تصاعد موج الاحتجاجات الشعبية في إيران: من الفقر والتهميش إلى الصرخة الجماعية
تصاعد موج الاحتجاجات الشعبية في إيران: من الفقر والتهميش إلى الصرخة الجماعية

شهدت مدن مختلفة في إيران خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة،

تصاعد موج الاحتجاجات الشعبية في إيران: من الفقر والتهميش إلى الصرخة الجماعية
شهدت مدن مختلفة في إيران خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، حيث خرجت شرائح واسعة من المجتمع، من المتقاعدين والعمال والمعلمين إلى المزارعين وكوادر الصحة وطلاب المدارس، إلى الشوارع مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية ووقف الفساد وسوء الإدارة.
وقد تركزت هذه التحركات في عشرات المدن مثل طهران، أصفهان، الأهواز، شوش، رباط كريم، وقائمشهر، إلا أن الاحتجاجات في المناطق الكردية مثل كرمانشاه ونهاوند اتخذت طابعاً أكثر حدة واتساعاً، ما يؤكد تنامي الغضب الشعبي في كردستان الإيرانية، وسط شعور عميق بالإقصاء والتمييز.
مطالب معيشية في كل مكان
في طهران، تجمع متقاعدو الضمان الاجتماعي أمام مبنى المنظمة، مطالبين برفع الرواتب التقاعدية، تحسين الخدمات الطبية، والتعويض عن سنوات من الغلاء وتدهور القدرة الشرائية.
وفي الأهواز وشوش، تحولت هذه التجمعات إلى مسيرات احتجاجية هتف فيها المتظاهرون ضد التمييز و"الصمت الحكومي المتعمد" على حد وصفهم.
كما شهدت قائمشهر وأصفهان مظاهرات مماثلة من متقاعدي صناعة الفولاذ، طالبوا خلالها بتنفيذ خطة تعديل الرواتب، إزالة سقف الرواتب، صرف زيادات الأعوام السابقة، وضمان العلاج المجاني.
أما طلاب المرحلة الثانوية وأولياء أمورهم في طهران، فقد احتجوا على القرار المفاجئ بجعل جميع اختبارات الصف الحادي عشر مؤثرة بشكل نهائي على معدل التخرج، معتبرين أن القرار "غير عادل ومربك" في ظل اقتراب موعد الامتحانات.
كرمانشاه ونهاوند نموذجاً
في كرمانشاه، تظاهر العشرات من المتقاعدين أمام مبنى التأمينات الاجتماعية، مطالبين برفع مستحقاتهم وتوفير علاج لائق. وفي نفس الوقت، نظّم البهورزان وكوادر الصحة تجمعاً غاضباً في ساحة جامعة العلوم الطبية، احتجاجاً على تدني الأجور، التمييز الوظيفي، وسوء الإدارة في وزارة الصحة. أحد المشارکین المظاهرة صرّح قائلاً: "نحن في الصف الأول لحماية صحة الناس، لكننا نعاني من التجاهل والفقر واللامبالاة من الحكومة."
وفي نهاوند، تجمع المزارعون أمام مركز الخدمات الزراعية، مطالبين بتوفير حصصهم من الأسمدة الكيمياوية، متهمين المسؤولين بالكذب والتقصير المستمر.
قال أحدهم: "نسمع نفس الوعود منذ سنوات، لكن الحقول تبور والبطون تجوع."
الاحتجاجات تمتد إلى رباط كريم وبهبهان
في رباط كريم، تجمع السكان أمام دائرة المياه والصرف الصحي، احتجاجاً على الانقطاعات الطويلة والمتكررة للمياه، والتي استمرت لأكثر من شهرين.
وفي بهبهان، نظم عمال مصفاة بیدبلند وقفة داخل موقع العمل، مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية وتنفيذ الوعود التي تلقوها عند التوظيف منذ أربع سنوات. وأشار العمال إلى غياب أي حوافز أو مزايا، بالرغم من صعوبة العمل وأهمية المشروع.
رسالة واحدة من كل الأطراف: كفى صمتاً، كفى ظلماً
إن تعدد مواقع الاحتجاجات وتنوع المشاركين من مختلف الفئات الاجتماعية، يؤكد أن الأزمة ليست قطاعية أو محلية فحسب، بل شاملة وعميقة.
لكن ما يلفت الانتباه بشكل خاص هو أن كردستان الإيرانية تقف اليوم في مقدمة الجبهة الاحتجاجية، مستعيدةً موقعها التاريخي في الدفاع عن الكرامة والعدالة.
المتظاهرون في كرمانشاه، نهاوند، ومناطق كردية أخرى، لم يطالبوا فقط بتحسين المعاشات أو الخدمات، بل أطلقوا نداءً واضحاً ضد التمييز، ضد الإقصاء، وضد نظام لا يسمع إلا نفسه.