صحف..

الإشارات جاءت من العراق.. واشنطن كانت تَعلم!

"أرشيفية"

واشنطن

بمجرد أن تفاجأ العالم أجمع بالطوفان الفلسطيني الاعظم منذ النكبة عام 1948، أصيب العراق بطوفان مواقف موحدة تجاه القضية الفلسطينية التي كلما توقع الكثير أفول نجمها، عادت للواجهة عبر معركة طويلة او قصيرة بين إسرائيل والفلسطينيين و ان كان دوماً ميزان القوى يميل لاسرائيل، بيدْ أن هذه المرة كان ميزان القوة والجرأة والمطاولة يميل للجانب الفلسطيني بعد عملية نوعية فاجأت حتى الحلفاء الاستراتيجيين لحركة حماس .
 
توحدت المواقف في العراق على مختلف التوجهات السياسية التي تختلف في الداخل العراقي بسبب إرهاصات سياسية واقتصادية و سلطوية ، لكنها تتوحد تجاه قضية فلسطين والشعب الفلسطيني.
 
دعوات للتظاهر ..
 
قبل أن يلقي زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر خطابه التلفزيوني الغاضب والذي دان فيه حصار غزة وقصف سكانها، نشر الصدر بياناً طالب فيه إتباعه والعراقيين بالمشاركة في تظاهرة مليونية في بغداد يوم الجمعة، ومن المنتظر أن تكون فعلًا تظاهرة كبيرة خصوصا وأن من دعا إليها هو مقتدى الصدر الذي يأتمر بأمره الملايين من أتباعه العقائديين.


بالتوازي مع ذلك، برزت مواقف من قوى الإطار تعهدت بالتدخل عسكريًا في حال تدخل الولايات المتحدة الاميركية في الصراع الدائر الآن بين الفلسطينيين واسرائيل، في وقت أن الولايات المتحدة الأميركية منخرطة فعلا الى جانب اسرائيل خاصةً بعد المساعدات العسكرية ووصول حاملة الطائرات الاميركية الى السواحل الاسرائيلية .
 
"فلاش باك" للتحركات العسكرية الأميركية
 
وبالعودة الى الأسابيع القليلة الماضية، كانت قد أثارت التحركات العسكرية الاميركية الجدل حول كثافتها و اتجاهاتها المجهولة، وسط تطمينات القوى السياسية الحاكمة بأن لا علاقة لها بشائعات تغيير النظام السياسي الذي روجه من يحلم بتغيير النظام السياسي العراقي بعد فقدان الأمل بالتغيير عبر الانتخابات او الثورات الشعبية.


في وقتها اتفق المراقبون والمحللون الأمنيون على أن هذه التحركات هي لقطع الطريق بين العراق وسوريا وبالتالي قطع الطريق على ميليشيات ايران لوصولها البري الى لبنان وسورية وسواحل المتوسط .
اليوم دخل سيناريو واحتمال آخر لهذا التحرك العسكري الأميركي في المنطقة، وهو الحرب على غزة والإستعداد لمواجهة أي ارتدادات عسكرية من حزب الله أو سورية أو الفصائل الفلسطينية أو العراقية في حال نشوب الحرب، ما يعزز ذلك هو التهديد الأميركي الصريح لهذه القوى في حال تدخلها المباشر في الصراع الدائر الآن، ومعه بالفعل أن قطع الطريق بين سورية والعراق يندرج ربما ضمن هذا السيناريو أيضاً عبر منع وصول الإمداد لحماس أو غيرها .


هنا يتبادر الى الذهن السؤال الأهم :
هل كانت الولايات المتحدة الأميركية على علم بحدوث أمر ما جلل سيصيب إسرائيل بمقتل؟

والسؤال هذا ليس شرطاً أن يعتبر أن ما حدث قبل أيام بالذات كان بعلم الأجهزة الإستخبارية الأميركية أو الإسرائيلية وتم التغاضي عنه، لكن من المؤكد أن الحليفين هما على علم بوجود عملية ( حمساوية ) ستحدث ضد إسرائيل أولآ وأخيرًا وهو ما سيؤدي لحرب إسرائيلية ضد غزة ومعها تنفيذ أجندة إسرائيل التي ترسم لها إن كان بإضعاف قوة المقاومة الفلسطينية المتمثلةُ حماس أو حتى الذهاب بعيداً باحتلال غزة وتهجير بعض أهاليها أو أكثر من ذلك .


والدليل ما أشارت إليه مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى، "إلى أن هناك بعض الأطراف والقوى، تخدم مخططا إسرائيليا بتوطين أهالي غزة في سيناء، وهو أمر مرفوض مصرياً وفلسطينياً" .
هذا المشروع ورد سابقاً في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية في شهر حزيران الماضي، ما يزيد الشكوك بأن هناك مخططا اسرائيليا لاستغلال اي هجوم فلسطيني ضدها .


ربما بطبيعة الحال لم تتوقع إسرائيل أن يكون الهجوم بهذه الضخامة والخبرة والحنكة العسكرية المخادعة الفريدة من نوعها، غير أن من المؤكد أنها ستستغل ذلك عسكريا وجغرافيا ومن المؤكد ايضاً أن ما حدث من قتل المئات من المستوطنين وأسر العشرات غيرهم على يد حماس، ستستغله إسرائيل في حملتها الإعلامية عالمياً ضد المقاومة الفلسطينية، وهو ما قام به بالفعل المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة عندما قارن بين الهجوم الحمساوي ومذابح الهولوكوست التي ارتكبها هتلر ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية .


فإسرائيل معروفة وبارعة في المتاجرة السياسية ( العالمية ) خاصةً إن كان الامر متعلقاً بقتلاها في صراعاتها مع الآخرين وذلك للتكسب والحصول على المزيد من المغانم الجيوسياسية ..
 
وبالعودة الى المواقف في العراق، فإن هذا البلد الذي كانت له مواقف مشرفة سابقاً في القضية الفلسطينية عبر مشاركته الفعلية في حرب 1948 وكذلك حرب 1973 ، يطالب الكثير من أبنائه وفعالياته الشعبية بأن يكون للعراق دور ساند لأهالي غزة في هذه المحنة العظيمة.


لا بل يذهب البعض الآخر الى تبني فكرة المشاركة العسكرية ولو عبر الفصائل المسلحة التي تلقي على عاتقها دوماً مسؤولية أن تحرير فلسطين سيكون من نصيبها بالمشاركة مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية .


غير أن لا وجود لغاية اللحظة بوادر حقيقية لدخولهم في هذه المواجهة المصيرية، رغم أن جميع الإمكانيات العسكرية واللوجستية والمالية متوافرة لديهم لأنهم في الحقيقة الماسك الاول الفعلي بالسلطة في العراق، و ربما المسك بالسلطة هو الذي يمنعهم من المشاركة في هذه المعركة .
 
بكل الأحوال المعركة لم تنته بعد، ربما هي في بدايتها وقد نشارك كما شارك آبائنا في مثل هذه الأيام قبل 50 عاماً عندما ساهموا بصنع انتصار العرب في حرب تشرين عام 1973 في نكسة اسرائيل الاولى، فهل يكون 2023 عام نكسة اسرائيل الثانية ؟!.