بين إيران ودول منطقة الخليج.
والعلاقات المتوترة بين إيران والدول الخليجية تلعب دورا محوريا في الموقف الغربي والأمريكي من إيران. ولذلك تحاول تحسين تلك العلاقة بما يساعدها على كسب ثقة الجانب الغربي. وهناك تحركات من جانب إيران للدفع لحل أزمة اليمن، التي تعد واحدة من النقاط الشائكة بين إيران وجيرانها في الخليج.
وقام وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، بزيارة إلى طهران، استمرت على مدى يومين. وربطت صحيفة "دنياي اقتصاد" زيارة وزير الخارجية العماني، بثلاثة ملفات: مبادرة هرمز للسلام، ومحادثات السلام اليمنية، والاتفاق النووي.
وتحظى الزيارة الثالثة خلال ثمانية أشهر ليوسف بن علوي باهتمام خاص، ولا سيما بعد لقائه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الأسبوع الماضي. ورأت الصحيفة أن المحاور الرئيسية لزيارة وزير الخارجية العماني هي مناقشة مبادرة هرمز للسلام التي أصبحت محور التكهنات الإقليمية خلال الشهر الماضي.
وفيما يتعلق بموضوع اليمن هناك أيضًا ضرورة لتقليص التوترات في المنطقة، وترجح الصحيفة أن زيارة وزير الخارجية العماني إلى طهران جاءت لتنسيق يتصل أكثر بمحادثات السلام اليمنية مع طهران.
وخلال لقاء الرئيس الإيراني بوزير الخارجية العماني، أمس الثلاثاء، أوضح روحاني، أن إيران ليس لديها مانع لتنمية العلاقات مع دول الجوار واستئناف العلاقات مع السعودية، مؤكدا ضرورة تكاتف جميع الدول لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا، وقد راهن ترامب على عقوبات شديدة لإجبار إيران على الجلوس مجددا إلى طاولة المفاوضات، لكن طهران رفضت الحديث عن تسوية جديدة تحت لغة التهديد.
وألحقت العقوبات الأمريكية، ضررا كبيرا بالاقتصاد الإيراني، وعاشت البلاد، مؤخرا، على وقع احتجاجات عارمة بسبب الزيادة في أسعار الوقود، وقالت منظمة العفو الدولية: إن أكثر من مئتي شخص لقوا مصرعهم في حملة القمع ضد المحتجين.