انتعاش الخطوط الجوية التونسية يمهد لتسريع خطوات هيكلة أعمالها

نمو رغم التحديات
انتعشت حظوظ شركة الطيران التونسية الحكومية في تسريع وإعادة هيكلة أعمالها التي ظلت بعيدة عن فلك خطط من تولّوا إدارتها منذ 2011 لظروف من بينها سوء الحوكمة وعدم الاكتراث بالتحسين مما جعلها تكابد لسنوات خسائر لم تعهدها منذ تأسيسها.
ويعطي نمو أعمال الخطوط الجوية التونسية رغم التحديات فرصة ثمينة للمسؤولين لاستكمال جهود تخفيف الاختلالات المالية المزمنة التي تعاني منها الشركة الحكومية، والعمل على تطوير أعمالها وفق أجندة إصلاح واضحة.
وكشف الرئيس التنفيذي للشركة خالد الشلي أن الخطوط التونسية نقلت منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن أكثر من 1.7 مليون مسافر، مما يشكل زيادة تناهز 19.5 في المئة على أساس سنوي.
ويقول خبراء إن هذا التحسن يجعل إدارة شركة ترفع صوتها لتطالب بتغيير التشريع الخاص بها، ولتمنح مرونة في توجيه العائدات نحو تحديث الأسطول وصيانته.
وأشار الشلي من خلال بيانات قدمها خلال جلسة استماع عقدتها لجنة السياحة بالبرلمان مساء الأربعاء الماضي إلى برمجة أكثر من 14.2 ألف رحلة في 2023 بعدد مقاعد يتجاوز نحو 2.2 مليون.
ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 330 ألف مقعد عن مستويات العام الماضي، أي ما يعادل 17 في المئة مقارنة مع عام 2022.
وارتفعت إيرادات الشركة خلال النصف الأول من هذا العام لتصل إلى 658 مليون دينار(208.1 مليون دولار) مقابل 164.8 مليون دولار على أساس سنوي.
ويأتي تحقيق هذه العوائد بفضل نمو خدمات النقل المنتظم والإضافي والعارض الشارتر وخدمات الشحن والبريد للشركة البالغ عدد موظفيها 3 آلاف.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن الشلي قوله خلال الجلسة التي تناولت بالنقاش ملف إيرادات القطاع السياحي إن “هذه المؤشرات تدل على تعافي النقل الجوي بعد الأزمة التي مر بها خلال فترة كوفيد”.
وشدد على أن الخطوط التونسية تحتاج إلى تغيير المنظومة التشريعية خاصة وأن قرارات إعادة هيكلتها بقيت معطلة منذ سنة 2017، ولم يتم تنفيذها.
وتعاني الشركة في من ضعف الإمكانيات المالية مقابل ارتفاع كلفة شراء الطائرات أو صيانتها في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وحوكمة التصرف في عائداتها.
وكانت الشركة قد تسلمت أواخر أغسطس الماضي الطائرة الأخيرة من طراز أيرباص أي 320 نيو، والتي تستوعب 150 مسافرا باستثناء الطاقم، ضمن برنامج لتطوير الأسطول من خلال خدمة التأجير والذي يتضمن عقدا للحصول على 5 طائرات.
وما يميز هذا الطراز أنه يزخر بتكنولوجيا عالية تمكن من تحقيق أهداف بيئية واقتصادية تتمثّل في التقليص من استهلاك الوقود بنسبة تقدّر بنحو 20 في المئة مقارنة ببقية الطائرات الأخرى لأسطول الشركة.
وكانت الشركة قد أبرمت صفقة في أكتوبر 2021 مع شركة سيل آند ليز باك المتخصصة في إيجار الطائرات لشراء 4 طائرات من طراز أيرباص 320 نيو على أن يتم التعاقد على شراء طائرة خامسة في مرحلة لاحقة.
وبحسب البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للشركة، فإن أسطول الخطوط التونسية الحالي يتكون من 29 طائرة، من بينها 22 طائرة من نوع أيرباص، و7 طائرات بوينغ.
وتغطي شبكة الرحلات المنتظمة للخطوط التونسية 28 بلدا وأكثر من 44 مدينة في أوروبا والشرق الأوسط وقارة أفريقيا بمعدل 47 رحلة يوميا.
وفرضت الظروف المالية القاسية التي مرت بها الخطوط التونسية على الحكومة الإسراع في إعطائها نفسا جديدا لمواجهة التحديات الكثيرة التي أثرت على أعمالها خلال السنوات الأخيرة.
ودخلت الشركة منعطفا مهمّا منذ قرابة العامين، حيث يعكف المسؤولون على تنفيذ خطة لإعادة هيكلتها بالكامل، حتى تستعيد وتيرة نشاطها بعد أن فشلت الحكومات السابقة في إنقاذها.
وفتحت السلطات منذ التدابير التي اتخذها الرئيس قيس سعيد أواخر يوليو 2021 ورشة إصلاح كبيرة لإنقاذ الشركة الغارقة في الديون تهدف إلى إعادة هيكلتها وفق معايير شفافة.
وتشمل الخطة التي عجزت كل الحكومات السابقة منذ 2011 في تجسيدها واقعيا، تعزيز الأسطول وخطة مرحلية لتسريح الموظفين لتعزيز قدرتها التنافسية التي تضررت بسبب شبهات فساد وسوء تسيير في إدارتها.
كما ترتكز الخطة التي يشرف على تنفيذها الشلي الذي تم تعيينه في مارس العام الماضي خلفا لإلياس المنكبي، على تعزيز الأسطول وتقليص التكاليف وإعادة تنظيم الشركة، علاوة على تحسين جودة الخدمات خاصة على مستوى التموين.
وخلال السنوات العشر الماضية شهدت وضعية الشركة الحكومية أزمة مالية خانقة انعكست بشكل مباشر على جودة الخدمات بدءا من التأخير المستمر في مواعيد الرحلات وإلغائها مرورا بالصيانة ووصولا إلى مسألة التموين.