ضغوط لبنانية لمراجعة الضرائب في ميزانية 2024

يا ويلكم من الجباية التي نخرت جيوبكم!

بيروت

يواجه تنفيذ حكومة تصريف الأعمال اللبنانية لخططها المتعلقة بتعبئة المزيد من الموارد للخزينة العامة في ميزانية 2024 معارضة شديدة وخاصة من النقابات بعدما تزايدت الضغوط في الآونة الأخيرة لتخفيف قسوة الضرائب.

ورغم إقرار المسؤولين بجدوى ما تقوم به السلطات لتجاوز الأزمة المالية الخانقة، يعكس رفْض النقابات للخطوة صعوبة اقتناع الناس بإستراتيجيتها.

ورأت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي أن قانون الميزانية، الذي يناقشه البرلمان حاليا، هو مشروع ضريبي وغير إصلاحي وغير تحفيزي ويهرّب ما تبقى من الاستثمارات.

وقالت النقابة في بيان أوردته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية الثلاثاء إن “القانون همه الوحيد جمع الأموال بشتى الوسائل دون مراعاة أوضاع مؤسسات القطاع الخاص التي فُقرت بسبب تراكم الأزمات وسوء إدارة الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية”.

وأضافت أنه (المشروع) “بعيد كل البعد عن مكافحة الاقتصاد غير الشرعي والتهريب وضبط الحدود وتوسيع الصحن الضريبي”.

واعتبرت أن “إقرار هكذا ميزانية لا يهدف إلا إلى صرف ما تبقى من مدخرات الشركات والأفراد التي تعمل تحت عنوان إدارة الأزمة والصمود وأصبحت بهذه الظروف المستجدة تعمل وفقا لاقتصاد الحرب”.

وقالت “لا نستطيع الالتزام بهذه الضرائب، لذلك نطالب لجنة المال والموازنة النيابية بأن تستمع إلى شكاوى القطاعات الاقتصادية من هذه الرزمة الضرائبية المجحفة ومناقشتها، ولا يمكننا أن نلتزم بأي موازنة لا توافق عليها الهيئات الاقتصادية”.

ويعتبر شق من الأوساط الاقتصادية المحلية أن الميزانية الجديدة، التي أقرتها حكومة تصريف الأعمال مؤخرا، هي ميزانية صندوق النقد الدولي.

وبحسب وثيقة حكومية فإن إيرادات الميزانية تقدر بقيمة 2.9 مليار دولار، فيما ستكون النفقات بقيمة 3.3 مليار دولار، وهو ما يعني أن نسبة العجز ستصل إلى حدود 13.8 في المئة.

ويتوقع على نطاق واسع أن الدولة لن تتمكن من تحصيل الإيرادات بما أن السلطات لم تقم بهيكلة شاملة للقطاع العام حتى الآن، ناهيك عن التقاعس في إصلاح نظام الضرائب وغيره من الإصلاحات الضرورية لتعبئة الأموال للخزينة العامة.

ولوحظت زيادة في الضريبة على بعض القطاعات، مثل قطاع العقارات الذي كان في وقت من الأوقات أحد محركات النمو إلى جانب السياحة، بينما تم استثناء أو التغاضي عن بعض القطاعات التي كانت ستوفر للخزينة بعض الأمان المالي في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

وسبق أن أكد الخبير في الأسواق المالية نديم السبع في تصريحات صحفية أن أي دولة تعاني من أزمة تعمل على تخفيض الضرائب وليس زيادتها، لأن زيادتها ستعمق من حدة الركود الاقتصادي.

وأوضح في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية الشهر الماضي أن ميزانية 2024 تفتقد إلى ضرائب على الأملاك البحرية والكسارات ومصانع الرمل والأرباح الكبيرة لرؤوس الأموال، وبالتالي لا توجد بنود حقيقية تسمح بأن يكون هناك أفق للحل.

وأشار السبع إلى أن الضرائب تم فرضها بينما لم تأخذ الحكومة بعين الاعتبار الاقتصاد النقدي، الذي تتراوح قيمته بين 10 و15 مليار دولار.

وتظهر التقديرات أن 80 في المئة من العمليات التجارية التي تحصل في السوق المحلية تتم نقدا، وبالتالي من المتوقع ألا تحصل الدولة على الإيرادات التي وضعت في الميزانية.

وكان البنك الدولي قد حذر مرارا من تنامي الاقتصاد النقدي بالدولار الأميركي بعدما بات يُقدر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي في عام 2022.

ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا وماليا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم. وقد خسرت الليرة أكثر من 98 في المئة من قيمتها وبات أغلب السكان تحت خط الفقر على وقع قيود مصرفية مشددة وأزمة سيولة حادة.

كما تراجع الاحتياطي الإلزامي في المصرف المركزي إلى عشرة مليارات دولار مقابل 36 مليار دولار في عام 2017.

وفي حال استمرار الوضع الراهن بغياب الإصلاحات الملحة، فإن إجمالي الدين العام قد يصل إلى 547.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2027.

وتوصل صندوق النقد في أبريل 2022 إلى اتفاق مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيق الخطة مرتبط بالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات مسبقة، لم تسلك غالبيتها سكة التطبيق بعد.

ومن بين الإصلاحات إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية وتوحيد سعر الصرف.