تحركات مصرية - قطرية لتخفيف الضغوط عن قمة الرياض

السيسي وتميم خلال مباحثات في القاهرة

القاهرة

سرّعت مصر وقطر وتيرة تحركاتهما السياسية بهدف التوصل إلى صيغة للتهدئة في غزة ترفع الحرج عن القمة العربية الطارئة التي تعقد السبت في الرياض وتحتاج إلى الخروج بموقف يظهر دعمها للفلسطينيين.

والجمعة استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وناقشا الأوضاع الراهنة في غزة، وجاء ذلك غداة زيارة قام بها أمير قطر إلى دولة الإمارات ولقائه رئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي بأن لقاء السيسي والشيخ تميم ناقش التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، وما يرتبط به من تحديات إقليمية تدفع المنطقة نحو اتجاهات خطيرة وغير محسوبة العواقب.

ويقول مراقبون إن زيارة الشيخ تميم إلى القاهرة قُبيْل القمة العربية الطارئة تؤكد أن مصر وقطر تريدان تخفيف الضغوط الواقعة على القادة العرب من خلال بلورة رؤية يمكن تبنيها في قمة الرياض، قد تمثل مقدمة للخروج من الأزمة الحالية في غزة، والتي يمكن أن تؤدي تشابكاتها إلى تعقيدات سوف تطال دولا عديدة في المنطقة، وهناك رغبة في أن تتجاوز هذه القمة معاني التنفيس السياسي التي تضمنتها قمة القاهرة للسلام.

ويضيف المراقبون أن القاهرة والدوحة لهما من العلاقات مع إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة وغيرها من الجهات والمنظمات المعنية بالأزمة ما يساعد على تسهيل تحركهما سياسيا بشكل جيد، خاصة أنهما لعبتا أدوارا في وقف إطلاق النار في حروب سابقة شهدتها غزة.

وبحث السيسي والشيخ تميم أفضل السبل لحماية المدنيين الأبرياء في غزة، ووقف نزيف الدم، واستعرضا الجهود المكثفة الرامية إلى تحقيق وقف لإطلاق النار، واستدامة نفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة، والتأكيد على رفض أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني أو دول المنطقة، ورفض محاولات التهجير القسري.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية في تصريحاته إلى أن الجانبين أكدا على استمرار التشاور من أجل “وقف التصعيد الراهن للحد من معاناة المدنيين، وحقْنًا لدماء الشعب الفلسطيني، وصولًا إلى إقامة دولته المستقلة وفقا لمرجعيات الشرعية الدولية”.

وأكد الخبير في الشؤون الإقليمية بشير عبدالفتاح لـ”العرب” أن “التحرك المصري – القطري يرمي إلى تطويق الحرب ومنع اتساعها مع ظهور بوادر مناوشات عسكرية من قوى إقليمية قد تفضي إلى عدم حصر الحرب في غزة، ويريد هذا التحرك قطع الطريق على مخططات إسرائيل الساعية لتحويل نزوح الفلسطينيين عن أراضيهم إلى واقع، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية برمتها”.

وأوضح أن “تعاظم التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية على دول الجوار والمنطقة كان دافعا إلى التعاون بين القاهرة والدوحة، ولدى كليْهما علاقة وطيدة بحركة حماس، ويمكنهما إقناعها أو الضغط عليها للقبول بصيغة مناسبة للتهدئة، لأن الوقت ليس في صالح أحد، لا إسرائيل ولا حماس ولا الولايات المتحدة، وبدأ المجتمع الدولي يتململ وسوف يعاني كثيرا من روافد احتدام الصراع في غزة”.

وتوقع بشير عبدالفتاح أن تقدم مصر وقطر مبادرة للقمة العربية يتم تبنيها كدليل على وجود موقف عربي موحد يمكن استثماره ليكون وسيلة للتهدئة. وقام وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية بزيارة سريعة إلى القاهرة الخميس، التقى خلالها مع مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وبحثا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإمكانية وقف إطلاق النار وتدفق قوافل المساعدات.

وتناول اللقاء صفقة تبادل للأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل الأسرى من الضباط والجنود الموجودين لدى المقاومة، وإنهاء الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ورفض مخطط تهجير سكان غزة إلى سيناء.

وكشف الإعلامي المصري وعضو البرلمان مصطفى بكري أن لقاء وفد حماس مع اللواء عباس كامل أثمر عن قبول حماس للوساطة المصرية جنبا إلى جنب مع الوساطة القطرية لإنهاء أزمة الرهائن، شريطة وقف إطلاق النار وفتح الباب أمام المزيد من المساعدات والإفراج عن الأطفال والنساء من الأسرى الفلسطينيين، والتضامن مع مصر في رفض مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

وذكر بكري أن القاهرة تتواصل مع العديد من الأطراف لتنفيذ المبادرة المصرية - القطرية للاتفاق على دفعة المفرج عنهم كدفعة أولى بمواصفات محددة. وتعمل مصر على أكثر من جبهة لوقف إطلاق النار في القطاع، وتسهيل وصول المساعدات إلى غزة، ووافقت على نشر فريق أممي لتقديم المشورة بشأن إيصالها إلى القطاع، وحذرت من العواقب الأمنية بسبب تسليط إسرائيل عقابا جماعيّا على سكان غزة، وما يخلفه ذلك من أزمات إنسانية، وتمسكت برفض توطين الفلسطينيين في سيناء.

والخميس اجتمع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) وليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد بارنيا ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لبحث معالم اتفاق على إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى هدنة توقف الهجوم على غزة، وجاء الاجتماع عقب لقاء وسطاء قطريين بمسؤولين من المكتب السياسي لحماس مساء الأربعاء.

وتضمنت المحادثات الثلاثية في الدوحة مناقشة السماح بدخول إمدادات الوقود إلى غزة لأغراض إنسانية، وهو ما رفضته إسرائيل خشية سيطرة حماس عليه. وتناول اجتماع الدوحة إطلاق سراح ما بين 10 و15 رهينة مقابل هدنة إنسانية ليوم أو يومين في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة. وبدأت قطر أخيرا جهود وساطة بين الحركة وإسرائيل لإطلاق سراح رهائن احتجزتهم المقاومة خلال عملية “طوفان الأقصى”، ويصل عددهم إلى نحو 240 شخصا.