صحف..
كيف تتسبب "مشاهد الحرب" في ظاهرة الاحتراق النفسي؟
بصور دموية تثكل القلب، وبعد مرور أكثر من أسبوع على المواجهات بين غزة وإسرائيل، وتضاعف وتيرة التصعيد، كان لا بد من النظر إلى الجانب النفسي الذي تشكله هذه المشاهد في نفوس المُتابعين للأحداث عن قرب.
التغطية الإعلامية الحالية "نوع من الإفصاح عما يجري"
متابعة أخبار القصف والعنف أمام الأطفال، ستترك رواسب نفسية خطيرة جداً
الاستشاري النفسي والتربوي موسى مطارنة، يفسر الأثر النفسي لمشاهد الرعب والقتل والعنف، المُصاحبة لهدم البيوت، قائلاً: "هذه المشاهد دائماً ما تصب في عمق المشاعر الإنسانية".
ويتحدث مطارنة لـ 24 عن الآثار النفسية التي تخلّفها هذه الصراعات "ستسبب حالة من غياب الاستقرار وانعدام الأمان لدى هؤلاء المُتابعين عن كثب"، وينصح مطارنة "الابتعاد عن متابعة أخبار القصف والعنف أمام الأطفال؛ لما ستتركه من خوف، ورواسب نفسية خطيرة عليهم".
الاحتراق النفسي.. كيف يصنع جيلاً هشاً؟
وفقاً للجوانب النفسية التي يوضحها مطارنة "فإن تأثيرات الاحتراق النفسي، الذي يتعرض له البعض من المشاهدين في الوقت الحالي، سيسكن في اللاشعور، ويبنى عليه ردود أفعال سلبية تظهر فيما بعد على سلوكياتهم".
ويكمل "الأثر النفسي الأكبر يقع على الأطفال، إذ أن ذاكرتهم تتشكل وفقاً لما يشاهدونه في مقتبل عمرهم"، ستتكون لديهم "صورة من عدم الأمان، وترسُخ لغياب الحياة السوية؛ لأن الطفل يتأثر بالصراخ والبكاء".
بعض الأشخاص يدخلون في إحساس بالألم والعجز مما يشاهدونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مشاهد قتل ودمار، وبحسب مطارنة "يعيشون نوبات اكتئاب عصبية تؤثر على أدائهم لواجباتهم اليومية، وتطلعاتهم المستقبلية".
أحفاد الحروب
ويشير مطارنة لـ 24 إلى أن الزخم الإعلامي الذي تسببه المواجهات بين غزة وإسرائيل ينبثق عنه ما يدعى بالاحتراق النفسي؛ لأن مشاهد الدم والدمار تؤثر على الفطرة الإنسانية، وتعد ظاهرة الاحتراق النفسي، "عارض طويل الأمد، يرتبط حدوثه بالضغوط النفسية المُتكررة".
"ستترك المشاهد المأساوية شظاياها على الجيل بأكمله" وفقاً لمطارنة، ويضيف "المشاهد الدموية، لها أثرها على الأطفال بشكل مريع، لأنهم يأخذون الصورة دون فهم محتواها".
وقال مطارنة: "الحروب على مر التاريخ صنعت حالة من القلق والخراب، وخلّفت أجيالاً هشّة مرعوبة".
حرب إعلامية
من جانبه يوضح الخبير الإعلامي خالد القضاة لـ 24 "أن المُتابعة الإعلامية الحثيثة للمواجهات الحاصلة، من الطبيعي أن تعرّضنا كمشاهدين للقلق والاضطراب".
ويردف موضحاً أن هذا النوع من التغطية الإخبارية "المُتمثلة ببث الحروب والإعلام العسكري"، تسبب للصحافيين القائمين بها الإنهاك المهني، كونهم جزءًا من إيصال الصورة الإخبارية.
ويستذكر القضاة أساسيات المعالجة الصحافية في الحروب مُعلقاً "على الإعلام أن يقدم الأرقام، والبيانات والإحصائيات وصور الدمار، وتغطية ما يدور من أحداث رغم قسوتها، لأن هذه الوظيفة الأساسية التي تقع على عاتقه".
وتعد التغطية الإعلامية الحالية بحسب القضاة "نوع من الإفصاح عما يجري، ونقل للحقيقة بمأساويتها"، والأهم وفقاً للقضاة "الدقة في تحري المعلومات المُقدمة للجمهور".
وبحسب القضاة "الإعلام اليوم، هو مرآة تعكس ما يدور على أرض الواقع، وتنقل ما يجري من مواجهات، رغم أثر المشاهد المنشورة على النفس".