قيس سعيد يسعى لقطع الطريق على مزايدات تجريم التطبيع مع إسرائيل
يعمل الرئيس التونسي قيس سعيد على منع تمرير قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل، وهو القانون المثير للجدل والمزايدات بين الكتل البرلمانية، في ما يقول مراقبون إن الرئيس سعيد يفرّق بين الموقف السياسي المناهض للتطبيع وبين إرساء قانون قد يجلب مشاكل إضافية لتونس في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة اقتصادية ومالية حادة. ولا تقف محاذير هذا القانون عند اتهام الأشخاص، سياسيين أو اقتصاديين أو رياضيين، بالتطبيع في حال فرضت عليهم ظروف العمل الالتقاء بإسرائيليين.
وهناك مخاطر قد تمسّ العلاقات الاقتصادية للبلاد بسبب هذا القانون، فالكثير من الشركات والمستثمرين في أوروبا ممن تتعامل معهم تونس يحملون جنسية مزدوجة، أوروبية وإسرائيلية، ولديهم مصالح في إسرائيل أو مع شركات لديها علاقات مع إسرائيل، ولا يمكن بأيّ حال وقف علاقات تونس الخارجية لأجل قانون يتم الدفع لتمريره في البرلمان لاعتبارات شعبوية ومزايدات سياسية.
ويرى المراقبون أن تونس ليست في وضع يسمح لها بأن تملي شروطها، أو أن تختار مع من تتعامل. ولهذا يتحرك الرئيس سعيد لقطع الطريق على القانون حتى وإن كان يتماشى مع مواقفه السياسية وتصريحاته. لكن الموقف السياسي شيء والقانون شيء آخر مختلف.
وسادت خلافات خلال الأيام الماضية داخل البرلمان التونسي بشأن قانون تجريم التطبيع. ويتمسك نواب بعض المجموعات الحزبية الصغيرة، وخاصة من القوميين، بالدفع نحو تمرير القانون، لكن رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة يسعى لمنع مرور القانون ويحذر من نتائجه على مصالح البلاد.
وانطلقت جلسات مناقشة مشروع القانون صباح الخميس قبل أن يرفع رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة الجلسة بعد المصادقة على فصلين فحسب على أن يتم استئنافها الجمعة، لكنها ظلت معلقة.
ونقلت وسائل إعلام حكومية الجمعة عن النائب عبدالرزاق عويدات المنتمي إلى مجموعة النواب الذين تقدموا بمشروع القانون قوله “نحن نتمسك بمبادئ هذا القانون وبتمريره”، مؤكدا على أنه “لا يتعارض مع مصالح تونس المعلنة ولا يؤثر على السير العادي لدواليب الدولة ولعلاقاتها وممارساتها طالما أنه ليست لنا علاقات مع الكيان الصهيوني”.
والخميس أكد رئيس البرلمان أن قيس سعيّد أبلغه أن “مقترح القانون سيضر بالمصالح الخارجية لتونس، وأن الأمر يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وأن المسألة اتخذت طابعا انتخابيا لا أكثر لا أقل”. ويتضمن “مقترح قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه” ستة فصول وتم تقديمه من قبل مجموعة من النواب الداعمين للرئيس قيس سعيّد.
ويعرف الفصل الثاني من مشروع القانون “التطبيع اعترافا وتعاملا جريمة يعدّ مرتكبا لها كل شخص تعمد القيام أو المشاركة أو محاولة القيام بالتواصل أو الاتصال أو الدعاية أو التعاقد أو التعاون بكل أشكاله بمقابل أو دونه بصفة عرضية أو متواترة بشكل مباشر أو بواسطة من قبل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين ينتمون إلى الكيان الصهيوني أفرادا ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وهيئات حكومية أو غير حكومية عمومية أو خاصة باستثناء فلسطينيي الداخل”، من دون المزيد من التوضيح.
كما يجرّم المشاركة بأيّ شكل من الأشكال في الأنشطة والفعاليات والتظاهرات والملتقيات والمعارض والمسابقات بأنواعها “التي تقام على الإقليم الذي تحتله أو تتحكم فيه سلطات الكيان الصهيوني".
وتوجه تهمة "الخيانة العظمى" إلى كل من "تخابر مع الكيان الصهيوني" ويعاقب مرتكب "جريمة التطبيع" بالسجن مدى الحياة أو لمدة تتراوح بين ست سنوات و12 سنة وبغرامة مالية تصل إلى مئة ألف دينار (حوالي 30 ألف يورو).
وتساءل وزير الخارجية نبيل عمّار الأربعاء "من نجرّم؟ نحن ليست لدينا علاقات مع الكيان الصهيوني، فماذا نجرّم؟”. وردد الرئيس سعيّد في مرات عديدة أن التطبيع “خيانة عظمى".
وقال في مناظرة انتخابية في 2019 إنه لن يكون مسموحا، إذا ما وصل إلى الرئاسة، دخول سياح إسرائيليين إلى تونس بجوازات سفر إسرائيلية، وإن "التطبيع خيانة عظمى، ويجب أن يحاكم من يطبع مع كيان شرّد شعبا كاملا ونكّل به".