مريم رجوي رئيسة لمرحلة ما بعد الملالي؟

مريم رجوي رئيسة لمرحلة ما بعد الملالي؟

بينما يعيش النظام الإيراني حالة من التأزم الداخلي والعزلة الخارجية، برز في باريس مشهد سياسي قد يختصر ملامح التحول التاريخي المنتظر في إيران

مريم رجوي رئيسة لمرحلة ما بعد الملالي؟

الخلیج بوست

بقلم: د. راهب صالح

– حقوقي وناشط في الشأن الإيراني

بينما يعيش النظام الإيراني حالة من التأزم الداخلي والعزلة الخارجية، برز في باريس مشهد سياسي قد يختصر ملامح التحول التاريخي المنتظر في إيران: بيانات دعم رسمية من أغلبيات برلمانية في عدد من الدول الديمقراطية، تُقدَّم علنًا إلى السيدة مريم رجوي، بوصفها رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، والبديل السياسي الجاهز للمرحلة المقبلة. ما جرى في مؤتمر “إيران الحرة 2025” لم يكن مجرد نشاط رمزي أو تجمّع تضامني عابر، بل هو تعبير سياسي عالي المستوى عن إعادة تشكيل المشهد الإيراني من الخارج إلى الداخل، واعتراف ضمني بأن هناك قيادة بديلة تملك رؤية، قاعدة دعم، ومشروعًا واضحًا لما بعد نظام ولاية الفقيه.

حين تقدم أغلبيات برلمانية في دول مثل ألمانيا، إيطاليا، هولندا، النرويج، آيسلندا، بريطانيا، ومولدوفا بيانات دعم مباشرة لزعيمة معارضة، فإننا لا نتحدث عن مجاملات دبلوماسية، بل عن تحول في مفهوم “الشرعية السياسية” المعترف بها دوليًا. هذه البيانات لا تمنح الشرعية فقط، بل تسحبها بشكل غير مباشر من النظام الحاكم في طهران، الذي بات يُنظر إليه على نطاق أوسع بوصفه فاقدًا للمشروعية الشعبية والدولية.

السيدة مريم رجوي لا تمثل فقط رأس هرم المعارضة الإيرانية، بل تحمل مشروعًا متماسكًا من عشر نقاط، يلتف حوله طيف واسع من السياسيين والمثقفين والنشطاء داخل وخارج إيران. مشروعها لا يقوم على الانتقام أو الإقصاء، بل على بناء دولة مدنية تعددية تقوم على فصل الدين عن الدولة، واحترام حقوق المرأة والأقليات، وضمان الحريات الأساسية. الأهم من ذلك أن هذا المشروع يُترجم إلى فعل منظم من خلال “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” ووحدات الانتفاضة داخل إيران، ما يخلق توازنًا فريدًا بين الداخل والخارج، بين الرؤية والتنظيم، وهو ما تفتقده معظم حركات المعارضة الأخرى.

الدعم البرلماني الذي قُدم لمريم رجوي لا ينفصل عن التحولات في الموقف الدولي تجاه طهران. كثير من البرلمانيين الذين وقعوا على بيانات الدعم تحدّوا حكوماتهم، ورفضوا “سياسة الاسترضاء” التقليدية، التي منحت النظام الإيراني غطاءً لممارسة القمع في الداخل وتصدير الفوضى في الخارج. هذه المواقف تمثل قوى سياسية شرعية داخل الأنظمة الديمقراطية، وبالتالي فهي تحمل وزنًا حقيقيًا يمكن أن ينعكس على السياسات الخارجية مستقبلاً، خاصة مع تصاعد الانتهاكات داخل إيران ومحاولات النظام تصدير أزماته.

ما كان يُعد خيالًا قبل سنوات بات اليوم يُناقش على المنصات الدولية: من سيقود إيران بعد سقوط نظام الملالي؟ والسيدة مريم رجوي هي الاسم الأكثر تكرارًا في هذا السياق، ليس فقط بفضل رمزيّتها، بل لأن مشروعها يتمتع بقبول دولي وبُعد ديمقراطي قابل للتطبيق. إن ما حدث في باريس ليس تتويجًا لحركة، بل هو إشارة البدء لمرحلة سياسية جديدة، مرحلة تُطرح فيها مريم رجوي بجدّية كـ”رئيسة المرحلة الانتقالية”، ويُطرح معها احتمال أن تشهد إيران ولادة نظام ديمقراطي طال انتظاره.