الرئيس التونسي قيس سعيد مخول قانونيا لاختيار البديل لـ"حكومة الرئيس 2"..

الفخفاخ يستقيل ويبطل لائحة النهضة لسحب الثقة من الحكومة

استقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ استجابة لدعوة الرئيس قيس سعيد التي وجهها له في وقت سابق، الأربعاء، وذلك بعد أن بات بقاؤه على رأس الحكومة أمرا صعبا، إثر تقديم لائحة برلمانية لسحب الثقة منه صوت عليها 105 نواب بينهم كتل كل من حركة النهضة (54 مقعدا) وقلب تونس (27 مقعدا) وائتلاف الكرامة (حليف النهضة 19 مقعدا).

تونس

استقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ استجابة لدعوة الرئيس قيس سعيد التي وجهها له في وقت سابق، الأربعاء، وذلك بعد أن بات بقاؤه على رأس الحكومة أمرا صعبا، إثر تقديم لائحة برلمانية لسحب الثقة منه صوت عليها 105 نواب بينهم كتل كل من حركة النهضة (54 مقعدا) وقلب تونس (27 مقعدا) وائتلاف الكرامة (حليف النهضة 19 مقعدا).

ويحسب للفخفاخ أنه استجاب سريعا للاستقالة وأنه لم يجنح للتمرد وإضاعة الوقت بغض النظر عن وضعه القانوني وشرعية الاتهامات الموجهة له في قضية تضارب المصالح. كما رفع الإحراج عن داعميه، وخاصة رئيس الجمهورية.

وأعاد الفخفاخ بهذه الخطوة المبادرة دستوريا إلى الرئيس قيس سعيد ليقترح مرشحا جديدا لرئاسة الحكومة، وقطع الطريق أمام “نصر سياسي” كانت تتحسب حركة النهضة لتحقيقه كونها الكتلة التي تقف وراء اللائحة البرلمانية.

 

وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة إن الفخفاخ قدم استقالته إلى رئيس الجمهورية “حتى يفسح له طريقا جديدة للخروج من الأزمة”، و”تجنيب البلاد صراع المؤسسات”.

وقالت الرئاسة التونسية إن الرئيس قيس سعيد، استقبل الأربعاء بقصر قرطاج الرئاسي رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، راشد الغنوشي، إلى جانب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي.

وأشارت إلى أن الرئيس قيس سعيد “أعلن خلال اللقاء عن تلقيه صبيحة هذا اليوم من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ استقالته من رئاسة الحكومة “.

وأوضحت أن “اللقاء خُصص لبحث سبل الخروج من الأزمة السياسية الحالية والتأكيد على وجوب وضع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات”.

وشدد الرئيس التونسي خلال هذا اللقاء على “ضرورة حل المشاكل وفق ما ينص عليه الدستور”، مُجددا في نفس الوقت “حرصه على عدم الدخول في صدام مع أي كان، وأن الدولة فوق كل اعتبار وأن العدالة يجب أن تأخذ مجراها مضيفا أنه لا مجال للمساس بكرامة أي كان”.

ومن المتوقع أن يعين الرئيس سعيد شخصية أخرى في الأيام القليلة المقبلة لتشكيل حكومة في فترة لا تتجاوز شهرين.

وقالت حركة النهضة في بيان الأربعاء إنها تتبنى “خيار سحب الثقة من السيد رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ويكلف رئيس الحركة راشد الغنوشي بمتابعة تنفيذ هذا الخيار بالتشاور مع مختلف الأحزاب والكتل والنواب بمجلس نواب الشعب”.

وبعد ساعات من دعوة الرئيس سعيد رئيس الحكومة إلى الاستقالة بدا أن الأمر حسم، ودعت أكثر من شخصية سياسية الفخفاخ إلى إنقاذ الوضع بالاستقالة والحفاظ على التوازنات السياسية القائمة، أي منح رئيس الجمهورية فرصة اختيار بديل بمواصفات تتماشى مع رؤيته للأوضاع.

وصدرت هذه الدعوات عن نواب وسياسيين من داخل التحالف الحاكم، مثل تصريح سالم الأبيض من حركة الشعب، الذي دعا الفخفاخ إلى الاستقالة، وهي دعوات تهدف إلى قطع الطريق أمام خيار سحب الثقة الذي سيأخذ وقتا أطول في إجراءات تنفيذه، فضلا عن أنه سيزيد الأزمة السياسية حدة ويوسع دائرة الفرز، وقد يقود إلى تحالف حكومي بين النهضة وقلب تونس يتعارض مع توجهات الرئيس سعيد ويدفع البلاد إلى أزمة مضاعفة.

وفيما لم يعلق متحدث باسم النهضة عن استقالة الفخفاخ، إلى حد موعد طباعة الصحيفة، فإن أسامة الخليفي، رئيس كتلة قلب تونس في البرلمان، وصف استقالة الفخفاخ بأنها “محاولة تحيل على الدستور ودليل إضافي على أحقية ما ذهبت إليه لجان التحقيق في شبهات تضارب المصالح”.

ورجحت أوساط سياسية تونسية أن يتم تكليف شخصية سياسية ذات مصداقية بتشكيل الحكومة، وأن يتم الحفاظ على مسار “حكومة الرئيس”، أي حكومة ترفع شعار محاربة الفساد، وأن يتم توسيع “الحزام السياسي” للحكومة الجديدة على هذه القاعدة، متوقّعة أن يتم الالتجاء إلى كفاءات مستقلة تحوز دعم الكتل البرلمانية.

وكتب زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، الشريك الحكومي، على حسابه في فيسبوك بشأن ما بعد استقالة الفخفاخ “إلى حكومة الرئيس 2 أو انتخابات مبكرة لائحة سحب الثقة لا جدوى منها”.

وإذا كان الحصول على تحالف برلماني داعم للحكومة أمرا صعبا في ضوء مواقف حركة النهضة المتوترة تجاه شركائها في التحالف الحكومي السابق (حركة الشعب، والتيار الديمقراطي، وحركة تحيا تونس)، وخاصة تجاه الرئيس سعيد الذي تنظر إليه كمنافس يهدد نفوذها في السلطة، فإن المراقبين يعتقدون أن حكومة تكنوقراط قد تكون خيارا مقبولا من مختلف الفرقاء السياسيين، وخاصة من حركة النهضة التي تريد واجهة حكومية تتحرك من ورائها.

ويقول المراقبون إن معركة لي الأذرع بين الفرقاء قد تستمر إلى ما بعد الحكومة الجديدة في ظل غياب برامج عملية للحد من الأزمة الاقتصادية في البلاد، وأن الأمر قد ينتهي إلى خيار الانتخابات البرلمانية المبكرة على أمل الخروج من حالة التفتت البرلماني التي تعيق تشكيل أي حكومة قادرة على الاستقرار وتنفيذ برامج إصلاحية عاجلة.

وكانت الساعات التي سبقت استقالة الفخفاخ حاسمة في سياق ضبط التحالفات سواء الهادفة إلى الإطاحة بالحكومة، أو التي تعمل على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، حيث ضمت عريضة 85 نائبا داعما لإسقاط الغنوشي، لكن تداعيات الأزمة الحكومية حالت دون تقديمها بصفة قانونية للبرلمان.

وأعلن الرئيس سعيد، في فيديو بثته صفحة الرئاسة على فيسبوك، رفضه التشاور لتشكيل حكومة جديدة، ما دام رئيس الوزراء الحالي لم يقدم استقالته، أو توجه إليه لائحة اتهام.

ورد الفخفاخ على قرار مجلس شورى النهضة بشأن إطلاق مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، بالإعلان عن عزمه إجراء تعديل وزاري “خلال الأيام القليلة المقبلة”، مع تلميحات إلى إزاحة النهضة من الحكومة.

واعتبر دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة “تهربا للحركة من التزاماتها وتعهداتها مع شركائها في الائتلاف، في خضم مساع وطنية لإنقاذ الدولة واقتصاد البلاد المنهك”.