البنك الدولي يرصد تباطؤا في إيقاع نمو الاقتصاد التونسي
رصد البنك الدولي تباطؤا في إيقاع الاقتصاد التونسي خلال النصف الأول من العام الحالي رغم تعافي قطاع السياحة الذي يُعتبر مساهما أساسيا في مؤشرات النمو.
وبحسب تقرير المرصد الاقتصادي لتونس لخريف 2023 فقد بلغ معدّل النمو خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين 1.2 في المئة، أي أقلّ بمقدار نصف ما كان عليه في 2022 ورُبع ما كان عليه في 2021، عام التعافي بعد الأزمة الناجمة عن الجائحة.
وأوضح البنك في تقريره أنّ الاقتصاد التونسي يرزح تحت عوامل سلبية من أبرزها “الجفاف المستمرّ، وتحديات التمويل الخارجي، وتواصل تراكم الديون المحلية لأهم المؤسسات العموميّة، والعقبات التشريعية”.
وتشهد تونس منذ مطلع العام جفافا أدّى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، القطاع المهمّ في اقتصاد البلاد، وتراجع إنتاج الكهرباء بسبب جفاف السدود.
وتمر البلاد بأزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي الجائحة، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية – الأوكرانية.
ولفت البنك الدولي إلى أنّ السياحة في تونس سجّلت بالمقابل انتعاشا ملحوظا إذ زادت إيرادات القطاع بنسبة 47 في المئة حتى نهاية أغسطس الماضي “لتساهم بذلك إلى جانب خدمات النقل بنسبة 0.8 نقطة مئوية في نمو إجمالي الناتج المحلي”.
كما ساعد انتعاش القطاع في تخفيف عجز الحساب الجاري من خلال جلب عملات أجنبية إلى بلد هو في أمسّ الحاجة إليها الآن.
وقال ألكسندر أروبيو مدير مكتب البنك في تونس إنّ “الاقتصاد التونسي يُظهر بعض الصمود، وذلك رغم التحديات المستمرة”.
وأضاف أن “زيادة الصادرات في كلّ من قطاع النسيج والصناعات الآليّة وزيت الزيتون، جنباً إلى جنب مع نمو الصادرات السياحية، ساعدت في تخفيف حدّة العجز الخارجي”.
واعتبر أروبيو أنّ “تعزيز المنافسة، وزيادة الحيّز المالي، والتكيّف مع تغيّر المناخ، تُعدّ إجراءات حاسمة من أجل استعادة النمو الاقتصادي، وبناء القدرة على الصمود، وذلك في مواجهة الصدمات الاقتصادية والمناخية المستقبلية”.
ووفقا للتقرير فإنّ هذه العوامل انعكست استفحالا في نسبة الدين العام “الذي ارتفع من 66.9 في المئة إلى 79.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلّي، بين عامي 2017 و2022”.
وتجري تونس مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي للحصول منه على قرض جديد لسدّ عجز الموازنة العامة.
وكان الصندوق أعطى ضوءا أخضر أول لتونس العام الماضي بإعلان موافقة مبدئية على منحها هذا القرض.
لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار وتوقفت المشاورات بين الطرفين منذ نهاية العام 2022 ولم تتقدم.
ويرفض الرئيس قيس سعيّد ما يعتبره “إملاءات” الصندوق، خاصة في ما يتعلق برفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، ويرى فيها “تهديداً للسلم الاجتماعي” في البلاد.
وأقال سعيّد في منتصف أكتوبر الماضي وزير الاقتصاد والتخطيط وكلّف وزيرة المالية بتولّي مهامه مؤقتاً.
وفي خضم الأوضاع الصعبة تباطأ نمو التضخم السنوي في تونس إلى 8.6 في المئة خلال الشهر الماضي، نزولا من 9 في المئة في سبتمبر السابق له.
وذكر المعهد الوطني للإحصاء في مذكرة شهرية نشرها الأحد الماضي أن هذا التراجع جاء جراء هبوط نمو أسعار مجموعة المواد الغذائية من 13.9 في المئة في سبتمبر، إلى 13.1 في المئة خلال الشهر الماضي.
كما تراجع نمو أسعار مجموعة الأثاث والتجهيزات والخدمات المنزلية من 9.1 في المئة إلى 8.8 في المئة خلال الفترة المذكورة.
وفي يناير الماضي قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي إن "تقديرات البنك تؤشر لارتفاع التضخم في 2023 إلى 11 في المئة، صعودا من 8.3 في المئة العام الماضي".