الرئيس في نظام ولاية الفقيه: لاعب شطرنج بلا أحجار!
الرئيس في نظام ولاية الفقيه: لاعب شطرنج بلا أحجار!

منذ اليوم الأول الذي وضع فيه النظام الإيراني جزمته على عنق الحرية، لم يكن منصب الرئاسة فيه سوى ظل مهتز على جدار قصر السلطة؛ ليس عموداً راسخاً، بل زينة كستار رقيق في مهب أهواء السلطان. في نظام يرتكز على نفس معيار العرش والتاج المكرر، ولكن على رأس فقيه مطلق، لم يكن الاستقرار متصوراً للمسؤولين الأدنى مرتبة، ولن يكون.

الرئيس في نظام ولاية الفقيه: لاعب شطرنج بلا أحجار!
منذ اليوم الأول الذي وضع فيه النظام الإيراني جزمته على عنق الحرية، لم يكن منصب الرئاسة فيه سوى ظل مهتز على جدار قصر السلطة؛ ليس عموداً راسخاً، بل زينة كستار رقيق في مهب أهواء السلطان. في نظام يرتكز على نفس معيار العرش والتاج المكرر، ولكن على رأس فقيه مطلق، لم يكن الاستقرار متصوراً للمسؤولين الأدنى مرتبة، ولن يكون.
انظروا إلى تاريخ الـ 46 عاماً الماضية: من معمّم وغير معمّم، وقف الجميع في طابور نهايته الهاوية. لم يتمكن أي منهم من تثبيت مكانته، لا بحكم القانون، ولا بأعراف الحكم، ولا بدعم من أصوات الشعب. كانت نهايتهم إما العزل والحصر أو الإذلال وفقدان الاعتبار. وكأنهم في هذه اللعبة، كانوا جميعاً أحجاراً محروقة منذ البداية.
والآن، يتردد اسم مسعود بزشكيان على كل لسان. أي أن دوره في الطاحونة قد حان. كتبت صحيفة “هم ميهن” في 13 أغسطس 2025 في عنوان قصير: “هل نصنع بني صدر جديداً؟”، محذرة إياه بلسان حاد كالسيف: “مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ الْغَنَمَ فَقَدْ ظَلَمَ”. ثم تنتقد نواب برلمان النظام الذين جلسوا على مقاعدهم بأدنى عدد من الأصوات يفتقرون إلى الشرعية الشعبية. لاحظوا هذه المقارنة: “المؤسسة التي عزلت بني صدر كانت منبثقة من قلب الشعب. كان متوسط أصوات النواب العشرة الأوائل في طهران في المجلس الأول يتجاوز المليون وأربعمائة ألف صوت. بينما لا يملك نظراؤهم في المجلس الحالي حتى ثلث هذا العدد. إن الشرعية أو الدعم الشعبي لهؤلاء النواب أقل بعشر مرات تقريباً من ذلك المجلس”.
وخلصت إلى القول: “أنتم الذين لا شأن لكم بالحكمة!”.
وكتب عباس عبدي أيضاً في صحيفة “اعتماد” في 13 أغسطس: “بدون حل هذه المعضلة الخطيرة التي يمثلها المتشددون، من المستحيل أن تسير سياسات البلاد في مسار عقلاني”. ثم يصف خصائص خصوم الجناح الآخر: “يفتقرون إلى أدنى درجات المسؤولية، ولديهم رؤية قيامية، و يؤمنون بالتنجيم والنبوءات والأرواح والطلاسم، وهم طائفيون وعنيدون للغاية. ينظرون إلى الحكم والدولة كأنهما ملكية شخصية، ولهم باع طويل في منح الشهادات وتوظيف من يريدون بغض النظر عن انعدام كفاءتهم”.
هذه هي الصورة الكاملة لحكام ومديري ولاية الفقيه؛ ولا عجب أن يكون نتاج مثل هذه البنية والإدارة بلداً يحمل على كل شبر من أرضه جرحاً من أزمة، ويتعاظم ظل المأزق في سياسته واقتصاده يوماً بعد يوم.
في هذا النظام، إما أن يرضخ الرئيس دون قيد أو شرط لدور السكرتير الخاص للولي الفقيه، أو أن يكون مستعداً لأن يُطرد من الساحة يوماً ما بنفس اليد التي وضعته في منصبه. يبدو أن الولي الفقيه يصطاد رئيساً كل أربع سنوات، ثم بعد فترة وجيزة، يضحي به على مائدة سلطته المطلقة! إن أسس مبنى الرئاسة في نظام ولاية الفقيه مبنية على الهواء.
مثل هذا القائد وهؤلاء المسؤولين، يرون أن على الشعب أن يدفع ثمن “عناد” العصابات و”خرافات” الحكام المبتذلة. في مواجهة مثل هذه البنية التي يعترف عناصرها أنفسهم بأن جذورها تكمن في اغتيال العقل ولم تكن نتيجتها سوى تدمير الحرث والنسل، وفي مواجهة بنية يقوم جوهرها على تمثيلية المسؤولين المنتخبين وإقصاء الحكمة الجماعية، هل يبقى هناك من سبيل سوى التغيير الجذري وإنهاء هذه الدوامة المتكررة؟