الحكومة المغربية تصادق على برنامج الدعم الاجتماعي المباشر

إجراءات أخنوش تراعي الجوانب الاجتماعية للأسر

الرباط

تسابق الحكومة المغربية الزمن لتنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، حيث صادقت في مجلسها الأسبوعي بإشراف رئيس الوزراء عزيز أخنوش على مشروعي قانونين يتعلقان بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، وبإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي.

وأكد رئيس الحكومة أن البرنامج الذي يعتمد على استهداف فعال للأسر “ستكون له آثار إيجابية عديدة، منها تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية، ‏وتقليص نسب الفقر والهشاشة، والمساهمة في تكريس التضامن بين الأجيال، ‏وتخفيف العبء المالي والنفسي عن الأسر التي تعيل مسنين”.

وأضاف أن “الحكومة أولت منذ تنصيبها أهمية بالغة لتنزيل برامج الحماية الاجتماعية وفق الأجندة الملكية، حيث نجحت مع نهاية سنة 2022 في تعميم التغطية الصحية، لتكون آلية مؤسساتية مبتكرة لدعم القدرة الشرائية للأسر”، لافتا إلى أنها “ستتوج هذه السنة بانطلاق الدعم الاجتماعي المباشر، الذي سيمكن من وضع شبكة للأمان الاجتماعي لفائدة الفئات المستهدفة”، ومذكرا بأن “الحد الأدنى للدعم لكل أسرة، كيفما كانت تركيبتها، سيبلغ 500 درهم (136.13 دولار) شهريا”.

من جانبه أشاد مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، عبر نقطة يقظة نشرها مطلع الشهر الجاري، ببرنامج الدعم الاجتماعي المباشر الذي باشرت الحكومة تفعيله، موضحا أنه يأتي تنفيذا للتعليمات الملكية، وتطبيقا لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وتكريسا لمضامين البرنامج الحكومي.

وسجلت الدراسة التي جاءت تحت عنوان “الدعم الاجتماعي المباشر خمسة مفاتيح للفهم.. من عشوائية المقاصة إلى نجاعة الاستهداف”، أنه ولأول مرة في تاريخ المغرب الحديث سيتم إطلاق برنامج للدعم الاجتماعي المباشر يستهدف الأطفال والأسر الفقيرة والهشة، عبر تقديم دعم مالي مباشر، مبرزا أن “الحكومة عكفت على إعداد الإطارين العملي والزمني لهذا البرنامج، فضلا عن تحديد طرق وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه وتأمين الاعتمادات المالية لاستدامته، وذلك وفق مقاربة تشاركية وتنسيق محكم بين جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية، والشركاء الاجتماعيين”.

وأكد نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة أن مبلغ 66 مليار درهم (17.97 مليار دولار) هو مجموع الدعم الاجتماعي الذي ستقدمه الحكومة السنة المقبلة لعدد من الأسر الهشة والمعوزة ومن الطبقة المتوسطة، موضحا أن “هذا البرنامج الملكي يبرز منطق التحول من دعم العرض إلى دعم الطلب من خلال تقديم دعم مالي مباشر للأسر المستهدفة، أي التحول من دعم لا يبرز وقعه بشكل مباشر إلى دعم مالي مباشر للأسر”.

وشدد بركة في لقاء مع أعضاء حزبه على أن “البرنامج يكرس مبدأ التضامن ما بين الفئات والطبقات الاجتماعية، والانتقال من منطق الإقصاء الاجتماعي إلى الإنصاف والإدماج الاجتماعيين وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة ومواكبتها ببرامج مستقبلية للحفاظ على هذه الفئة المجتمعية التي تعتبر صمام الأمان الاجتماعي، وبالموازاة مع الدعم الاجتماعي المباشر ستحافظ الحكومة على صندوق المقاصة، وليس في نيتها أي إلغاء للعمل به، وهي تعمل على إصلاحه بالتدريج”.

وصادق مجلس الحكومة على مشروع القانون الذي يهدف إلى إحداث مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي تحمل اسم “الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي”، وتُعنى بالسهر على تدبير نظام الدعم الاجتماعي المباشر، وتتبّعه وتقييمه بهدف الرفع من فعاليته.

برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يعد أول مبادرة في تاريخ المغرب الحديث تلتزم فيها الحكومة بتقديم دعم مالي شهري مباشر للأسر وبوتيرة مستدامة

وأكد مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي، أن “مشروع هذا القانون يحدد أساسا مهام واختصاصات الوكالة وكيفية تسييرها وتدبيرها، إلى جانب تأليف مجلس إدارة الوكالة والذي يعهد إليه تحت مسؤوليتهم السهر على تدبير نظام الدعم الاجتماعي المباشر، وتتبعه وتقييمه بهدف الرفع من فعاليته”.

ومن مهام الوكالة تلقي طلبات الاستفادة من الإعانات في إطار نظام الدعم الاجتماعي المباشر والبت فيها ومعالجة التظلمات المرتبطة بها، وصرف الإعانات للمستفيدين، والتحقق من صحة المعطيات المصرح بها من أجل الاستفادة من الإعانات، ومسك وتدبير الحسابات المتعلقة بالميزانية السنوية المخصصة للنظام، وإعداد المعطيات الإحصائية الخاصة بالفئات المستفيدة من النظام وإصدار تقارير دورية تهم حصيلة تدبير النظام.

وطرح محمد طارق أستاذ القانون الاجتماعي الذي أشرف على الدراسة في تصريح، خمسة مفاتيح لفهم برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، أوّلها الدعم الاجتماعي المباشر: رؤية ملكية متبصرة وإنجاز حكومي متفاعل. والمفتاح الثاني، الدعم الاجتماعي المباشر: من عشوائية المقاصة إلى نجاعة الاستهداف. والمفتاح الثالث، الدعم الاجتماعي المباشر: أربعة إجراءات فئوية. والمفتاح الرابع، الدعم الاجتماعي المباشر: تحدي تعبئة الموارد المالية. والمفتاح الخامس، الدعم الاجتماعي المباشر: إصلاح تدريجي ومحدد زمنيا للمقاصة.

ويعد برنامج الدعم الاجتماعي المباشر مبادرة نوعية في سياق دولي ووطني غير مستقر ومتّسم بعدم اليقين وتوالي الصدمات، حسب طارق، كما أنه أول مبادرة في تاريخ المغرب الحديث تلتزم فيها الحكومة بتقديم دعم مالي شهري مباشر للأسر وبوتيرة مستدامة، وهي مبادرة تكرس آلية مؤسساتية لدعم القدرة الشرائية للأسر، والاستثمار في الأطفال، وتعزيز نسبة التمدرس، وتعزيز الرعاية الاجتماعية والطبية للأسر والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين.