العراق يحمل العبء الأمني للمعالجات الإقليمية العقيمة للمسألة الكردية

القصف التركي لا يفرق بين مدنيين ومسلحين
قوبلت زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي إلى أنقرة بموجة انتقادات وجهتها شخصيات وقوى سياسية عراقية للزيارة كونها تأتي في أوج تصعيد الجيش التركي لضرباته الجوية التي تستهدف مناطق داخل أراضي العراق دون تنسيق مع سلطاته.
وقالت وزارة الدفاع التركية الخميس إن وزير الدفاع التركي يشار غولر بحث مع نظيره العراقي ثابت العباسي الخطوات المشتركة بشأن مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.
وتوقّع بعض المتابعين ألا تخرج أجندة الزيارة عن المطالبات التركية المتكررة للعراق بضبط حدوده ومنع مقاتلي حزب العمال الكردستاني من الاستقرار على أراضيه.
واعتبر هؤلاء أن مثل تلك المطالبات كانت ستعتبر مشروعة لولا القفز التركي المتعمّد على حقائق تاريخية وأوضاع داخلية تجعل تركيا بحدّ ذاتها مسؤولة عن حالة عدم الاستقرار المزمنة على حدودها.
وأولى تلك الحقائق عدم الاهتمام التركي بمعالجة المسألة الكردية المطروحة عليها داخليا على مدى عقود طويلة، واعتمادها فقط على القوّة لقمع أي نوازع قومية أو انفصالية مزعومة من قبل الأكراد، ما يجعل قسما كبيرا من هؤلاء يشكّل خزّانا بشريا للمعارضين المسلّحين المعتصمين بالجبال والمناطق الوعرة في الشمال العراقي.
ويلفت هؤلاء إلى ما يبديه الأتراك من تشدد قومي إزاء مواطنيهم الأكراد وحرص الدولة على التضييق عليهم وحرمانهم من حقوقهم السياسية، باستثناء المشاركة الهامشية والرمزية التي لا تترك لهؤلاء أي خيار سوى مساندة حزب العمال المسلّح بشكل أو بآخر.
ورغم أن من بين أكراد الداخل التركي من يحرصون على ترك مسافة بينهم وبين حزب العمال الكردستاني ويكتفون بالمعارضة السياسية ضمن الأطر القانونية فإنّ ذلك لا يحميهم من تهمة التعاطف مع الحزب أو مساندته سرا، وهو ما حدث فعلا مع أعضاء ونواب من حزب الشعوب الديمقراطي نزعت عنهم الحصانة البرلمانية وزج بهم في السجون على خلفية التهمة ذاتها.
ويقول سياسيون وقادة رأي عراقيون إنّ تركيا مثلها مثل إيران تلقي تبعة مشاكلها الحدودية على العراق بالكامل وتريد منه أن يقوم بدور حارس حدود دون أي جهد للبحث في جذور المشكلة وإيجاد حلول سياسية تحدّ منها على الأقل إذا كانت غير كافية لإنهائها.
وتنتهج إيران من جهتها سياسة عنيفة ضد أكراد الداخل وتدفع بأعداد منهم صوب أراضي الشمال العراقي حيث ينضمون إلى عدد من الأحزاب الكردية هناك.
وقد وجهت إلى العراق مؤخّرا سلسلة من الإنذارات ليقوم بإنهاء وجود هؤلاء المسلّحين على أراضيه، مهدّدة بالتدخل عسكريا لإنجاز المهمة في حال فشله أو تقاعسه في القيام بها.
واعتبر النائب السابق عن محافظة نينوى محمد الشبكي أنّ حل المشاكل العالقة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يحتاج إلى التحرك خطوة نحو الأمام من قبل أنقرة عبر الحوار والتفاهم والابتعاد عن سياسة اتهام الدول الأخرى، كالعراق وسوريا، بدعم هذا الحزب أو إيوائه.
وذكر في تصريحات أوردتها مواقع إخبارية عراقية أنّ “المشكلة مع حزب العمال الكردستاني ليست وليدة اللحظة ومعظم الحكومات السابقة كانت تعاني من نفس المشكلة، وخصوصا الوضع الجغرافي في المثلث الحدودي العراقي – السوري – التركي، حيث يتواجد عناصر هذا الحزب”.
وأضاف أنّ “أنقرة غير جادّة في إيجاد حل لمشاكلها مع حزب العمال في وقت ينبغي فيه أن تقدم بعض التنازلات لحلحلة مشاكلها معه”.
ووصل العباسي الأربعاء إلى تركيا على رأس وفد عسكري كبير ضم عددا من قيادات الجيش العراقي. وقالت مصادر عراقية إنّ من المقرّر أن تركز مباحثات الوزير العراقي على ملف حزب العمال الكردستاني المتواجد في العراق والتحشيد التركي لتوسيع العمليات العسكرية ضد معاقل الحزب إثر الهجوم الذي استهدف مؤخرا مقر وزارة الداخلية التركية في أنقرة.
واستبق وزير الدفاع التركي زيارة نظيره العراقي بالقول إنّ كافة المنشآت العائدة إلى تنظيمي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا والعراق ستكون أهدافا مشروعة للقوات التركية.
من جهته اتّهم غياث السورجي القيادي بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني القوات التركية باستخدام جميع الأسلحة لاستهداف المناطق الآهلة بالسكان في كردستان العراق ومحافظة نينوى.
وقال إن تركيا تسيطر عمليا على نصف شمال العراق، وإن عدد معسكراتها داخل إقليم كردستان وخارجه تبلغ أربعين معسكرا.
واعتبر في تصريح لوكالة المعلومة العراقية أن تركيا تحاول السيطرة على مناطق عراقية باستخدام ذريعة وجود حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق.