روسيا تواجه مصاعب في سوريا بعد تفكيك فاغنر

تعويض مهام فاغنر في سوريا ليس سهلا

واشنطن

لا تزال سوريا تعاني من قيام تنظيمات إرهابية بشن اعتداءات متكررة على قرى وبلدات وبعض النقاط العسكرية السورية في محافظة إدلب شمال غرب البلاد. ومن حين إلى آخر تقوم القوات السورية بعمليات ضد التنظيمات الإرهابية.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية مؤخرا عن قيام وحدات من القوات المسلحة، بالتعاون مع قوات الجو الفضائية الروسية الصديقة العاملة في سوريا، بعدة عمليات نوعية مركزة عبر نيران الصواريخ والمدفعية والطيران الروسي، دمرت من خلالها مواقع التنظيمات الإرهابية ونقاطها المحصنة ومستودعات ذخيرتها ومقرات قيادتها. وهنا يتضح دور روسيا المهم في مساندة سوريا.

ويقول نيكيتا سماجين، الخبير بالشؤون الروسية والإيرانية في الشرق الأوسط، ضمن تقرير نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن “الموقف في سوريا يتصاعد، وهذا يحدث في ظل مواجهة روسيا مع الولايات المتحدة وتعاملها مع المشكلات المتعلقة بدمج قوات فاغنر المتبقية في القوات المسلحة الروسية بعد تفكيك فاغنر ووفاة قائدها يفغيني بريغوجين”.

ويرى سماجين أن تلك الصعوبات التي تواجهها سوريا تحولت إلى صداع بالنسبة إلى موسكو وتقوض آمال ألا تتسبب سوريا في انشغال القيادة الروسية عن الحرب في أوكرانيا.

ومنذ الربيع الماضي كثفت روسيا أنشطتها في الأجواء فوق سوريا، بالإضافة إلى الهجمات ضد المسلحين، وهذا النشاط موجه ضد القوات الأميركية في سوريا. وتحلق الطائرات والمسيرات الروسية فوق المنشآت العسكرية الأميركية، بما يتعارض مع الاتفاقات بين الدولتين بشأن تحديد أماكن نشاط كل منهما.

ويضيف سماجين أن احتواء الولايات المتحدة هو بالفعل جزء من مهمة القوات الروسية في سوريا، ولكن كان ذلك سابقا من مسؤولية القوات البحرية إلى حد كبير.

وتجد موسكو نفسها الآن مضطرة إلى تحويل تركيزها صوب الطيران، حيث لم تعد هناك تقريبا أي سفن روسية في البحر المتوسط. وأصبح من الصعب للغاية الاعتماد على القوات البحرية بعد غزو روسيا لأوكرانيا، عندما أغلقت تركيا مضيق البوسفور أمام السفن العسكرية، مما أدى إلى عدم وصول أسطول البحر الأسود الروسي إلى سوريا.

ويشير سماجين إلى أن الزيادة في الحوادث بين الطائرات الحربية الروسية والأميركية تزامنت مع زيادة في الاشتباكات بين القوات الأميركية والعناصر التي تعمل بالوكالة عن إيران في سوريا. ووفقا لتسريبات إعلامية هناك تنسيق تقوم به موسكو وطهران لأنشطتهما كجزء من جهد مشترك لإبعاد واشنطن عن المنطقة.

ويرى سماجين أن المشكلة تكمن في أن جهود روسيا وإيران لتقليص تواجد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تحقق النتيجة العكسية تماما، حيث يتزايد التواجد العسكري الأميركي في المنطقة.

ويضيف أن هدف روسيا الرامي إلى الحفاظ على تواجد محدود نسبيا في سوريا لا يتطلب موارد مالية كبيرة أو يشغلها عن الجبهات الأوكرانية يبدو أنه أصبح غير واقعي بصورة متزايدة، على الأقل بسبب التواجد الأميركي المتزايد الذي نجم عن أعمال روسيا الاستفزازية هناك.

ويقول سماجين “مع ذلك هناك مشكلات أخرى لا تتعلق مباشرة بروسيا؛ فقد استعادت الحكومة السورية السيطرة على معظم أنحاء سوريا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة العودة إلى الحياة الطبيعية، فقد أصبح الجوع والفساد جزءا لا يتجزأ من المشهد الاجتماعي الاقتصادي المحلي، وبحلول نهاية الصيف الماضي اندلعت احتجاجات كبيرة في عدة مناطق خاضعة لسيطرة دمشق، صاحبتها اشتباكات على نطاق واسع في بعض الأحيان”.

وأشار إلى أن كل هذا يحدث في الوقت الذي حاولت فيه روسيا تكليف قوات عسكرية روسية بالقيام بالمهام التي كانت تقوم بها قوات فاغنر، لكنّ المحاولة لم تكن ناجحة إلى حد كبير؛ ذلك أن العملية ليست سهلة، فقد كانت قوات فاغنر تطوّر مخزونات النفط وتقوم باتصالات مع الجماعات المحلية وتعزّز تواجد روسيا في مناطق جديدة وتنجز عمليات استطلاع مدنية. ولا تستطيع القوات الروسية أن تتحول بين عشية وضحاها إلى قوة فعالة تقوم بمثل هذه المهام.