سلطنة عمان تكرس جهودها لزيادة زخم اللوجستيات
تسعى سلطنة عمان إلى تكريس جهودها في زيادة زخم صناعة اللوجستيات في ظل المحفزات المتنوعة، التي تحظى بها خاصة بعد أن أثبتت موانئ البلاد قدرتها على التأقلم مع الظروف الصعبة وقت الأزمات، وفي ظل حرص حكومي على تنمية القطاع مستقبلا.

أفق مفتوح على كل الأسواق
أعلنت وزارة النقل العمانية الأحد عن برنامج تنفيذي يمتد للعامين المقبلين من أجل زيادة قيمة الاستثمارات والتنويع في قطاع النقل واللوجستيات، في سياق خطط بدأتها قبل سنوات للارتقاء بهذه الصناعة المهمة.
ويستهدف البرنامج الذي يشرف على تنفيذه مركز عمان للوجستيات مجالات منها القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية وسوق العمل والتشغيل، وحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع.
وتتطلع مسقط من وراء الخطوة إلى زيادة قيمة الاستثمارات في قطاع النقل واللوجستيات إلى نحو 2.5 مليار ريال (6.5 مليار دولار) في عام 2025. ويركز البرنامج على التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية لرفع نمو الإيرادات الحكومية من القطاع وزيادة العائد في قطاع النقل البري إلى 18 مليون ريال (47 مليون دولار) بنهاية عام 2025.
كما يستهدف رفع نسبة فرص التوظيف في القطاعات ذات الصلة بالنقل واللوجستيات والاتصالات وتقنية المعلومات من 19 في المئة متوقعة هذ العام إلى 21 في المئة في عام 2025، وحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع.
وقال سعيد المعولي وزير النقل إن “قطاع النقل واللوجستيات يشهد نموا بخطى متسارعة حيث بلغ إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان خلال عام 2022 قرابة ملياري ريال (5.2 مليار دولار)". وتوقع أثناء إطلاق البرنامج أن تكون هناك نقاط جذب في هذا القطاع تؤدي إلى تسارع النمو خلال المرحلة القادمة.
وأشار المعولي إلى أن الوزارة تسعى لجعل القطاع اللوجستي ثاني أكبر رافد للاقتصاد العُماني بحلول عام 2040، حيث قامت خلال الفترة الماضية بوضع الخطوات الممكنة للقطاع أبرزها قانون النقل البحري.
وتعد السلطنة من بين أضعف البلدان ماليا في منطقة الخليج، وأكثرها تأثرا بتقلبات أسعار النفط والغاز، وهو القطاع الذي شكل ثلث الناتج المحلي الإجمالي في 2019، وبالتالي فإن الحكومة تبحث عن مصادر دخل جديدة تسهم في رفد خزينة الدولة.
وتم إنشاء مركز عُمان للوجستيات في العام 2015 من أجل متابعة وتنفيذ إستراتيجية الحكومة حتى حلول العقد الخامس من القرن الحالي، وجعل الخدمات اللوجستية من المكونات الأساسية للاقتصاد.
وتهدف الإستراتيجية إلى وضع البلاد في تصنيف المؤشرات اللوجستية والصناعية العالمية، وزيادة إسهام اللوجستيات في نمو الناتج المحلي، وتوسيع فرص العمل فيها، بالإضافة إلى رفع حصة السوق المحلية عالميا في ما يتعلق بالخدمات المتعلقة بالقطاع.
وترتكز الإستراتيجية الحكومية للوجستيات على تسهيل التجارة عبر إحداث نقلة نوعية في أنظمة إنجاز المعاملات التي تحكم حركة وتفتيش وتمويل سوق الشحن عبر الحدود والموانئ والمطارات وسلسلة التوريد بأكملها.
كما تركز على الأسواق من خلال اعتماد سياسة تسويق واضحة المعالم ومكثفة محليا وإقليميا ودوليا، وذلك بغرض تحقيق أهداف الإستراتيجية ومتابعة قياس ورصد نجاحها.
وإلى جانب ذلك، مواصلة زيادة الرأسمال البشري الذي يعمل على توفير الأعداد والمهارات التي يتطلبها القطاع حسب مراحل نموه وتوفير مراكز للتدريب والتطوير المهني.
وحتى تدعم مسقط صناعة اللوجستيات تركز أيضا على استخدام أفضل التقنيات بصفتها أداة تنافسية وتعزيز تقنية النقل والخدمات، ووضعها ضمن سلسلة التوريد في السلطنة من أجل تسهيل التجارة وتحقيق الأهداف اللوجستية.
وفي مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي في عام 2022، احتل البلد المرتبة الخامسة عربيا وإقليميا في القطاع والمرتبة الثالثة والأربعين دوليا.
وبحسب خميس الشماخي، وكيل وزارة النقل العمانية، فإن نسبة إسهام أنشطة النقل البري من إجمالي إسهام القطاع اللوجستي في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي بلغت 60 في المئة.
أما نسبة إسهام أنشطة النقل المائي فبلغت حوالي 6.7 في المئة، ووصلت نسبة إسهام أنشطة النقل الجوي إلى 3.2 في المئة، في حين بلغت نسبة إسهام التخزين وأنشطة الدعم للنقل والبريد حوالي 30 في المئة.
وأكد الشماخي أن حجم نمو الصادرات في القطاع اللوجستي عبر المنافذ العُمانية بنهاية العام الماضي بلغ 21 في المئة، في حين بلغ حجم نمو الواردات حوالي 18 في المئة وسجل حجم نمو إعادة التصدير بواقع 3 في المئة.
وبرهنت موانئ البلاد على جاهزيتها في الظروف الاقتصادية المختلفة وتحقيق متطلبات الأمن الغذائي والدوائي وغيرها، فقد حافظت على استدامة عملياتها اللوجستية بكفاءة عالية ونجحت في توسيع شراكاتها الإستراتيجية مع مختلف الخطوط الملاحية العالمية.
وتشكل البوابات التجارية البحرية، وفي مقدمتها موانئ صحار وصلالة وأيضا ميناء الدقم الإستراتيجي الواقع ضمن منطقة اقتصادية خاصة جنوب البلاد، بوابات لوجستية ومراكز عالمية تربط بين الأسواق الآسيوية والأوروبية والأفريقية معا.
وتعمل المجموعة العمانية العالمية للوجستيات (أسياد) على عدد من المبادرات الرئيسية الهادفة إلى توسعة الطاقة الاستيعابية لموانئ البلاد ووضع خطة متكاملة لإنشاء خطوط ملاحية عن طريق شركة النقل البحري لربط الموانئ بنظيراتها العالمية.
ولا تقف الخطط عند ذلك فقط، إذ تعكف المجموعة الحكومية على أتمتة العمليات التشغيلية وبناء جيل من الكفاءات العمانية القادر على النهوض بالقطاع اللوجستي لرفع مستوى خدمات المجموعة للمستثمرين وللمجتمع التجاري.
وأحدثت أسياد خلال السنوات الماضية تحولا كبيرا بالقطاع عبر تعزيز تنافسيته وتنويع خدماته إقليميا وعالميا، ورفده بمختلف الحلول والمبادرات التقنية الحديثة لاستقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية والمشروعات الاقتصادية.
وكانت الشركة قد أكدت في صيف عام 2021، أنها تخطط لإعادة هيكلة عملياتها من أجل التركيز على الخدمات اللوجستية، وخدمات الموانئ والمناطق الحرة والشحن والأحواض الجافة والتجارة الإلكترونية.
وتدير أسياد ثلاثة موانئ بحرية عميقة ومنطقتين حريتين ومنطقة اقتصادية متكاملة، وعددا من الخدمات البحرية تضم أحد أكبر الأحواض الجافة في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن لديها أسطولا متناميا من الناقلات البحرية العملاقة مدعوما بشبكة نقل بحري تربط سلطنة عُمان مباشرة مع 86 ميناء تجاريا في 40 دولة حول العالم عبر 200 رحلة أسبوعية.