تهجير سكان غزة إلى مصر.. مخطط تسعى إسرائيل لتنفيذه

"أرشيفية"

واشنطن

على مر العقود، عاش الفلسطينيون تأثيرات مؤلمة للنكبة، والتي تُعَد أكبر عملية تهجير في تاريخ الإنسانية. في عام 1948، أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي العائلات الفلسطينية على مغادرة منازلهم نتيجة للمجازر التي ارتكبت ضدهم. هذه الأحداث القاسية أجبرت مئات الآلاف منهم على اللجوء إلى البلدان المجاورة أو المناطق الداخلية في وطنهم. وعلى الرغم من هذه المعاناة الكبيرة، استمر الصمت الدولي تجاه هذه الأحداث لفترة طويلة.

واليوم يتكرر المشهد مجدداً مع مخطط إسرائيلي، وبدعم أمريكي وغربي، لتهجير سكان القطاع المحاصر، وهو الأمر الذي لطالما وجد صوتاً خليجياً وعربيأ مرتفعاً رافضاً لأي مخطط يمضي نحو هذا الاتجاه، والذي سيكون تأثيره مزلزلاً في الشرق الأوسط وليس فقط في فلسطين، وستصل آثاره إلى كل بلد خليجي وعربي .


منذ أن استفاقت "إسرائيل" من صدمة "طوفان الأقصى" وهي تتحدث عن تهجير الفلسطينيين نحو جنوب القطاع-وادي غزة ، في خطوة تنبئ بوجود مخطط لتهجير القسري لأهالي قطاع غزة ، زاعماً أنه يتم تنفيذ هذا الإخلاء من أجل أمنهم الشخصي في وقت تكثف قوات الاحتلال الإسرائيلي استعداداتها لاجتياح بريّ لغزة . وقد لجأت بالفعل ليل أمس إلى تطبيق التهديدات بقصف المستشفيات وتطبيق سياسية "العقاب الجماعي" في قصفها الذي شنته غير آسفة على مستشفى المعمداني في غزة.


أما التهديد الأخير من جيش الاحتلال الإسرائيلي جاء تزامناً مع أنباء عن قرب عملية اجتياح بري، حيث تتجمع حشود عسكرية إسرائيلية على حدود القطاع، وسط إخلاء أكثر من 10 آلاف إسرائيلي من غلاف غزة إلى إيلات .


يكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على سكان القطاع بعد قطعه للماء والكهرباء والوقود والطعام والدواء عنهم، فيما تسبب القصف بسقوط اعداد بالآلف من الجرحى والشهداء .
يمثّل معبر رفح المنفذ الرئيسي فعلياً لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون على العالم، وتتحكم به السلطات المصرية ، في وقت يسيطر "جيش الاحتلال الإسرائيلي" على المجال الجوي للقطاع وعلى ساحله البحري .

مواقف خليجية ثابتة

بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد سكان قطاع غزة حذرت دول الخليج العربي الست من أي محاولة لتهجير السكان الفلسطينيين من قطاع غزة .
وبرز الموقف الخليجي تجاه التصعيد و قتل المدنيين الآبرياء في قطاع غزة بشكل أكبر، حيث بذلت الدول الست بتحركات ومواقف رافضة للإعتداءات الإسرائيلية وابلغوا الولايات المتحدة الامريكية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لفتح معابر إنسانية آمنة لدخول المواد الاغاثية والطبية، وتتواصل التحركات الدبلوماسية الخليجية والمصرية المكثفة لمنع التهجير الجماعي من قطاع غزة، فيما تسبب القصف الإسرائيلي المتكرر للجانب الفلسطيني من معبر رفح في إغلاق منفذ الخروج الوحيد من القطاع .


مجلس التعاون الخليجي، أعلن السبت الماضي، إن دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من قطاع غزة تستوجب التدخل الفوري العاجل من المجتمع الدولي لإيقافها، مطالباً بوقف نهج "العقاب الجماعي" الذي تنتهجه إسرائيل ضد سكان غزة .
وشدد على وجوب تدخل المجتمع الدولي بصفة الاستعجال لوقف إطلاق النار، ووضع حد لكافة أشكال التصعيد العسكري ضد المدنيين، وتجنب حدوث كارثة إنسانية في الأراضي الفلسطينية .

السعودية ترفض مخطط التهجير

وفيما يتعلق بالضغوط الدولية على جمهورية مصرالعربية لفتح مسار للفلسطينيين لمغادرة سكان قطاع غزة الى الجنوب ثم الى سيناء دون العودة، يقول الاكاديمي والباحث السياسي المصري الدكتور خالد عبد الرحمن لـ "جسور"، هذه الضغوط قديمة والآن تتزايد فعلاً والدول الخليجية الست وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية رفضت مخطط التهجير القصري لسكان القطاع ويؤكد أن المجتمع الدولي يستغل الوضع الاقتصادي المتأزم والديون الضخمة على مصر من أجل تحقيق ذلك، متحدثاً عن رفض شعبي عربي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة


وأضاف الدكتور خالد عبد الرحمن، الولايات المتحدة الامريكية ابلغت القيادة المصرية بإعفاء مصر من الجزء الأكبر من الديون الخارجية، مستلهمة مشاركة مصر في حرب الخليج الثانية وإسقاط الديون العسكرية عنها وإعادة جدولة ديون مدنية عليها .

إحياء المخطط القديم

الناشطة السياسية اللبنانية المحامية ريتا بولس، وفق تحيليها "للخطة الإسرائيلية الأمريكية لتهجير سكان قطاع غزة "، قالت لـ "جسور" ، إنها كانت بموجب خطة أمريكية كان يتم العمل عليها منذ سنوات طويلة، وقالت إن الخريطة تم عرضها في العام 2012 في الولايات المتحدة الامريكية بحضور ممثلي عدة دول بينها جمهورية مصر العربية، وتقوم على تبادل الأراضي وفتح الحدود بين غزة ومصر 40 كيلومتراً على ساحل البحر من نقطة الحدود الحالية حتى مدينة العريش، ومد طرق منها إلى الأردن .


واضافت المحامية بولس، إن هذه البقعة ستكون مكاناً لإنهاء القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين من الشتات، مقابل 100 مليار دولار تُدفع لمصر ومساحة من صحراء النقب .
وأشارت بالتزامن مع هذا الجدل الكبير، نشرت وسائل إعلام مصرية تسجيلاً صوتياً للرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك يوضح فيه أن مخطط "إسرائيل" لتوطين الفلسطينيين في سيناء ليس جديداً بل تم طرحه في عهده .


وكشف الرئيس مبارك عن أن رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي ، بنيامين نتنياهو، طلب منه السماح لإقامة وطن بديل لأهل غزة في سيناء لكنه رفض بشدة .

رفض مصري لتهجير سكان غزة

اللواء المصري المتقاعد إبراهيم سيد ، قال لـ " جسور"، إن إسرائيل تسعى منذ زمن إلى ما يُسمى بـ "عملية تبادل الأراضي" في إطار صفقة كبرى، مشدداً على أن هذا الطرح قوبل بالرفض التام من جانب مصر منذ عهد الرئيس الراحل حسني مبارك الى عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وأنه أمر غير قابل للتفاوض .


وأضاف اللواء أبراهيم سيد "غالبًا ما تؤكد مصر على أن قطاع غزة للفلسطينيين، لئلا تتكرر أخطاء عام 1948 من عمليات تهجير للفلسطينيين من بلادهم الأم إلى بلاد مجاورة، حيث لا يزالون في مخيمات الشتات" .
وشدد على أن إسرائيل تصدّر لنا المشكلة، ولا تريد سلام عادل وشامل ولا تريد اعطاء الفلسطينيين حقوقهم واقامة دولة فلسطينينة مستقله عاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 .
كما أشار اللواء أبراهيم سيد، إلى أن سيناريو اللجوء هو أمر مطروح وبقوة، وبحال سكان غزة رضخوا للتصعيد الاسرائيلي على قطاع غزة، أخشى أن "يتم التهجير تحت ذريعة مايسمى الضرورة القصوى و السماح لسكان القطاع وبأعداد بسيطة الدخول الى سيناء في حال حدوث اجتياح برّي لقطاع غزة".