افتتاح مبكر لموسم استجواب الوزراء الكويتيين
بعيدا عن التحذيرات التي أطلقها ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح لنواب مجلس الأمّة في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة ومطالبته لهم بترشيد الممارسة النيابية بما في ذلك الابتعاد عن الاستخدام المفرط لحقهم في استجواب أعضاء الحكومة، بدأت عجلة الاستجوابات في الدوران مبكّرا، ملقية بظلالها على علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية ومهدّدة استقرارهما الهشّ.
وسيكون وزير التجارة والصناعة محمد العيبان أول المستجوبين في دور الانعقاد الجديد، بينما أصبح وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي عادل المانع أول المرشّحين للاستجواب بالنظر إلى العثرات التي يشهدها القطاع الواقع تحت إشرافه، وكمّ الأسئلة الذي تهاطل عليه خلال أول جلسة لمجلس الأمّة، بعد جلسة الافتتاح التي أشرف عليها ولي العهد الثلاثاء الماضي.
وتقدم النائب حمدان العازمي باستجواب للعيبان من عدّة محاور من بينها تعارض المصالح واستغلال السلطة.
جاء ذلك بعد أن تجنّبت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استجوابين محرجين كان نائبان بمجلس الأمّة يعتزمان تقديمهما لوزيرة الأشغال العامة أماني بوقماز التي استقالت عشية انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة، مجنّبة الحكومة صداما مبكّرا مع البرلمان.
وجاء استجواب العيبان في مؤشّر على عدم حدوث تغيير في الممارسة النيابية خلال الدورة الجديدة للبرلمان الكويتي، على الرغم من امتعاض السلطة العليا في البلاد والذي انعكس في صرامة نبرة خطاب الشيخ مشعل في افتتاح دور الانعقاد. وحمل ولي العهد في خطابه على السلطتين التشريعية والتنفيذية معتبرا أنّ أداءهما لا يرتقي لانتظارات الكويتيين.
لكنه توجّه بشكل خاص إلى نواب مجلس الأمة داعيا إياهم لعدم استخدام الاستجواب كأداة ضغط وعدم تأجيج الشارع وإشغال المواطنين بأمور جانبية وهامشية معروفة سلفا بعدم مصداقيتها وعدم مطابقتها لمطالب المواطنين.
كما ودعا إلى الارتقاء بالممارسات النيابية و”تقديم الفعل على القول وضبط المشهد السياسي وتقييمه وتعديله وتصحيح اعوجاجه”، معتبرا أّن استمرار المشهد على ما هو عليه لن يكون في صالح الوطن والمواطنين وأن هذا المشهد أدى إلى عرقلة مسيرة التنمية وأوقع في نفوس المواطنين خيبة الأمل في أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ووجه نقده لبعض نواب مجلس الأمّة الذين يدّعون أن مطالبهم مطالب شعبية “وهي على العكس من ذلك تماما”، مؤكّدا أن تلك المطالب “لا تمثل المواطنين ولا تعكس مطالبهم ولا تحاكي تطلعاتهم، فهي وإن كانت في ظاهرها مطالب نيابية إلا أن باطنها وهدفها الحقيقي هو تحقيق المكاسب الشخصية”.
وعرض ولي عهد الكويت في كلمته إلى ما عانته الممارسات النيابية “وما زالت تعانيه من بعض التصرفات التي قام بها أعضاء في مجلس الأمّة وأدت الى استياء شديد من المواطنين، داعيا إلى “ترك صغائر المسائل والأمور التي لا تشكل اهتمام المواطنين والبعد عن توجيه الأسئلة البرلمانية التي تحتاج الإجابة عنها إلى فصل تشريعي كامل وكذلك البعد عن تقديم تشريعات واقتراحات ومطالب بحجة أن المواطنين يريدونها وهم براء منها”. ودعا الحكومة والبرلمان إلى فتح صفحة جديدة أساسها التعاون والبعد عن الممارسات الخاطئة التي تهدد الوحدة الوطنية.
غير أنّ العودة المبكّرة للاستجوابات النيابية لا توحي بفتح تلك الصفحة التي طالب بها ولي العهد، حيث يتوقّع ألاّ يقتصر الأمر على استجواب وزير التجارة والصناعة، وأن تتعدّى طبيعة الأسئلة الجوانب العملية والإجرائية في عمل الوزارات، وهي مسائل يمكن الإجابة عنها وتقديم وعود بتقويمها وتدارك نقائصها بحيث لا تفضي إلى تفجّر خلافات كبيرة بين الحكومة والبرلمان، إلى قضايا شائكة ومعقّدة تمسّ جوهر سياسات الدولة وربما علاقاتها الخارجية، ليصبح الاستجواب بذلك بمثابة قنبلة سياسية تهدّد بتفجير العلاقة بين السلطتين وربما تفضي إلى حلّهما مثلما حدث سابقا، وبشكل متكرّر.
وينطبق الأمر على استجواب هدّد النائب عبدالكريم الكندري بتوجيهه إلى وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح إذا ما تمّ اعتماد أوراق كارين ساساهارا التي اختارها الكونغرس الأميركي لتشغل منصب سفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة الأميركية لدى الكويت.
ويتكونّ الاستجواب المقّدم للوزير العيبان من ستّة محاور هي استغلال السلطة للتهرب من قضايا نصب، وتعريض أمن البلاد للخطر، والقيام بتجاوزات مالية وإدارية، وتضليل ديوان المحاسبة، وعدم معالجة أوضاع المبادرين المتعثرين، والفشل في مراقبة الأسعار.
وقال العازمي بشأن استجوابه للوزير إنّ “هناك مفاجآت كارثية سنعرضها على المنصة وسنؤكد للقيادة السياسية ولرئيس الوزراء وللنواب أن هذا الوزير لا يصلح أن يكون في هذا المنصب”، معتبرا في تعليق عبر منصّة إكس أنّ “استمرار الوزير يؤثر على الثقة في الحكومة وعلى هيبة المجلس”.