جبهة مدنية موسعة تقلق الإسلاميين في السودان
تعكف القوى المدنية في السودان على إعادة ترتيب صفوفها في إطار جبهة موسعة بعد الضربات التي تلقتها طيلة الفترة الانتقالية، والتي كان آخرها الحرب التي اندلعت منذ ستة أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ونسفت فرصة انتقال السلطة إليها.
وتقول أوساط سياسية سودانية إن المساعي الجارية لتشكيل جبهة مدنية موسعة من شأنها أن تثير قلق الكثيرين ولاسيما الإسلاميين الذين استفادوا كثيرا من تخبط القوى المدنية وانقساماتها، ونجحوا في إدخال البلاد في حرب عبثية لإعادة خلط الأوراق على أمل تسيد المشهد مجددا.
ويُتهم الإسلاميون والذين يعرفون أيضا بـ”الكيزان” أو “فلول” النظام السابق بالوقوف خلف اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، وبإجهاض كل المحاولات التي بذلت من أجل إنهائه.
وترى الأوساط السياسية أن الإسلاميين كانوا على مدار الفترة الماضية أكثر تنظيما، وقدرة على اللعب على تناقضات المشهد السوداني وتعقيداته، في مقابل ضعف كبير ظهر على القوى المدنية التي لم تع جيدا دقة المرحلة.
وتقول الأوساط إن القوى المدنية تحاول اليوم تدارك أخطاء الماضي القريب وفرض نفسها مجددا رقما فاعلا في المعادلة القائمة حاليا بين قوات الدعم السريع من جهة والجيش ومن خلفه الإسلاميون من جهة ثانية.
وتحذر الأوساط نفسها من تحرك للإسلاميين لإجهاض جهود المدنيين لتشكيل جبهة صلبة، وقد يذهب هؤلاء حد تحريض الجيش على استهداف المكون المدني.
وأكد رئيس دائرة الإعلام بحزب الأمة القومي والقيادي في الحرية والتغيير مصباح أحمد محمد انعقاد الاجتماع التحضيري للجبهة المدنية العريضة لإيقاف الحرب بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا السبت المقبل.
وأوضح مصباح في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الخميس، أن الاجتماع سينعقد على مدى أربعة أيام في الفترة الممتدة بين 21 و24 أكتوبر بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقال القيادي في تحالف الحرية والتغيير “إن قطاعا واسعا من القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة وبعض الشخصيات القومية وممثلي المبادرات سيشاركون في الاجتماع”.
وأشار مصباح إلى أن الاجتماع يضم أكثر من سبعين مشاركا ممثلين لكيانات مدنية متنوعة. وتابع “الهدف من هذا الاجتماع هو الإعداد للمؤتمر العام للجبهة المدنية ومن المتوقع أن يعقد في النصف الأول من شهر نوفمبر، وسيشارك فيه عدد كبير من ممثلي هذه المكونات من كل أنحاء السودان ومكونات أخرى خارج الجبهة المدنية”.
وأوضح مصباح أن الاجتماع يهدف إلى الوصول إلى رؤية سياسية موحدة لإيقاف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.
وأشار إلى أن الاجتماع جاء بعد مشاورات واسعة تمت بين هيئة الاتصال والمكونات السياسية والمدنية ولجان المقاومة وأجسام المجتمع المدني المختلفة.
وأضاف “وصلت المشاورات بين القوى المدنية إلى تشكيل لجنة تحضيرية. هذه اللجنة تناقش القضايا والأجندة المطروحة في الاجتماع وتتفق على مسودة الرؤية السياسية التي ستقدم إلى المؤتمر العام لإجازته”.
وبيّن أيضاً انه تم الاتفاق على هيكل محدد للجبهة المدنية لإدارة العملية السياسية في المرحلة المقبلة بشكل يحقق إنهاء الحرب ومخاطبة جذورها السياسية والتوافق على فترة انتقالية بعد إيقاف الحرب.
وأكد مصباح أن الاجتماع سيكون نقطة انطلاق لتوحيد القوى المدنية التي شابتها بعض الخلافات خلال الفترة الماضية والآن توفرت إرادة للوحدة حول ضرورة إيقاف الحرب التي دمرت البلاد واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي ومشروع الإصلاح المؤسسي للدولة.
ومن المتوقع أن يخرج الاجتماع برؤية وأوراق عمل تقدم في المؤتمر العام.
واقترح أن ينعقد المؤتمر في الثلث الأول من شهر نوفمبر حتى يتسنى لقوى الثورة والداعمين لإنهاء الحرب تكوين جبهة مدنية ديمقراطية عريضة لاستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.
وجرى الحديث عن أهمية تشكيل جبهة مدنية قوية في أغسطس الماضي، وتم في سبتمبر الاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية تعنى بتحقيق الهدف الذي يرون أنه بات ضرورة قصوى في ظل الوضع الراهن.
وتعرضت القوى المدنية إلى حالة شلل عقب تفجر الصراع في السودان، وبدت مواقفها مرتبكة ومنقسمة، وكان هناك تردد في الانضمام إلى دعم هذا الطرف أو ذاك، لكن مع طول الصراع وعدم وجود حسم باتت الصورة أوضح بالنسبة إلى المدنيين، وهي ضرورة إنهاء الصراع والاتفاق على مسار يستثني الإسلاميين الذين يحملونهم مسؤولية إجهاض مسار ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.
وبالتوازي مع جهود تشكيل جبهة مدنية تكثف القوى المدنية من اتصالاتها مع القوى والفاعلين الإقليميين، وقد عقدت في نفس الإطار قوى الحرية والتغيير اجتماعاً بالعاصمة المصرية القاهرة مساء الثلاثاء مع وفد رفيع من الاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد طالبت خلاله بتنسيق الجهود الدولية والإقليمية في منبر تفاوضي موحد.
وقالت لجنة الاتصال والعلاقات الخارجية بقوى الحرية والتغيير في بيان إن ممثلي اللجنة ناقشوا مع وفد الاتحاد الأفريقي وإيغاد تطورات الأوضاع في السودان، وسبل إنهائها والوصول إلى سلام مستدام في السودان.
وشدد ممثلو الحرية والتغيير خلال اللقاء على انخراط التحالف في جهود بناء أوسع جبهة مدنية ديمقراطية مناهضة للحرب، وأن العمل يجري في هذا السياق.