ترميم الاقتصاد العالمي على طاولة اجتماعات مراكش

هيمنت تحديات ترميم الاقتصاد العالمي ومشاكل تفاقم الديون السيادية وأزمة المعيشة والفقر والتغير المناخي على مستهل نقاشات القادة الماليين العالميين الاثنين خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين التي يحتضنها المغرب على امتداد أسبوع.

الأعباء أرهقتنا، فما أنتم فاعلون؟

مراكش

استقبل محللون حملة المؤسسات الدولية المانحة التي تقع على عاتقها قبل الحكومات مسؤولية وضع سياسات أكثر فاعلية لتفادي أزمة جيو – اقتصادية ومالية أكبر في الفترة المقبلة، بالتشكيك في طريق هو الأصعب منذ عقود.

وترافقت هذه الانطباعات مع بدء اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين والتي تعقد للمرة الأولى في أفريقيا منذ خمسة عقود بينما تتزايد محن الاقتصاد العالمي مع عودة التوترات إلى الشرق الأوسط مما يشكل هاجسا أكبر قبل الخروج بحلول جماعية عملية.

وستستمر المشاورات التي يشارك فيها وزراء مالية وممثلون من القطاع المالي وأيضا خبراء تطوير وبنوك مركزية حتى الأحد المقبل وستتناول حزمة من القضايا المصيرية لتفادي الأسوأ.

وحذرت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا خلال افتتاح الاجتماعات في مراكش المغربية دول العالم من اتخاذ قرارات خاطئة لمعالجة مواطن الضعف المالية والاقتصادية، خاصة التضخم والفائدة وإلا فإن “الأجيال القادمة ستدفع الثمن”.

وتمثل مشكلة ضعف النمو منذ تفجر أزمة الوباء في عام 2020 ثم الحرب في أوكرانيا وأخير الحرب في غزة، صداعا للاقتصادات المتقدمة والنامية، نتيجة استمرار ارتفاع التضخم، والذي تمت معالجته جزئيا بزيادة حادة في أسعار الفائدة.

وقبل اجتماعات مراكش بأيام حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في 2023 مقارنة بالعام الماضي مع وجود مؤشرات ضئيلة على حدوث انتعاش خلال 2024 ووسط آفاق قاتمة بشأن خفض الديون.

وقالت المنظمة الأممية في تقريرها حول التجارة والتنمية لعام 2023 إن “النمو الاقتصادي العالمي سيتباطأ من 3 في المئة في عام 2022 إلى 2.4 في المئة في عام 2023”.

ومع ذلك، تشكل الاجتماعات فرصة لإصلاح نظام الحصص المعمول به والتي تستند إلى الأداء الاقتصادي كل دولة، وقيمة الأموال التي ينبغي أن تؤمنها لصندوق النقد وثقلها في عملية التصويت وسقف القروض التي يمكنها الحصول عليها.

وتعاني دول أفريقية مثل السودان وتونس من مصاعب الحصول على تمويل من صندوق النقد، بينما نشبت خلافات مع مصر بعد تنفيذهما برنامج إصلاح نهاية 2022 حصلت القاهرة بموجبه على قرض بثلاث مليارات دولار يصرف على أكثر من ثلاث سنوات.

وقالت جورجيفا لوكالة فرانس برس الخميس الماضي “نتوقع آفاقا أفضل لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في 2024″، مشيدة ببعض الدول “لتعاملها الحذر مع التضخم”.

لكنها أضافت أن “الوضع صعب”، مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية تبقى مرتفعة ما يجعل 144 مليون شخص يعانون لتأمين الغذاء. وأكدت أنها ستحض الدول الغنية والقطاع الخاص على “بذل المزيد لمساعدة الدول النامية”.

وتواجه بعض أفقر دول العالم تخفيضات في ميزانياتها تتجاوز 220 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة بسبب أزمة ديون دفعت العشرات إلى حافة التخلف عن السداد.

وخلص تقرير لمنظمة أوكسفام، الذي صدر في بداية الاجتماعات وبالاعتماد على توقعات صندوق النقد، أنه في ظل الظروف الحالية، تواجه البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل ما يقرب من نصف مليار دولار يوميًا من الفوائد وسداد الديون حتى 2029.

وأشار التقرير أيضا إلى أن مدفوعات خدمة الديون للدول الأكثر فقراً تفوق الإنفاق على الرعاية الصحية بنسبة أربعة إلى واحد.

وكانت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية قد ذكرت في تقرير مؤخرا أنه اعتبارا من مارس الماضي كان هناك 14 حدثا منفصلا للتخلف عن السداد منذ 2020 عبر تسع دول سيادية مختلفة.

وما يؤكد الضغوط على المانحين الدوليين هو دعوة أوكسفام إلى استخدام الأزمة لإنشاء نظام أكثر عدالة بدلا من التركيز على إعادة هيكلة الديون وخفض الإنفاق.

وقال أميتاب بيهار المدير التنفيذي المؤقت للمنظمة إن “ردهم على أزمة الديون هو المزيد من التقشف، وردهم على فجوة التمويل هو المزيد من القروض”.

وأضاف “المكاسب الحقيقية، مثل فرض ضرائب عادلة على الأغنياء، تُركت على الطاولة”.

وكانت أوكسفام وغيرها من جماعات المساعدات والحملات قد دعت في السابق الدائنين الدوليين إلى إلغاء ديون الدول النامية التي تواجه أزمة اقتصادية.

وخفض البنك الدولي الذي يتعرض رئيسه الجديد أجاي بانجا لضغوط لتعزيز دور المؤسسة المانحة في أبريل الماضي نسبة حقوق الملكية إلى القروض لتعزيز الإقراض بمقدار 50 مليار دولار على مدى 10 سنوات.

لكن العديد من الخطوات الإضافية أكثر تعقيدا وتحتاج إلى أن تقرر البلدان مقدار أموال دافعي الضرائب التي ترغب في المساهمة بها أو تعريضها للخطر.

وقالت كليمنس لاندرز المسؤولة السابقة بوزارة الخزانة الأميركية التي تعمل الآن في مركز التنمية العالمية في واشنطن “أنا متشككة للغاية في أنه ستكون هناك خطوة كبيرة للأمام في ما يتعلق بحجم المؤسسة في مراكش”.

ونشر المركز الاثنين سجل أداء جديد لإصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف، قائلا إن التغييرات الواسعة “تعمل بقوة” ولكن التقدم في تنفيذها كان محدودا.

وتريد الولايات المتحدة من الدول أن تدعم ضمانات القروض التي يقدمها البنك الدولي، حيث يدفع الرئيس جو بايدن بطلب موافقة الكونغرس على 2.1 مليار دولار من التمويل الجديد الذي يمكن أن يفتح 25 مليار دولار من القروض الميسرة الجديدة على مدى عقد.

ويقدر تقرير للبنك الدولي أنه من المقرر النظر فيه في مراكش أن التزامات الضمان بقيمة 10 مليارات دولار يمكن أن تعزز الإقراض بمقدار 60 مليار دولار خلال تلك الفترة.

ولم ينضم أي مساهمين رئيسيين آخرين إلى الخطوة الأميركية، التي يُنظر إليها على أنها بديل أكثر قبولا للمشرعين الأميركيين لزيادة رأس المال العام لأن ذلك من المرجح أن يؤدي إلى حصة صينية أكبر في البنك.

ومن شأن التحرك الأكبر أن يعزز الإقراض مقابل رأس المال القابل للاستدعاء للبنك الدولي، وهو عبارة عن وسادة من أموال الطوارئ التي تعهد بها المساهمون ولكن لم يتم دفعها، لكن ذلك سيتطلب من بعض الدول تغيير القوانين.

وقال بانجا إن “الخطوة معقدة وستستغرق وقتا للتفاوض”. ولكن المردود قد يكون ضخما، إذ تقدر مؤسسة روكفلر زيادة في الإقراض بنحو 900 مليار دولار على مدى عشر سنوات إذا عدلت وكالات التصنيف تقييماتها.

وتدعم بريطانيا زيادة رأس المال، ولكن ألمانيا فضلت المزيد من إصدار رأس المال الهجين، وهي أداة أشبه بالديون، والتي قد تضيف تقديرات البنك الدولي 40 مليار دولار أخرى في هيئة قروض جديدة على مدى عقد.

وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية لرويترز إن الوزارة تعمل على تطوير قواعد لرأس المال القابل للاستدعاء حتى يمكن اتخاذ القرارات بحلول أبريل المقبل.