هل سيتخلى النظام الإيراني عن وكلائه؟
وفقًا لمصادر موثوقة لوكالة فرانس برس، أُخليت القوات الإيرانية من جنوب سوريا وانسحبت من مواقعها في ضواحي دمشق ودرعا والقنيطرة. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن مقاتلي حزب الله قد حلوا محل القوات الإيرانية في تلك المناطق. يُعتبر الهجوم الصاروخي على القنصلية الإيرانية في سوريا أحد الأسباب التي دفعت طهران لسحب قواتها من العديد من المواقع.
وفقًا لمصادر موثوقة لوكالة فرانس برس، أُخليت القوات الإيرانية من جنوب سوريا وانسحبت من مواقعها في ضواحي دمشق ودرعا والقنيطرة. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن مقاتلي حزب الله قد حلوا محل القوات الإيرانية في تلك المناطق. يُعتبر الهجوم الصاروخي على القنصلية الإيرانية في سوريا أحد الأسباب التي دفعت طهران لسحب قواتها من العديد من المواقع.
تبرز هذه التطورات بوضوح الحاجة الملحة لنظام الملالي إلى وكلائه في العديد من البلدان، وذلك لمواصلة إثارة النزاعات والحروب. وتؤكد على أنه طالما تمسك نظام الملالي بالسلطة في إيران، فإنه لن يتخلى أبدًا عن وكلائه.
ومن المعروف للمتابعين للأوضاع في إيران خلال الخمس وأربعين عامًا الماضية من حكم الملالي، أن هناك عدوًا وحيدًا للنظام منذ البداية وحتى الآن. ويبذل نظام الملالي، سواء في عهد خميني أو في عهد خامنئي، جهودًا دائمة لمواجهة هذا العدو، وهو الشعب الإيراني الذي يمثل تهديدًا لاستمرارية النظام.
في خطابه العلني في عام 1979، أكد مؤسس النظام خميني أن عدو نظام الملالي لا يكمن في الولايات المتحدة أو إسرائيل أو الاتحاد السوفيتي، بل يتجلى هنا في طهران، وهو إشارة واضحة إلى منظمة مجاهدي خلق والشعب الإيراني.
للحفاظ على نفسه أمام الشعب الإيراني، يضطر نظام الملالي إلى اللجوء إلى القمع الوحشي داخل البلاد، حيث أن أي محاولات لإدخال الديمقراطية تتسبب في انهيار النظام فورًا. وبينما مبدأ الديمقراطية الأول هو حكم الشعب، إلا أن النظام يفرض الملكية المطلقة للفقيه على الشعب.
وبالتالي، يلجأ النظام إلى تصاعد الأزمات الخارجية لقمع الشعب الإيراني داخل البلاد، وذلك لتحييد الأزمات الناجمة عن هذا القمع. وقد كانت هذه هي الاستراتيجية المتبعة منذ بداية حكمه: القمع داخليًا وتصدير الحروب والأزمات إلى الخارج.
ومن بين الأمثلة البارزة على ذلك، هو الهجوم الصاروخي الأخير الذي نفذه النظام ضد إسرائيل. يُظهر هذا الهجوم خوف النظام من تصاعد الاحتجاجات في أوساط الشعب الإيراني، وقد أعلن النظام قبل شهر أنه سينفذ في 13 أبريل ما يسمى بخطة العفة والحجاب في طهران، تطبيقا لخطته لقمع النساء بذريعة الحجاب السيئ. وفي ليلة 13 أبريل، شن النظام هجومه الصاخب على إسرائيل، ثم نفذ حملته ضد حقوق النساء في الشوارع في اليوم التالي.
أكد خامنئي، في عدة مناسبات مختلفة أنه إذا لم نشارك في الحرب في سوريا والعراق، فسيتعين علينا مواجهة أعداءنا في طهران وكرمانشاه وهمدان.
في يوم 5 أبريل، أكد اللواء حسين سلامي، قائد قوات حرس النظام الإيراني، أن مجزرة أهل غزة ونسائها وأطفالها تهدف للحفاظ على نظام الملالي. وأضاف: “إنهم يرسلون لنا رسالة من غزة تؤكد أنه ليس لدينا مشكلة في مواجهة الكيان الصهيوني. طالما أن جثاميننا تُدفن في توابيت وبأيديكم، فإن إيران والعالم الإسلامي آمنان، ولن يتمكن أي من أعدائنا من ضرب هذه الأمة”.
تُستخدم شعارات دعم فلسطين وتدمير الولايات المتحدة وإسرائيل من قبل نظام الملالي لتعزيز خط إثارة الحرب في المنطقة.
في عام 2003، عندما أراد العديد من الأشخاص في ذروة حرب إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت التوجه إلى العاصمة اللبنانية لمحاربة إسرائيل دفاعًا عن الفلسطينيين، اخترع خميني شعار “الطريق إلى القدس عبر كربلاء” ومنع وجود قواته في بيروت. في عام 1987، في ذروة شعارات خميني وخامنئي المعادية لإسرائيل، انتشرت فضيحة صفقة الأسلحة بين إسرائيل ونظام الملالي المعروفة باسم إيران غيت.
من جهة أخرى، يحترز خامنئي من امتداد إشعال الحروب والأزمات مباشرة إلى إيران، حيث سيؤدي ذلك في النهاية إلى سقوط النظام الإيراني. ولذا، فإن السياسة الأمثل له في هذا السياق هي استخدام القوى الوكيلة، التي تصبح على حساب دماء الأطفال وشعوب المنطقة، كأداة للنظام لتوسيع نفوذه وإثارة الحروب في المنطقة، دون أن تمتد هذه الحروب إلى النظام نفسه، وتصل إلى عباءة خامنئي ونظامه.
يُؤكد ذلك على أن حتى تحقيق إسقاط النظام الإيراني، فإنه يعتمد بشكل كبير على استخدام القوى الوكيلة في المنطقة لخلق الأزمات، وبالتالي لن يتخلى عن هذه القوى بأي حال من الأحوال. بالتالي، فإن التوصل إلى أي حل عن طريق التسوية مع النظام لا يؤدي إلا تغذية التمساح وتعزيز وكلائه، التسوية مع هذه القوات هي الأخرى لا تؤدي إلى تصحيح مسارها. فالحل الوحيد الممكن، كما أكدت المقاومة الإيرانية مرارًا وتكرارًا، هو إسقاط نظام الملالي. وفي هذا السياق، فإن أي محاولة للمساومة مع هذا النظام في أي شكل من الأشكال تخدم فقط أهداف النظام في زيادة الاضطراب والصراع.
تظهر التطورات الأخيرة بوضوح أن الرد الحاسم هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع نظام الملالي. ويعتبر الاعتراف بنضال ومقاومة الشعب الإيراني لإسقاط النظام الإيراني أمرًا ضروريًا للغاية. وأي محاولة للتوصل إلى أي تسوية مع هذا النظام قبل أي شيء آخر هي خيانة لدماء الشعوب في إيران وفلسطين واليمن والعراق ولبنان وسوريا، وهو ما يفتح الباب لمزيد من إثارة الحروب في المنطقة.