دور الطلاب في انتفاضة إيران

نظام مير محمدي

لعبت القيادة والشجاعة لدى الطلاب، سواء في الجامعات أو المدارس الثانوية، دورًا حاسمًا في انتفاضة 2022 في إيران. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها الطلاب الصفوف الأمامية للاحتجاجات.

الخليج بست

لعبت القيادة والشجاعة لدى الطلاب، سواء في الجامعات أو المدارس الثانوية، دورًا حاسمًا في انتفاضة 2022 في إيران. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها الطلاب الصفوف الأمامية للاحتجاجات. فمنذ تأسيس نظام الملالي، قام الطلاب مرارًا وتكرارًا بتحدي النظام رغم القمع الشديد. ومع ذلك، أظهرت أحداث 2022 تورطًا متزايدًا وصمودًا غير عادي لهذ الجيل الشاب، تاركين بصمة لا تُمحى في ذاكرة الشعب الإيراني الجماعية.

عداء النظام تجاه الأوساط الأكاديمية والمفكرين له جذور عميقة. في السنوات الأولى من الثورة عبّر قادة مثل خميني عن ازدرائهم الصريح للجامعات. ففي خطابات تعود إلى عام 1980، أدان خميني الطبقات المثقفة، قائلاً: «كل المعاناة التي نعانيها تأتي من أولئك الذين يدعون أنهم ذهبوا إلى الجامعات؛ يقولون إنهم مثقفون وقانونيون.» وفي خطاب آخر بتاريخ 8 نوفمبر 1979، قلّل خميني من شأن هجرة العلماء من إيران قائلاً: «يقولون إن المثقفين يفرون. فليذهبوا إلى الجحيم. لا نريد هذا العلم والتعليم الغربي. إذا كنتم تشعرون أن هذا البلد ليس لكم، ارحلوا.» هذه التصريحات عكست ازدراء النظام للتفكير النقدي والمناهج العلمية، والتي اعتبرها تهديدًا لحكمه الثيوقراطي.

رغم العداء الواضح للحكومة تجاه الفكر الأكاديمي، أظهرت الحركة الطلابية في إيران مرونة استثنائية. من احتجاجات يوليو 1999، إلى الحركة 2009، واحتجاجات ديسمبر 2017، وأخيراً الدور القيادي للطلاب في انتفاضة 2022، كل هذه الأحداث تشهد على هذا التحدي المستمر.

لطلاب والمدارس معاقل محورية للمقاومة

في عام 2022، برز الطلاب والتلاميذ كأصوات رئيسية في التعبير عن السخط تجاه الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إيران. شهدت الجامعات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مؤسسات كبرى مثل جامعة طهران وجامعة شريف وجامعة علامه، احتجاجات واسعة، وإضرابات واعتصامات. كان الطلاب من بين أولى المجموعات التي عمّمت الشعارات الاحتجاجية الراديكالية، مما حشد الآخرين للانضمام إلى الحركة. كما دعم العديد من الأساتذة والهيئات الأكاديمية هذه الاحتجاجات، وتم إغلاق العديد من الجامعات بشكل مؤقت تضامنًا مع القضية.

وأبدى طلاب المدارس الثانوية، وخاصة الفتيات الشجاعات، شجاعة متميزة. فقد تحولت العديد من المدارس إلى بؤر لأنشطة مناهضة للنظام، حيث قام الطلاب بتمزيق صور زعماء النظام وتحويل الفصول الدراسية إلى ساحات احتجاج. هذه الأفعال عكست ظاهرة أوسع: جيل غير خائف من تحدي الوضع الراهن والمطالبة بتغييرات جوهرية في حكم إيران.

ورد فعل النظام على هذا التحدي الجريء كان، وكما هو متوقع، وحشيًا. استهدف النظام قادة الطلاب بالاعتقالات والاختفاءات والتعليق والفصل من الجامعات. تم حرمان الطلاب من السكن الجامعي والخدمات الأساسية الأخرى، كما لجأ النظام إلى أساليب قمعية أكثر شراسة.

وكان أحد الردود الأكثر رعبًا على احتجاجات الطلاب هو موجة الهجمات بالسموم التي استهدفت المدارس والتي بدأت في ديسمبر 2022. الهجمات التي بدأت في مدرسة ثانوية للبنات في قم وانتشرت إلى مئات المدارس بحلول أبريل 2023 أثارت مخاوف واسعة. وبينما نفى النظام تورطه في البداية، كشف محلل مرتبط بالحكومة مؤخرًا على التلفزيون الحكومي أن النظام “عاقب شعبه ليلًا ونهارًا.” وأقرّ بصراحة: «لقد فعلناها. من غيرنا كان ليفعلها؟»

ومكون رئيسي آخر في رد النظام كان “تطهير” الجامعات، الذي تضمن الفصل الجماعي للأساتذة والهيئات الأكاديمية. في 7 سبتمبر 2023، أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانًا يدين هذه الإقالات، مشيرًا إلى أن النظام يخشى عودة الاحتجاجات. وأفاد تقرير صحفي يوم 9 سبتمبر 2023 بأن 52 أستاذًا قد تم فصلهم أو تقاعدهم قسريًا أو تعليقهم. وقد تم استبدالهم فوراً بأفراد مرتبطين بالنظام، بما في ذلك الملالي وأكاديميين محافظين.

أبرزت انتفاضة 2022 التضامن العميق بين الطلاب والتلاميذ، وهو ما يدل على وحدة الجيل الشاب في إيران في كفاحهم من أجل الحرية والعدالة والتغيير السياسي والاجتماعي. وعلى الرغم من عقود من القمع العنيف، بما في ذلك مذبحة الطلاب في الثمانينات وقتل المتظاهرين في 2009، وعمليات القتل الوحشية في 2022، تبقى روح المقاومة حيّة.

سجلات الطلاب مثل آيلار حقي ومهرشاد شهيدي و نيكا شاكرمي وأميد نارويي والعديد من الآخرين الذين فقدوا حياتهم في الكفاح من أجل مستقبل أفضل تمثل شهادة على هذه الروح التي لا تنكسر. ومع انضمام المزيد من العقول النيرة من المدارس العلمية والنخب إلى الكفاح من أجل الحرية، يستمرون في إثبات أن الحركة من أجل العدالة في إيران لم تنته بعد.

إن انتفاضة 2022، بقيادة الطلاب إلى حد كبير، هي تأكيد للتحديات المستقبلية التي ستواجه النظام وإشارة إلى أن جيلًا جديدًا مستعد لقيادة النضال من أجل تغيير حقيقي ودائم.